موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"قبْلَ أنْ نُصَلِّيَ مِن أجلِ جَميعِ ضَحايا الحَرْبِ في هذهِ المَدينة، المُوصِل"، قال البابا فرنسيس، "أَوَدُّ أنْ أُشارِكَكُم هذهِ الأفكار:
إنْ كانَ اللهُ إلَهَ الحَياة -وَهُوَ كَذَلِك- فلا يَجُوزُ لَنا أنْ نَقْتُلَ إخْوَتَنا باسمِه.
إنْ كانَ اللهُ إلَهَ السَّلام -وَهُوَ كَذَلِك- فلا يَجُوزُ لَنا أنْ نَشُنَّ الحَرْبَ باسمِه.
إنْ كانَ اللهُ إلَهَ المَحَبَّة -وَهُوَ كَذَلِك- فلا يَجُوزُ لَنا أنْ نَكْرَهَ إخْوَتَنا.
"والآن لِنُصَلِّ معًا مِن أجلِ جَميعِ ضَحايا الحَرْب، لِكَي يَمْنَحَهُم اللهُ القَدير الحَياةَ الأبَدِيَّةَ والسَّلامَ الذي لا نِهايَةَ لَهُ، ولْيَسْتَقْبِلْهُم في حُبِّهِ وحَنانِه. ولْنُصَلِّ أيضًا مِن أجلِنا جَميعًا، حتى نَعيشَ في وِئامٍ وَسَّلامٍ مُتَجَاوِزِينَ الانتِمَاءاتِ الدِينِيَّة، لأنَّنا نُدرِكُ أنَّنا جَميعًا في عَينَيِ اللهِ إخوَةٌ وأخَوات".
استهل قداسة البابا فرنسيس عظته بتعليم يذكر الانسانية ولجميع من هم في العِراقِ وفي جَميعِ أنحاءِ الشَّرْقِ الأوْسَط بهذه الثلاثية التي يذكر بها الإنسانية بما حدث ويحدث من صراعات في هذا العالم، وفي تحليل لهذه الرؤيا والنص الذي سيخلده التاريخ لفكر قداسة البابا فرنسيس سنجد من خلال:
موعظة اللأت الثلاثة:
قداسة البابا فرنسيس في مدينة الموصل في يوم 7/3/2021 وخلال زيارته التاريخية إلى العراق وليتراس هناك الصلاة والاستذكار المؤلم، لأرواح "ضحايا الإرهاب والحرب" فيها مرحبًا بعودة المسيحيين إلى مدينة الموصل، والذي اقامته ابرشية الموصل للسريان الكاثوليك في كنيسة التراث والتاريخ (كنيسة الطاهرة) وكذلك للاطلاع على ما أصاب هذه المدينة التأريخية من دمار وخراب على يد قوى الظلام والعنصرية، وفي خلال ذلك الاستذكار المؤلم قدم قداسته عظة تاريخية استهلها بتعليم انساني وفكري واسع مقدمًا قناعته بضرورة ان نتعلم العبرة مما حدث. وسأحاول تعزيز الأفكار الي قدمها قداسة البابا في عظته واضيف اليها التعليم كما وردت في الكتاب المقدس لتعزيز الرؤيا والتفسير لها وكما يلي:
1- قدم قداسة البابا فرنسيس قناعته من خلال موعظة حوش البيعة في الموصل:
بأن ننهى عن اشراك مسمى الله في القتل وشن الحروب ونشر الكراهية بين البشر وخص العراق والشرق الأوسط بذلك وكأنه يقدم لنا موعظة جديدة باسم الرب يسوع المسيح والتي عرفت العالم و ميزت له ما الذي حدث ويحدث في المنطقة من عذابات واضطهاد وتهجير وارهاب منظم لإفراغها من مكوناتها القومية والعرقية هذا من جانب والأخر هو ان قداسة البابا قدم تعليما رسوليا لفكرة الحياة والسلام والمحبة بتسلسل روحي رمزي لما يجب تداوله من اجل انهاء الصراعات في كل العالم والتعايش بين البشر وفي تحليل لما ورد في الموعظة سنجد ان هناك عمق في المحتوى الفكري و النفسي والارشادي كما ونوعا.
