موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٤ فبراير / شباط ٢٠٢١

أحد الابن الشاطر 2021

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
فلذلك أَصرخُ إليكَ كالاِبن الشّاطر هاتفًا: أخَطِأتُ أمامَك. فاقبَلني تائبًا، واجعلني كأحد أُجَرائك

فلذلك أَصرخُ إليكَ كالاِبن الشّاطر هاتفًا: أخَطِأتُ أمامَك. فاقبَلني تائبًا، واجعلني كأحد أُجَرائك

 

الرسالة

 

لتكُن يا ربُّ رَحْمتكَ علينا

ابتهجوا أيُّها الصدّيقون بالربّ

 

فصلٌ من رسالة القدّيس بولس الرّسول الأولى إلى أهل كورنثوس (6: 12-20)

 

يا إخوة، كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن ليس كلُّ شيءٍ يوافق. كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن لا يتسلَّطُ عليُّ شيءُ. إنَّ الأطعمة للجوفِ والجوفَ للأطعمة وسيُبيدُ الله هذه وتلك. أمَّا الجسدُ فليسَ للزِّنى بل للرَّبِّ والرَّبُّ للجسد. واللهُ قد أقام الرّبَّ وسيقيمنا نحن أيضاً بقوَّته. أما تعلمون أنَّ أجسادَكم هي أعضاءُ المسيح؟ أفآخذُ أعضاءَ المسيح وأجعلُها أعضاءَ زانيةٍ؟ حاشا. أما تعلمون أنَّ من اقترنَ بزانية يصيرُ معها جسداً واحداً، لأنَّه قد قيلَ يصيران كلاهما جسداً واحداً. أمَّا الذي يقترنُ بالرَّب فيكون معه روحًا واحداً. اُهربوا من الزِّنى. فإنَّ كلَّ خطيئةٍ يفعلها الإنسانُ هي في خارج الجسد. أمَّا الزَّاني فإنه يخطئُ إلى جسده. ألستم تعلمون أنَّ أجسادَكم هي هيكلُ الرُّوح القدس الذي فيكم، الذي نلتموه من الله، وانَّكم لستم لأنفسكم لأنَّكم قد اشتُريتم بثمن؟ فمجِّدوا الله في أجسادِكم وفي أرواحكم التي هي لِلَّه.

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس لوقا (15: 11–32)

 

قال الربُّ هذا المثَل . انسانٌ كان لهُ ابنان * فقال اصغرُهما لأَبيهِ يا أَبتِ أَعطِني النصيبَ الذي يخصنُّي من المال . فقسم بينهما معيشَتَهُ * وبعد ايامٍ غير كثيرةٍ جمع الابن الاصغر كلَّ شيءٍ لهُ وسافر الى بلدٍ بعيدٍ وبذَّرَ مالهُ هناك عائشًا في الخلاعة * فلمَّا أَنفَقَ كلَّ شيءٍ لهُ حدثت في ذلك البلد مجاعةٌ شديدةٌ فأخذ في العَوَز * فذهب وانضوى الى واحدٍ من اهل ذلك البلد فارسلهُ الى حقولهِ يرعى خنازير * وكان يشتهي ان يملأَ بطنهُ من الخرنوب الذي كانتِ الخنازير تأكلهُ فلم يُعطِهِ احدٌ * فرجع الى نفسهِ وقال كم لأَبي من أُجَراء يفضُل عنهمُ الخبز وانا أَهِلك جوعًا * أقوم وامضي الى ابي واقول لهُ يا أَبتِ قد أَخطَاتُ الى السماء وامامك. ولست مستحقًّا بعدُ ان أُدعَى لك ابنًا فاجعَلني كأَحد أُجَرائـِك * فقام وجاء الى أبيهِ . وفيما هو بعدُ غير بعيدٍ رآهُ ابوهُ فتحنَّن عليهِ واسرع وأَلقى بنفسهِ على عنقهِ وقبَّلهُ * فقال لهُ الابن يا أَبتِ قد أَخطات الى السماء وامامك ولست مستحِقًّا بعدُ ان أُدعى لك أبنًا * فقال الأَبُ لعبيدهِ هاتوا الحلَّة الاولى وأَلبِسوهُ واجعلوا خاتمًا في يدهِ وحِذاءً في رجلَيهِ * وأتوا بالعجل المسمَّن واذبحوهُ فناكلَ ونفرَح * لانَّ ابنيَ هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالاًّ فوُجد. فطفِقوا يفرَحون * وكان ابنَهُ الاكبرُ في الحقل . فلمَّا اتى وقرُب من البيت سمع اصواتَ الغِناء والرقص * فدعا احد الغِلمانِ وسأَلهُ ما هذا * فقال لهُ قد قدمَ اخوك فذبح ابوك العجلَ المسمَّنَ لانَّهُ لقيَهُ سالمًا * فغضب ولم  يُرِدْ ان يدخل. فخرج ابوهُ وطفِق يتوسَّلُ اليه * فاجاب وقال لأَبيهِ كم لي مِنَ السنينِ اخْدمُكَ ولم أَتَعـَدَّ لك وصيَّةً قطُّ وانت لم تُعطِني قطُّ جَديًا لأَفرحَ معَ اصدقائي * ولَّما جاء ابنَك هذا الذي اكل معيشَتَك معَ الزواني ذبحتَ لهُ العجلَ المسمَّن * فقال لهُ يا ابني انت معي في كلّ حينٍ وكلُّ ما هو لي فهو لك * ولكن كان ينبغي أن نفرَحَ ونُسَرَّ لانَّ اخاك هذا كان ميّتًا فعاشَ وكان ضالاًّ فوُجد.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

