موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٠ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١

صحة المجتمع محصلة لجودة صحة أبنائه

د. موفق الزيادات

د. موفق الزيادات

د. موفق الزيادات :

 

الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة حث الدول على الاهتمام بكافة القضايا التي تنعكس إيجابا على ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية لجميع الأعمار، وهذا يشمل جوانب متعددة ترتبط بمؤشرات جودة الحياة، تلك المؤشرات التي لا تشير لقياس النجاح بخطط التنمية ومعدلات الدخل فقط، بل تشمل مؤشرات قياس جودة حياة المواطن، من باب إقرار أن التنمية بمفهومها المتكامل أشمل من مجرد الارتكاز على المنظور الاقتصادي بل كذلك تنمية الأفراد وبيئتهم المحيطة.

 

تشمل جودة الحياة مؤشرات مختلفة منها مؤشرات الضغوط اليومية كنسبة انتشار الأمراض المزمنة ومؤشر الإمكانات المتاحة (فرص العمل، السكن الملائم، الخ)، مؤشرات البيئة، والمؤشرات الاجتماعية (نسبة الجرائم، الحريات، التهميش الاجتماعي، الخ)، كذلك مقاييس تشمل نسبة الذين يمارسون الرياضة المنتظمة من مجموع أفراد المجتمع، وسهولة الحصول على الطعام الصحي والمياه النظيفة...الخ.

 

 

من المؤسف القول بأن نتائج هدف التنمية المستدامة الثالث المتعلق بأنماط العيش ورفاهية الأفراد قد انعكس اتجاه سير تحقيقه حيث كان ذلك مخيبا للأمل لاسيما بعدما أثرت جائحة كورونا كوفيد-19 بشكل مباشر على سير الحياة العامة كونها أدت خفض بل تراجع مقاييس متوسط العمر المتوقع للأفراد بسبب تراجع تقديم خدمات الرعاية الصحية، وارتفاع نسبة الوفيات بين البالغين؛ وتباطؤ التقدم الكبير الذي أحرزه العلم بهذا المنحنى سابقا. فقد تجاوزت نسبة البلدان التي أبلغت وما تزال عن تعطل واحد أو أكثر في خدمات الرعاية الصحية ما يزيد عن 90% من مجموع بلدان العالم 193 الأعضاء في الأمم المتحدة (206) بصفة مراقب بما فيها المعترف بها جزئيا.

 

لقد أورد تقرير التنمية المستدامة إحصائيات مختلفة ترتبط بالرعاية الصحية ورفاهية الأفراد أورد منها ما يلي:

 

بلغ متوسط عمر الأفراد عالميا 72.2 عام.

 

بلغت نسبة عدد الاطباء في العالم 1.33 طبيب لكل ألف نسمة من السكان (تقرير البنك الدولي للعام 2018).


أشارت الاحصائيات العالمية لوجود 37 ممرضاً لكل 10 آلاف مواطن (2017).


عدد الأسرة في المستشفيات 2.7 لكل 1000 نسمة.


معدل المساحات الخضراء 8م مربع لكل 1000 نسمة بالوطن العربي (تقرير الإسكوا 2017).

 

وعند مقارنة تلك المؤشرات الإحصائية بما أتيح من توفرها على مستوى الوطن نجد أنه:


معدل العمر المتوقع للمواطن الأردني عند الولادة 74.4 سنة للإناث و71.6 سنة للذكور أي بمعدل عام يبلغ 71.5 عام.

 

بلغت نسبة عدد الاطباء في الاردن 2.6 طبيب لكل ألف نسمة من السكان. اما في اميركا فهي2.4، وفي اليابان 2.3.


في الأردن 33.8 ممرض لكل 10 آلاف مواطن. وهو مستوى قريب من المعدل العالمي.


متوسط عدد الأسرة في المستشفيات 1.5 لكل 1000 مواطن.


نسبة انتشار السكري تصل الى 46 ٪ للفئة العمرية فوق 25 عاما، وان 66 ٪ من الاردنيين مصابون بنقص الكوليسترول الحميد و80 ٪ مصابون بالكوليسترول السيئ.


نسبة الأردنيين الذين يتمتعون بالتأمين الصحي بكافة أشكاله بلغت 87.25

 

نسبة الأردنيين الذين يتمتعون بالتأمين الصحي بكافة أشكاله بلغت 87.25 % من مجموع السكان

 

معدل الانتحار بالأردن 3.9 لكل مئة الف نسمة 2015 (تقرير مؤشر السعادة العالمي).


لا توجد إحصائيات رسمية لنسبة المساحات الخضراء، أو الأرقام المتعلقة بنسبة ممارسي الألعاب الرياضية بالمجتمع ومستوى انتشار الحدائق العامة على مستوى المملكة.


إذا كانت تلك البيانات المنتقاة تعطي مؤشراً على مستوى الرعاية الصحية والرفاهية التي يتمتع بها المواطن الأردني مقارنة بالأرقام العالمية، فأننا نرى ومن أجل تحسين نتائج هذا الهدف الذي تتشارك في تحقيقه العديد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص إذ لا بد من العمل على ما يلي:


زيادة الاستثمار في التغطية الصحية الشاملة لتشمل كافة المواطنين، وتعزيز إجراءات الوقاية والعلاج من آفة المخدرات والإدمان.


التركيز على التعليم الإيجابي ومباشرة قياس مؤشرات السعادة، ومؤشرات عدم السعادة، كذلك قياس مؤشرات الاكتئاب والقلق لدى مختلف أفراد المجتمع.


الحد من المهن العلمية التطبيقية التي تغرق السوق بمزيد من العاطلين عن العمل والتوجه نحو متطلبات العمل المستقبلي والمهن الحرفية.


التوجه نحو إقامة المدن والمجمعات الذكية التي تسهل حياة الناس، والاستثمار في تطوير الخدمات الرقمية، وسرعة التحول نحو تبني التوجهات العالمية المصاحبة لإنترنت الأشياء، والخدمات الروبوتية، الخ.


تدويل وتداول الأخبار الجيدة في مختلف الوسائل الإعلامية وقنوات التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير مباشر على الصحة النفسية.


تكثيف حملات التوعية للحد من الأمراض المزمنة كالسكري وأمراض الدم والحث على إطلاق المبادرات الرياضية المجتمعية.

ضبط معدلات الولادة والحد من كم الولادات مقابل التركيز على نوعية التربية وجودة التنشئة الأسرية.


ضمان استدامة توفير الموارد الغذائية والمائية بالاعتماد والتركيز على دعم القطاع الزراعي والإنتاج الصناعي.


الاهتمام الجاد بإنشاء الحدائق العامة وزيادة حصة الفرد من المساحات الخضراء وبالأخص مقاومة التصحر والتمدد العمراني العشوائي.


أخيرا:

 

إن صحة المجتمع تؤثر على تعافي القطاعات المختلفة وزيادة الانتاج القطاعي لاسيما اذا تمتع الأفراد بمستوى صحي يفوق المستهدف كما ونوعا. ناهيك عن أن زيادة إنتاجية الفرد والحد من مستويات البطالة المقنعة بالعمل بشتى صورها تسهم في رفد الاقتصاد بالعائد المالي الذي يزيد من تطوير البنية التحتية ويسهم في رفاه المجتمع. ونذكر أن التخطيط لبناء تجمعات حضرية ذكية يسهم في التمدد العمراني المقصود باتجاه المناطق شبه الصحراوية والصحراوية مما يزيد البنية التحتية الخضراء المأمولة.

 

(جريدة الرأي الأردنية)