2- قدم قداسة البابا فرنسيس لنا قناعته في الاخوة:
بأن الأخوة أقوى من قتل الإخوة والرجاء أقوى من الموت، ففي العهد القديم لنقرأ كما في المثال: "لاَ تَقْتُلْ" (الخروج 13:20)، وفي العهد الجديد نقرأ: “قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ”(متى 21:5)، ونقرأ: "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ" (متى 22:5). أن السلام أقوى من الحرب فالكتاب المقدس يشير إلى "وَيَكُونُ صُنْعُ الْعَدْلِ سَلاَمًا، وَعَمَلُ الْعَدْلِ سُكُونًا وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ" (إش 32: 17)، "وَرَبُّ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُعْطِيكُمُ السَّلاَمَ دَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الرَّبُّ مَعَ جَمِيعِكُمْ" (2 تس 16: 3)، "سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" (يو 14: 27).
لقد نطق قداسة البابا بهذه القناعة بصوت أكثر بلاغة من صوت الكراهية والعنف، وقالها إنه لا يمكن أن يخنق صوت التعايش والمحبة وسط الدماء التي تسبب في إراقتها من يمارسون الإرهاب والاضطهاد والقتل والسبي والاستعباد ويشوهون مسمى الله ويسيرون في طرق الدمار، "سمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لَا تُقَاوِمُوا ٱلشِّرِّيرَ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ ٱلْأَيْمَنِ، فَأَدِرْ لَهُ ٱلْآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحَاكِمَكَ وَيَأْخُذَ قَمِيصَكَ، فَٱتْرُكْ لَهُ رِدَاءَكَ أَيْضًا" (مت 5:38–40)، بالإضافة لدعوة يسوع إلى المحبة والإحسان تجاه الأعداء، “وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (مت 5:44).
واشار قداسته "لنرفع اليوم صلاتنا إلى الله الاب من أجل جميع ضحايا الارهاب والحرب والنزاعات المسلحة، وهنا في الموصل تبدو واضحة جدا عواقب الحرب والعداوات المأساوية"، إنها لقسوة شديدة لتكون هذه البلاد مهد الحضارات قد تعرضت لمثل هذه العاصفة اللاإنسانية، التي دمرت دور العبادة القديمة وألوف الناس، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو اخرين ممن تم اقتلاعهم من ارضهم بحجة الدين والمذهب، "أَنْقِذْنِي يَا رَبُّ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ. مِنْ رَجُلِ الظُّلْمِ احْفَظْنِي" (مز 140: 1).
3- قدم قداسة البابا فرنسيس قناعته في الصلاة:
وأشار، إلى أنه قبل أن نصلى من أجل جميع ضحايا الحرب في هذه المدينة الموصل والعراق، وجميع أنحاء الشرق الأوسط، أن نشارك جميعا ونتفق على ان الله إله الحياة والسلام والمحبة بذلك نؤكد من جديد قناعتنا أن الأخوة أقوى من قتل الإخوة، وأن الرجاء أقوى من الموت، “يجب أن نصلى من أجلنا جميعا حتى نعيش في وئام وسلام متجاوزين الانتماءات الدينية، لأننا ندرك أننا جميعا في عين الله اخوة واخوات”، وهنا بين لنا قداسته ان الدعوة للصلاة من اجل الاخرين هي لإشاعة السلام والمحبة ونبذ العنف، وكانه يقول كما في ورد في تعليم يسوع المسيح الى المؤمنين في، "لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ" (مز 11: 24)، "وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ" (1 يو 3: 22)، "يَا سَامِعَ الصَّلاَةِ، إِلَيْكَ يَأْتِي كُلُّ بَشَر" (مز 62: 2).
