موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٣ يونيو / حزيران ٢٠٢٢

يوحنا آخر أنبياء العهد القديم

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
يوحنا آخر أنبياء العهد القديم

يوحنا آخر أنبياء العهد القديم

 

على دُفْعاتٍ أرسلَ الله لِشعبِهِ عِدَّةَ أنبياء

يُوجِّهونَهُ لِعملِ الخَيرِ بل تحاشِي الرّياء

 

آخِرُهمْ كان يوحنّا المعمدانَ ابْنَ زكريا

كلامُهُ لا مَظْهرُهُ كان يُشِعُّ نوراً سِرِّيا

 

هذا الكلامُ اخْتَرقَ عُقولَ وقُلوبَ السّامعين

حتّى افْتَكروا أنَّهُ المُخلِّصُ المُنتظرُ المُبين

 

في الإنجيلِ نقرأُ يوحنّا المعمدانُ ما كانَ النّور

بلْ كان شاهِداً للنٌّورِ الّذي سَيَظْهَرُ بَعْدَ شهور

 

بِهِ سَتنقلِبُ الظُّلْمَةُ إلى بريقٍ داخِليٍّ يُجدّدهم

هذا النّورُ كان عِندهُمْ وعنِ السّوءِ سيبعدهم

 

غُيومُ خطاياهُمْ ومُخالفاتُهُمْ لِوصايا الله العديدة

كانَتْ أَعْمَتْهُم عَنْ رُؤيةِ ذا النّورِ لِبدايَةٍ جديدة

 

ولمّا جاءَ إلى خاصَّتِهِ لا لمْ تتعرَّفْ خاصَّتُهُ عليه

أمَّا الّذينَ تعرَّفوا عليهِ وآمنوا قدْ دَعاهُمْ أَبناءَ أبيه

 

هُمْ ما وُلِدوا مِنْ بَشَرٍ بلْ وِلادَتُهُمْ مِنْ حِضْنِ الله

الّذي اخْتارَهُمْ للشّهادَةِ والعِبادَةِ بالحُبِّ والصّلاه

 

وحتّى هُمْ لا يَنسوهُ أَرْسَل ابْنَهُ لَهُمْ وسكنَ بينهم

أظَهرَ حُبَّهُ الّذي هَدَفُهُ كانَ مَعْ أبيهِ أن يُصلحهم

 

وإذِ الكلمةُ صارَ جسداً وحلَّ بيننا فالخبرُ تحققا

والآبُ مَجَّدَهُ فصارَ تبشيرُهُ مملوءً نِعمةً وحقا

 

هذا ما نادى بهِ يوحنّا للتَّعرُّفِ على أساسِ الدّين

وكَمُرْسَلٍ من الله قد هَيَّأ قلوبَ النّاسِ المستعدين

 

موسى أَعطى لِشعبِهِ النّاموسَ وَهْوَ كلامٌ لا عمل

لا يُطهِّرُ القلوبَ فالتّطْهيرُ نعمةٌ مِنَ الله فيها أمل

 

يوحنّا كانَ مِثالاً في العيشِ وصاحِبَ رِسالَةٍ دينية

صَدَّقَتْهُ الجماهيرُ فأظْهرَ مِنهُمْ كثيرونُ حُسْنَ النية

 

تابُوا واعْتَرفوا بِزلّاتِهمْ وقَبِلوا مِنْهُ بِمَعْمودِيَّةَ التوبة

لذا قد صاروا على رأسِ المبشِّرينَ برِسالَةِ المحبة

 

يا يوحنا!

