موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٣

في يوم من الأيام سنصبح ذكرى

بقلم :
وائل سليمان - الأردن

كان يا ما كان في قديم الزمان، كان في قصص من التاريخ تُحكى لنا هنا وهناك... كم هي القصص الرائعة التي رواها أبائنا وأجدادنا على مسامعنا وكل قصة تَحكي عن حكاية قديمة أثرت بنا لربما وتَركت بداخلنا قصة أخرى نَرويها يوماً ما نحن إلى أبنائنا... من خلال الأحداث اليومية المعاشة التي تُظهر بأن الكرة الأرضية تَعجُ بفوضى لا مثيل لها، فيضانات من الحروب والدمَار لا يستطيع آحد أن يُوقفها، رُعب وخوف وقلق من حاضرٍ ينوي أن يُمحي تاريخنا البشري، يُريد أن يُمحي ذكرى رائعة كنا نستمتع بِسماعها من حين إلى آخر... تَجارب الحياة تُشغلنا اليوم عن التفكير بما كنا يوماً ما عليه منذ الخليقة الأولى وقد استطاعت هذه التجارب أن تُبرمجنا على هَواها، كما تُريدنا هي أن نكون اليوم!. هل الحياة التي نَعيش بها اليوم هي حقيقة... أم وَهم ومَجبروين عليه؟ هل سَنبقى أحياء في ذكرى أبنائنا... أم سَتمحينا الحياة اليوم وإلى الأبد؟ هل عِشنا من أجل أنفسنا... أم كانت حياتنا البسيطة والمتواضعة والضعيفة هي حياة جديدة لمن كانوا بالقرب منا؟ هل نحن أولاد الحياة بكل أشكالها... أم نحن هبة زرعها خالق الكون لهذه الحياة؟ هل قلبنا صغير بسبب مُلكه لأحدهم... أم أنه يتوسع كلما سمحنا للجميع بالدخول؟ هل نحن نعيش بداية النهاية... أم نهاية البداية؟ هل صحيح أن الحياة تنتهي عندما يتوقف القلب عن إصدار الأصوات... أم لدينا القدرة على البقاء ذكرى لمن سيأتي من بعدنا؟ هل بوصلة الحياة مُوجه للطريق الصحيح... أم أن الرياح تتلاعب بنا كريشة طائرة في أجواء عاصفة؟ هل ما أتمناه اليوم يمكن تحقيقه في الغد... أم أن أمنياتي هي مجموعة أحلام آبائي وأجدادي وتاريخي القديم؟ هل أنا فريد من نوعي... أم أنا هو تكرار لمن كانوا في هذه الحياة قَبلي؟ عالم اليوم... أسقط كل قِناع من وُجوهنا، وبقينا فريسة سهلة لحيوانات الغابة!. عالم اليوم... أضاع قيمة كوننا بَشر مخلوقين على صورة الخالق ومثاله!. عالم اليوم... أدخلنا في دوامة لا يستطيع أحد أن يخرجنا منها سالمين!. عالم اليوم... قصة فشل نجحت فقط في إشعال نار لا تنطفئ أبداً في هذه الحياة!. عالم اليوم... هو من ذكرى الماضي التي لن يتذكرها أحد!. عالم اليوم... نفسي حزينة لأني جزءٍ منه!. عالم اليوم... لقد اكتفيت منكَ... لقد حان وقت الرحيل... لكن خوفي من أني لن أكون ذكرى لأحد!. حُروب تُدشن مئات الآلاف من البشر سنوياً، كوارث طبيعية من أعاصير وفيضانات تُمحي الماضي والحاضر، نِزاعات بين أبناء القبائل تُوشك أن تنهي حياة الجماعات المتحدة، خِلافات عائلية تَقتل ملايين من سكان الأرض كل عامٍ. هل في يوم من الأيام سنصبح ذكرى؟ هل ما نَعيشه كل يوم وبالرغم من صُعوباته وتَحدياته وأثقالهُ وأحماله سيكون له صدى في مستقبل أبنائنا من بعدنا؟ هل حياتنا اليوم هي مسيرة لا تنتهي من ماضي الأمس إلى مستقبل الغد؟ هل ندرك بأن حياتنا اليومية يمكن أن تكون قصة يرويها أبناء المستقبل؟ هل نعيش الحياة كأنها لحظة ستنتهي أم هي واقع وسيستمر؟ هل نؤمن بأننا أبناء الأب أم لا زلنا نعتقد بأننا من التراب وإلى التراب نعود؟ كل يوم نَعيشةُ نُدرك جيداً بأنه جزءٍ مُرتبط بدائرة لا حدود لها، نحن أبناء الحرية و لسنا أبناء العبودية، نحن لَم نَختار أن نكون لكننا نستطيع كل يوم من الأن أن نكون. و الصراعات الغير مبررة التي تجبرنا على فقدان الوعَي الكامل والتَستر على ضعفنا وخطايانا بلا وعي، ستكون ذكرى وهمية بدون كلمات تعبيرية. أتمنى بأن أكون ذكرى لا تُمحى من ذاكرة النسيان! أتمنى أن أكون قصة يَرويها أبنائي لأحد الجيران! أتمنى أن أكون صورة لا تُمحى من الخيال! أتمنى أن يكون تعبي على الأرض له معنى بقلب السماء! أتمنى بأن أقف يوماً ما معاتباً رب الحياة على ترك الطوفان يسحق بني الإنسان! أتمنى أن أقول له مدى الاشتياق "أحبكَ"! أتمنى بأن أسمع منه نشيد الألحان "أحبكَ"! أتمنى بأن يَرقد جسدي في بستانٍ من الأزهار! أتمنى أن ألتقي بصحبي وأحبائي ورفاق قصة الأيام! أتمنى أن أصبح ذكرى لا تُمحى بمرور الزمان ولا بتغيير المكان! أتمنى أن نبقى ذكرى لليوم وللغد ولما بعد غد! أتمنى أن نصبح ذكرى...