4- قدم قداسة البابا فرنسيس قناعته في الاعمار:
قائلا: "إذا نجحنا في التعامل مع بعضنا البعض، مع اختلافاتنا كأعضاء في نفس الأسرة البشرية، يمكننا أن نبدأ عملية إعادة إعمار فعالة ونترك عالماً أفضل وأكثر عدلاً وأكثر إنسانية للأجيال القادمة". هكذا قدم قداسته هذه القناعة بان الأجيال القادمة ستطالبنا بان نترك لهم تراثا كبيرا من الجهود التي يجب ان تبذل الان في اعمار جميع الأرض لصالح حياة الانسان ومستقبل وجوده فيها، وكانه يشير الى تعليم يسوع المسيح في، “فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلًا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ" (أف 2: 19)، "الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلًا مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ" (أف 2: 21)، "تَعَلَّمُوا فَعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. انْصِفُوا الْمَظْلُومَ. اقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ" (إش 1: 17).
ما هو الدرس المستفاد من مواعظ قداسة البابا فرنسيس في زيارته للعراق؟
في قراءة فكرية عميقة للدروس المتعلمة من جميع ما قدمه قداسة البابا فرنسيس من مواعظ في خلال زيارته لأرض العراق وابينا ابراهيم نجد ما يلي:
1- إن أي استخدام لاسم الله من دون احترام له أو لشخصه هو استخدام باطل نظراً لمقدار عظمة اسمه. وإن الوصية التي تنهانا عن استخدامه والإساءة له تشير الى –لن يعتبر بلا ذنب أمام الرب من اساء اليه-، "لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا" (خر 20: 7). "فَأَجَابَ وَقَالَ: تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ"(لو 10: 27).
وفي نداء من الرب يسوع الى المؤمنين ويقول لهم فلا حاجة لاستخدام اسم الله لتأكيد القسم، لأننا لا يجب أن نحلف، بل أن يكون كلامنا: "بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ" (مت 5: 37)، "أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ" (مت 5: 33-36)، كما تبدأ الصلاة الربانية بمخاطبة الله بعبارة ليتقدس اسمك، “فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ" (مت 6: 9)، في إشارة واضحة إلى أن احترام الله واسمه يجب أن يكون في مقدمة صلواتنا.
2-علينا ان نحول ادوات الكراهية الى ادوات سلام ومحبة، ويجب أن نصلى من أجلنا جميعا حتى نعيش في وئام وسلام متجاوزين الانتماءات الدينية، لأننا ندرك أننا في عين الله اخوة واخوات. "أنتم جميعًا إخوة" هو تعليم من الرب يسوع بحسب متى الانجيلي البشير، اتخذ كشعار للزّيارة الرسوليّة لقداسة البابا فرنسيس إلى العراق.
3- إذ اسْتَطَعْنا نَحْنُ الآنَ أنْ نَنْظُرَ بَعْضُنا إلى بَعْض، مَعَ اختِلافاتِنا، وَكَأَعْضاءٍ في العائِلَةِ البَشَرِيَّةِ الواحِدَة، ان نذهب الى عالَمٍ أفضَلَ لِلأَجْيالِ القَادِمَة، أَكْثَرَ عَدْلاً وأَكْثَرَ إنسانِيَّة.
4- إنَّ الاخْتِلافَ الدينيَّ والثَقافيَّ والعِرقيّ، الذي مَيَّزَ المُجْتَمَعَ العِراقي، هُوَ عَوْنٌ ثَمينٌ للاستِفادَةِ مِنْهُ، واليَوْمَ نحن مَدْعُوٌّن إلى أنْ نبَيِّنَ ذلك لِلْجَميع، وَخاصَةً في الشَّرْقِ الأَوْسَط، أنَّ الاخْتِلافات، بَدَلًا مِن أنْ تُثيرَ الصِّراعات، يَجِبُ أنْ تَتَعاوَنَ في وِئامٍ وفي الدعوة الى الحَياةِ المَدَنِيَّة.