 

لَكَ الفضلُ الكبيرُ في تحضيرِ القُلوبِ للمسيح

لذا قال عَنْكَ أنتَ لَسْتَ قّصْبَةً في مهبِّ الريح

 

ذاعَ صِيتُكَ في الجليلِ وعلى ضِفافِ نَهْرِ الأردن

جاءَكَ جُمْهورُ التّائبين مِنْ جُنودٍ وَجُباةٍ مِنَ المدن

 

ماذا نعملُ؟ سـألوكَ لِنَتَعرَّفَ على النّبيِّ المنتظر

قُلْتَ تُوبوا ولا تَظْلُموا فَشَرُّكُمْ بَيْنَ النّاسِ انتشر

 

وفي عِظاتِكَ وَرَدَتْ أقسى الكَلِماتُ بالفريسيين

أولادَ الأفاعيْ أسمَيْتَهُمْ لِخُبْثِهمْ أمامَ المستمعين

 

ثمّ ألْحَقْتَ كلامَكَ بِغسلِ الجبينِ بِعلامَةِ التّطهير

وبِغَسْلِ الجبينِ بِماءِ العُمّادِ نحنُ أبناءَ الله نصير

 

وفجأة وقف قدّامك مَنْ هو ليس بحاجة لعمّاد

لكنّه أصرّ على قُبولِهِ فَهْوَ كذا نيابَةً عنّا أراد

 

ولمّا خرج من النَّهرِ فوقَهُ السّماءُ انفتحت

وأثْبَتَتْ أنّهَ ابنُ الله فالجماهيرُ كلُّها فرحت

 

يا يوحنا!

 

ترَكْتَ الصّحراءَ ورُحْتَ إلى المُدُنِ عنه تنادي

يا جماهيرُ يأتي بعدي مَنْ كان قبلي هو حياتي

 

كرَّسْتَ باقي حياتِكَ لِفَتْحِ القُلوبِ ونَبْذِ العداوات

والعيشِ حَسْبَ وصايا الله العَشْرَ لا بالمخالفات

 

إثمروا ثِماراً شَهيَّةً وإلا فالفأسُ على أساسِ الشجرة

الّتي لا تُعطي ثمراً تُقطَعُ وتُلقى في النّارِ المُحتسرة

 

لا تظنّوا أنَّكُمْ ستَخْلصون لأنّكُمْ أبناءُ إبراهيمَ الخليل

فَرَبُّكُمْ قادِرٌ أنْ يُقيمِ مِنَ الحِجارَةِ أبناءً له مِنَ الجليل

 

لمّا جاءَ دورُكَ أنْ تَحْمي الزّواجَ كما يسوعُ قَدْ فعل

وَجَدّتَّ هيرودسَ بالفُسْقِ غارقاً وزوجةَ أخيه شمل

 

لا يَحِقُّ الطّلاقُ لا للملوكِ ولا لأيِّ مُواطِنٍ بسيط

فكيفَ يَحِقُّ لكَ الزّواجُ من امرأةْ أخيك أنتَ عبيط

 

فاغتاظَ هيرودسُ مِنْ يوحنا فاقتاده إلى السجن

كي يُسْكِتَه أمّا أنْ يَقْتُلْه فكادَ يخافُ على الأمن

 

ويوما على عيدِ ميلادِهِ أقامَ حَفْلَةً كبيرةً لا تُباهى

لَمَعَتْ بِرَقْصِها للضُّيوفِ ابنة زوجَتِهِ لا يُضاهى

 

فَحَلَفَ لها اطلُبيْ ولَوْ نِصْفَ مَمْلكتي لَكِ مكافأه

فاستشارتْ أمَّها فقالتْ رأسَ يوحنّا هذا جزاءَه

 

هيرودس ما كان مُلْزَماً لكنَّ الخَمْرَ جَعَلَتْهُ ينسىى

فصارَ الخيرُ شرّاً والشرُّ خيراً في رأسِ مُحتسى

 

بِسَبَبِ سُكْرِهِ لَمْ يَرْجَعْ هيرودسُ عَنْ وَعْدِهِ المَغلوط

أرْسَلَ السّيافَ فَجاءَ بِرأسِ يوحنّا على طبقٍ محطوط

 

هذي نِهايةُ الصّالِحِ والعبدِ الأمينِ إنْ دافَعَ عن الحق

فالتِّلميذُ يُضْطَهَدُ كالمُعلِّمِ لِذا أجرُهُ كبيرٌ بَلْ مُستحق