أيها الأحباء: كل مرة عندما نقرأ هذا المقطع الإنجيلي من مثل الأبن الضال، ننذهل حقًا برحمة الأب المحب. لقد أعد للأبن المرتد والناكر للجميل قبلة أبوية وعناق ترحيبي، وخاتم قوة، وسترة مبهجة وأخيراً احتفالاً كبيراً حيث يضحى بالعجل المسمن. أخيرًا يدخلون معًا إلى مائدة فرح رائعىة لأنها تشع فرح القيامة، لأن هذا الابن "كان ميّتًا فعاشَ وكان ضالاًّ فوُجد".

 

هذا الابن المرتد والمحاصر في أنانية غير عقلانية، يغني لنفسه سيرة ذاتية عن عواطفه مشحونًا بالغضب المعقد لأنه لا يستطيع تحمل الحب الأبوي اللامتناهي، مع الإغراء المبتهج بالاستقلالية عن كل شيء، يقرر عزل نفسه عن جسد الفرح الحقيقي لمشاركة قمة المتعة باسم مستعار. لقد طغى عليه "رب عمله في البلد البعيد"، وسحر بهذه التجربة المغرية المؤقتة التي اظلمت عقله.

 

في يوم من الأيام يسافر إلى الخارج ليبرر نفسه. وعلى الرغم من آلامه ، فإن والده يدير نصف ممتلكاته ، ولا يحرمه من رعاية "المواهب". لكنه متعفنًا مثل حصان جامح ، سرعان ما يهدر مواهبه الأبوية في طينة المتعة. الآن أصبح وحيداً بعد أن بذر أمواله ، مندهشاً من خيانة الجميع. يريد أن يشبع جوعه مع قطعان الخنازير بالخرنوب التي كانت تأكل منه. أصبح يعيش في جحيم مروع لأنه تخيل جنة "فاشلة". الحنين بالعودة بسبب شلل أنانيته.

 

يعيش بدوامة لأنه يعتقد أن الأب لن يتمكن من قبوله إلا في منزل الأب كعبد. إنه يعاني من الخوف. هو على بعد خطوات عن طريق العودة، غادر بمجد وكبرياء، يعود بألم، مندهشا وخجلاً كمذنب. توبته تمزق الروح. وقبل أن ينطق بكلمة اعتذار، يكون الآب إلى جانبه بالفعل. يأخذه بين ذراعيه ، ويعيده إلى المجد، ويجعله أحد المساهمين في فرحته. في شكوى الأخ الأكبر بأنه غير متسامح مع ردة الفعل "غير المتوقعة". يرد عليه بالبساطة والحب المؤثر: "يا أبن أنت دائمًا معي وكل ما يخصك، لنبتهج ونفرح، لأن أخوك هذا كان ميتًا وعاد حيًا.

