موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٢

تخلّقوا بالتواضع

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

 

"تتلمذوا لي فإنِّي وديعٌ متواضعُ القلب" (متى ١١: ٢٩)

 

"مَن أرادَ أن يَكونَ أوَّلَ القَوم، فَلْيَكُنْ آخِرَهم جَميعاً وخادِمَهُم"

 

لنتذكّر قول القديس يعقوب: "إنَّ اللهَ يُكابِرُ المُتَكَبِّرين ويُنعِمُ على المُتَواضِعين" (يعقوب ٤: ٦)، ولنفكّرْ دائماً بكلمة الربّ يسوع المسيح عندما قال: "فمَن رَفَعَ نَفَسَه وُضِع، ومن وَضَع نَفسَه رُفِع" (متى ٢٣: ١٢). إن كنتَ تعتبرُ بأنّ لديك خصالاً جيّدة، كن فخوراً بها، ولكن من دون أن تنسى أخطاءك.

 

لا تفتخرْ بما أنجزتَهُ اليوم، ولا تنسَ ما أسأتَ فعلَه في الماضي القريب والبعيد. إن كان الحاضر يعطيك سبباً للإفتخار وتمجيد نفسك، تذكّر الماضي ، فهكذا ستتخلّص من آفة الغرور السخيفة. وإن أخطأ قريبك، فلا تحكم عليه فقط من خلال ذلك الخطأ، بل فكّر أيضاً بالأعمال الجيّدة التي يقوم بها أو التي قام بها، وغالباً ما ستكتشف بأنّه أفضل منكَ إذا نظرتَ إلى حياتك كلّها من دون التركيز على صغائر الأمور. فالله لا ينظر إلى الإنسان بطريقة جزئيّة. ولنتذكّر دائماً  كلّ ذلك لكي نحفظ أنفسنا من الغرور من خلال اتّضاعنا في سبيل الارتقاء الروحيّ.

 

فلنَقتَدِ بالربّ يسوع الذي نزل من السماء واتّضع إلى أقصى الحدود، ولكنّه تألّق بمجدٍ عظيم بعد هذا الاتّضاع، فمجّدَ معه كلّ مَن كان مُحتقراً معه، وتحديدًا تلاميذه الأوّلين الذين جالوا في كافّة أنحاء العالم وهم فقراء ومجرّدون من كلّ شيء، من دون كلام الحكمة ومن دون أي رفيق مساند او مساعد، بل سافروا لوحدهم كمشرّدين يتخبّطون وسط الصعوبات في البرّ والبحر. وقعوا ضحيّة الضرب والجلد والاضطهاد حتّى لفظوا أنفساهم الأخيرة.

 

هذه هي تعاليم معلمنا السماويّ لكُلِّ واحدٍ منا، فلنَحذُ حذوَ التلاميذ الأوائل لكي نصل، نحن أيضًا، إلى المجد الأبديّ بالتواضع والبساطة والشفافية. التواضع هي العطيّة الكاملة والحقيقيّة من الربّ يسوع المسيح لنا، لنكون على مثاله متواضعي القلب لنخدم ونكسب ونربح الجميع ونقودهم له ليجدوا في قلبه الراحة والسعادة لنفوسهم.