موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٥ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠

أفرح بالرغم من الظروف الراهنة!

بقلم :
مايكل عادل ماركو - المجر
السعادة ليست مجرد شعور داخلي بالرضى، إنما هو تذوق الحب الإلهي

السعادة ليست مجرد شعور داخلي بالرضى، إنما هو تذوق الحب الإلهي

 

 

بلا شك أن عيد الميلاد لعام 2020 مختلف عن الأعياد السابقة، حيث يأتي في ظل حالة من الخوف والحزن بسبب انتشار فيروس الكورونا، ولكن رسالة عيد الميلاد لهذا العام تقول أفرحوا بالرغم من هذه الظروف. ولا تخافوا ها إني أبشركم بفرح عظيم يكون فرح للشعب كله، ولد لكم الفرح والمخلص الحقيقي الذي يستطيع إسعاد وإنارة قلوبنا بنوره المشرق مهما كانت الظلمة.

 

ولكن كيف نفرح؟ وما هو الفرح؟ كيف تفرح أسرة لا تجد مكانا لولادة أبنها؟

 

كيف تفرح أسرة أمام غلظة قلوب ناس لم يعطوا لهم يتيحوا مكان لأبنهم البكر؟

 

لمست في قراءات زمن الاستعداد وفي قراءات عيد الميلاد مخطط الله المفرح لقلب مريم العذراء ويوسف الصديق، قلوبهما الطاهرة استحقت أن تشارك في الفرح الإلهي. فشخصية العذراء مريم ويوسف الصديق لا تختلف كثيرا عن شخصيتنا، كما أثقلت الدنيا قلبهم بأعبائها وبالقيل والقال وبالنظرات القاتلة تثقل قلوبنا أيضا. ولكن بالرغم من كل ما حدث صدقت مريم الشابة ما سمعته لذلك عاشت أجمل تجربة مع الله. وهكذا يوسف النجار شعر بأهمية دوره الذي أوكله له الله لذلك أختبر قيادة الله للأمور حتى وان ظهرت مستحيلة في عين البشر. أتحد قلب مريم ويوسف بقلب السيد المسيح قبل أن يولد، وهذا الإتحاد سمح للطفل يسوع أن يولد في أسرة محبة خاضعة لإرادة الله الخالق، وأستطيع أن ينشر الفرح الإلهي في قلب مريم ويوسف. فرح ليس مثل الفرح الأرضي.

 

في عالمنا المعاصر يجد الإنسان نفسه أمام نظريات التسوق وسيلة يتم استخدامها للربح المادي، فأغلب الإعلانات، وإن كانت تحمل في ظاهرة فائدة إلى أنها، هدفها في النهاية هو استخدام الإنسان لربح مادي. لكن الوضع مختلف مع الله الخالق، لأني أنا وأنت هدف له وليس وسيلة، هدف أستحق أن يرسل أبنه الوحيد ليتجسد لأجلنا نحن البشر. ولقد أحبنا بدون أي أغراض خفية. حب نقي خالي من المنافع والمصالح الأرضية. هذا الحب لما عرفناه بدون تجسد السيد المسيح، هذه التضحية لما عرفناها لم ضحى الله الأب بابنه من أجل كل شخص، وهذا الفرح الحقيقي لما شعر به يوسف ومريم إذا ما تجسد السيد المسيح.

 

فالفرح والسعادة الإلهية ليس مجرد شعور داخلي بالرضى وارتياح القلب، إنما هو تذوق الحب الإلهي وتجسد السيد المسيح في القلوب واتحادنا معه كليا، في حب بلا شروط. وهذه هي اعجوبة الميلاد إدخال السعادة والفرح الإلهي بالرغم من الظروف الأرضية إلى قلوبنا، أعجوبة الميلاد تحدث كل يوم يتجسد فيها السيد المسيح في داخل قلوبنا.

 

أعلن اشعياء النبي في اصحاحه التاسع بأن "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما الجالسون في بقعة الموت وظلاله أشرق عليهم نور" كما حمل الإنجيلي لوقا الطبيب في إصحاحه الثاني رسالة الملائكة "لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب".

 

ولذلك أستطيع القول بأن فرح الميلاد يستطيع أن يضئ القلوب المظلمة، ويدخل السرور والغبطة على القلوب بالرغم من أصعب الظروف. وأمام الظروف الراهنة يظهر احتياجنا إلى فرح خارجي إلهي وليس أرضي. لأن الفرح الإلهي يلمس قلبنا بحب غير متناهي، وهذا الحب يظهر أن إلهنا لا مثيل له بين الآلِهَة فمن من الآلهة تجسد من أجل أحبائه. تجسد نابع من رغبة منه في إظهار الحب الحقيقي المقترن بالتضحية الحقيقية.

 

يا طفل المذود تعال وتجسد في قلوبنا ليتجسد معك الفرح الحقيقي،

يا يسوع المسيح يا من جسد الحب الإلهي علمنا كيف نحب حبا حقيقا.

أنر يا رب حياتنا لنرى عملك بالرغم من كل الصعوبات والظلمة المنتشرة،

فنورك يشرق في الظلمة ويظهر محبتك الحقيقية المجانية.

يا من لم يكن له مكان ليولد خذ من قلبي مكانا لولادتك، فأنال شرف تجسدك وأشترك معك في فرحة عيد ميلادك.