5- كفَى عُنْفٌ وَتَطَرُّفٌ وَتَحَزُّبَاتٌ وَعَدَمُ تَسَامُح! لنعطى المَجالَ لكُلِّ المُواطِنينَ الذينَ يُريدونَ أنْ يَبْنُوا مَعًا هذا البَلَد، في الحِوار وفي مُواجَهَةٍ صَريحَةٍ وَصَادِقَةٍ وَبَنَّاءَة لنعطي المَجالَ لِمَنْ يَلْتَزِمُ بالسَّعْيَ مِن أجلِ المُصَالَحَة، والخَيْرِ العام، وَهُوَ مُسْتَعِدٌّ أنْ يَضَعَ مَصَالِحَهُ جانِبًا.
6- العِراق في هَذِهِ السَنوات، يحاول إرْساءَ الأسُسِ لِمُجْتَمَعٍ ديمُقْراطي. مِن أجلِ ضْمَانَ مُشارَكَةَ جَميعِ الفِئاتِ السِياسيَّةِ والاجتِماعيَّةِ والدينيَّة، وفي تاَمِّينَ الحُقوقَ الأساسِيَّةَ لِجَميعِ المُواطنين، ويَجِبُ ألا يكون أحَدٌ مُواطِنًا مِنَ الدَرَجَةِ الثانِيَّة، والذهاب الى تَتَعَزَّزَ الطُمأْنينَةُ والوِئام.
7- وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى العراقيين عشية توجهه لزيارتهم، قال فيها: "آتيكم حاجاً تائباً لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب"، وشدّد على فكرة الحج، كونه يقصد أرض الأديان السماوية المقدّسة، والتي شهدت عبور الأنبياء فيها، وأبرزهم كان النبي إبراهيم.
عزيزي القارئ هذه هي قناعات قداسة البابا في رؤيا تاريخية لوضع البلدان التي تكثر فيها الصراعات والفوضى لخصها في ضرورة الحفاض غلى حقوق الانسان، وقدمها لنا في إرشاد التربوي لجميع البشر، وهو بذلك يمثل الصخرة التي أشار اليها الرب يسوع المسيح: “وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا، وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ" (مت 16: 19،18)، ويرى الكثير من المحللين لمحتوى مجموعة المواعظ والكرازة التي القاها قداسة البابا في اثناء الزيارة على أنها رسائل مسيحية للعالم بمحتوى تعليمي يُتطلب فهمها وتنفيذ محتواها وتمثل مخطط أخلاقي ووصفا للحياة المنتظرة منهم. وبهذا المعنى يمكن أن تكون مطلبًا مسيحيًا.
وفي ختام زيارة قداسة البابا فرنسيس الى العراق أقول: انها كانت مناسبة ليتعرف بها العالم على العراقيين والمسيحيين منهم وعلى وجه الخصوص ما أشار اليه حين قال إنا "سأغادر إلى روما، لكن العراق باق دائما معي وفي قلبي"، أنتم في عين الله الاب القدير… وكانه يشير الى انه حقق ما ورد في الآية، "لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: بَعْدَ الْمَجْدِ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُمَمِ الَّذِينَ سَلَبُوكُمْ، لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ" (زك 2: 8).
وفي الختام، بعد هذا الايجاز الفكري والإعلامي أقول ان كل ما قدمه قداسة البابا من كلمات ومواعظ خلال لقاءاته الرسمية، وفي الصلوات التي أقامها في الحواضر المسيحية في العراق انما كانت كلمات السلام والمحبة والغفران والتسامح واحترام الاخر ولم تفارق الابتسامة وجهه في كل لقاءاته، ماعدا في باحة كنيسة الطهرة بالموصل (حوش الكنيسة) عندما رأى صورًا مؤلمه للدمار فيها فضلا عن بيوت الناس الفقراء في المكان وارتسمت على وجهه صورة حزن والم واضحة جدًا.
بارك يا رب كنيستنا الجامعة المقدسة الرسولية ورؤسائها وامنح المؤمنين المباركين لها، المزيد من نعمة المحبة والتسامح والغفران تمثلا بعمق المبادئ التي قدمها لنا يسوع المسيح له المجد وعلمنا إياها كي ننادي بها في هذا العالم، وبارك زيارة قداسة البابا فرنسيس الى كل الدول والممالك لترسيخ قيم المحبة والسلام فيها... إلى الرب نطلب.