موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢

أعيادنا المجيدة: أمريكا مثالاً والأردن نموذجًا

بشار جرار

بشار جرار

بشار جرار :

 

ميلاد مجيد لكل مؤمن بصاحب العيد، السيد المسيح، كيفما آمنّا به هو الحيّ العائد حتما.. هكذا يؤمن المسلمون والمسيحيون كافة. هكذا «ربينا» قبل أن تكون المعايدة وصيغتها موضوعا للنقاش!

 

ما زلت أذكر أول عهدي بكريسماس في أمريكا قبل عقدين. لأول مرة أتعرّف على مفهوم الطوائف! هؤلاء يحتفلون اليوم، وأولئك الأسبوع المقبل. عرفت من نشمي مسيحي أردني أمريكي حينها، أن في بلاد العم سام طائفة لا تحتفل أصلا بالعيد، وهم «شهود يهوه» الذين يحتفلون فقط بالعيد الكبير، عيد الفصح المجيد، عيد القيامة..

 

وعرفت أيضا من زملاء من الجيل الأول والثاني من الأمريكيين العرب، مسلمين ومسيحيين، أنه ولتقارب أعياد أخرى منها عيد الأنوار اليهودي «حانوكا»، فإن الأنسب اعتماد الصيغة «المحايدة» الآتية: أعياد سعيدة.. سعدت بحرص المؤسسات الرسمية والمهنية في أمريكا على احترام وحماية التنوع الديني والثقافي والعرقي في بلاد قامت على أسس استقبال المهاجرين كافة، ما دام العقد الاجتماعي القائم هو تلك البوتقة التي تصهر الجميع.. «ميلتينغ بوت» هي سر عظمة أمريكا وشرطها الوجودي..

 

منذ ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق باراك حسين أوباما، تمادى اليسار المتطرف في تغوّله. باسم الحرص على «الانفتاح» على الجميع و«قبول» كل ما يبدر عنهم، ضاعت «البوتقة» على غرار ما يعرف في ثقافة المشرق بضيعان «الطاسة»! صارت معايدة «ميري كريسماس» تثير حفيظة الجميع عدا التجّار! تقول لموظف في القطاع العام أو الخاص «عيد ميلاد مجيد» فيرد عليك مصححا وكأنه من القيّمين عليك: أعياد سعيدة.. الاستثناء الوحيد كان قسم المحاسبة في المتاجر. تعتمد الصيغة التقليدية في المعايدة فتسمع الرد بأحسن منها: ميلاد مجيد لك و(لمن تعول، لمن تحب، لكل من وما يعنيك)..

 

تصادف أن كان احتفالي وأسرتي بعيد الشكر في ثاني سنوات الغربة والهجرة، فتعرفت على ميثاق يجمع أسر المحتفلين بتلك الأعياد الرئيسية: عيد الشكر، عيد الميلاد وعيد الفصح أو القيامة. ثمة اتفاق غير مكتوب يرجع إلى أيام الخطوبة حول حصص أهل العروس والعريس من تلك الأيام المباركة، فالأمر يتطلب كثيرا من السفر والترتيبات اللوجستية التي لا علاقة لها بالأديان والطوائف والعقائد السياسية..

 

ما أجمل ذلك الميثاق، وقد فاخرت من جمعتنا بهم تلك الأعياد من الأخوة، بالميثاق الأردني بين الطوائف الشرقية والغربية: حيث يحتفل الأردنيون بعيد الميلاد المجيد معا حسب التقويم الغربي، فيما يحتفلون بعيد الفصح أو القيامة المجيدة معا، حسب التقويم الشرقي.

 

قلت «أردنيين» وأعنيها، خاصة عيد الميلاد الذي يجمع عليه الجميع بمن فيهم الأردنيون المسلمون. فكل عام و«ربعنا» و«ديرتنا» بخير. والله أسأل أن نعيش ميلادا دائما متجددا في أردن الهواشم، وسائر مشرقنا العظيم والناس أجمعين..

 

(الدستور الأردنية)