 

من خلال هذا المقطع الذي وضعه آباء كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة في المرتبة الثانية على التوالي في التهيئة للصوم الأربعيني المقدس يوضحوا لنا مدى قوة التوبة.

 

يتبين لنا ان طريق العودة وكافة الأعذار التي يقدمها أولئك الذين يترددون في العودة إلى الكنيسة، إلى بيت إلههم، هي آمال لا تمت إلى الحقيقة بصلة. فكل التائبين احتضنهم الله الذي لا يعاقب بل يغفرعن ذنوبهم ومحباً للقلوب المتواضعة والمتعبة.

 

إذا غمرنا اليأس من التبذير والاعتقاد بأننا لا نستطيع أن نخلص بسبب خطيئتنا الجسيمة. فلنتأمل في الضال الذي بعد أن نأى بنفسه واختبر كل الملذات ، ثم تاب وفاز بفرح العودة واستقبال والده له. على العكس من ذلك ، دعونا لا نبدو صغارًا مثل الأخ الأكبر لهذا المثل الذي على الرغم من كونه عادلاً  في ظاهره لكنه دمر بحسده فرحه وأثبت أنه خارج خدر المسيح .

 

فالتوبة ليست عملاً سلبيًا الذي من خلاله يكتشف الإنسان ضعفاته بل وهلاكه التام، إنما هي عمل إيجابي فيه يقبل المؤمن مسيحه كسرّ قيامته وحياته، ليعيش كل أيام غربته مختبرًا الحياة الجديدة، منطلقًا من قوَّة إلى قوَّة، ومتمتعًا بمجد وراء مجدًا، ونعمة فوق نعمة.

 

أذرع الكنيسة مفتوحة لنا جميعًا. الكنيسة لها رداء المعمودية والتوبة، وخاتم وعد العهد مع المسيح، وحذاء القداسة لسحق رأس الشيطان العدو الوهمي، وأخيرًا الذبيحة الكبرى، العجل الخروف، المسيح الحاضر والحي في سر االشكر الإلهي (الإفخارستيا).

 

فرحة القيامة في حياة الشركة في الكنيسة المقدسة: "تذوقوا وانظروا أن الرب صالح"، حقًا يا إخوتي ستنالون الفرح الأبدي.

 

بعد كل هذا نحن المسيحيون لدينا مثل هذا المنزل الجميل والدافئ، كنيسة المسيح لدينا مع شركة جيدة، تلك الخاصة بقديسينا، ومثل هذا الأب الصالح والرحيم، الذي يغفر لنا دائمًا بغض النظر عن مقدار حزننا عليه. ونحن نسأل عن الزائل، الزائف، القابل للتلف، الصغير والقبيح، بينما يمكننا الاستمتاع بعظمة احتضانه كل يوم والأستمتاع بها؟

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الخامس

لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة الـمُساوي للآبِ والرُّوح في الأزليَّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراء لخلاصِنا، لأنَّه سُرَّ بالجسد أن يَعْلُوَ على الصَّليبِ ويحتَمِلَ الم ويُنْهِضَ الموتى بقيامتِهِ المجيدة.

 

قنداق أحد الابن الشاطر باللحن الثالث

لمّا عصيتُ مجدَك الأبويَّ عن جهل وغباوة، بدَّدتُ في المساوىء الغِنى الذي أعطيتَنيه أيُّها الأب الرَّؤوف. فلذلك أَصرخُ إليكَ كالاِبن الشّاطر هاتفاً: أخَطِأتُ أمامَك. فاقبَلني تائباً، واجعلني كأحد أُجَرائك.