موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠

الوئام الديني في الأدب والأعياد المجيدة

د. جورج طريف

د. جورج طريف

د. جورج طريف :

 

تحل علينا هذه الأيام مناسبتان دينيتان كبيرتان هما عيد الميلاد المجيد وعيد رأس السنة الميلادية في الوقت الذي يقض فيه فيروس كورونا اللعين مضاجعنا من كل جانب منذ ما يقرب من عام وحتى يومنا هذا فحلت الأحزان مكان الأفراح لدى الكثير من العائلات في كوكبنا الإنساني وسادت وتسود روح القلق والاضطراب جراء ما تناقلته الأنباء أخيرا بظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا من دون أن نرى بصيص أمل بقرب انتهاء هذه المأساة،وقد أتاحت الظروف التي فرضتها كورونا فرصة الإطلاع على بعض الكتب المهمة في مجالات الأدب ومن بينها كتاب الصديق الشاعر والناقد الدكتور راشد عيسى الذي حمل عنوان الوئام الديني في الأدب وهو موضوع كان قد أخبرني به منذ زمن وكان يسعى لتحقيقه وقد تمكن من ذلك.

 

ويقول عيسى في مقدمة كتابه إنه منذ الطفولة راوده حلم بعولمة المحبة عن طريق عالمية الأدب، وايمانه بأن الأديان ينبغي ان تناصر القيم الأخلاقية المشتركة، وليس من حقها أن تلغي الخصوصيات العقائدية المغايرة وأن تعايش الأديان في الأدب هو امر واقع، وقد اجتهد لإثبات ذلك من خلال نماذج من أدباء من الشرق والغرب، وإبراز أهمية الأدب في التخفيف من حدة الصراعات الحضارية وسائر أنماط التعصب الديني، لافتا الى ان النماذج المدرجة في الكتاب تبين أن عالمية الادب تستطيع تحقيق قسط ما من عالمية الاحترام بين الشعوب وقد تؤدي الى عولمة المحبة وذلك أقدس الأهداف واجل الاحلام، وتظهر تجليات التلاقي بين الأدب والدين اضاءات تكشف عن مدى حاجة الشعوب للمحبة والتعايش الديني التي يقترحها كل من الدين والأدب مثل: «الحلاج وعمر الخيام وابن عربي وجلال الدين الرومي واحمد شوقي وسعيد عقل وغوته وبوشكين ساروجيني نايدو»، ولسان حال المؤلف يقول أن الأدب في مخرجاته الحضارية هو وسيط جمالي عظيم في نشر ثقافة الوئام العالمي والتخفيف من شعارات الكراهية، والانحياز إلى احترام الاختلاف وتحقيق قسط أعلى من الوئام الإنساني والتسامح والتعايش الحضاري.

 

اسوق هذه المعلومات الأدبية التي تمجد حرية الجمال وحضارة المحبة ووحدة الإيمان من دون انتباه لدين أو عرق أو جنس أو جين أو لون أو قومية أو لغة كما صورتها نماذج الأدب في الماضي والحاضر ونسعى دائما لتجسيدها على أرض الواقع في الوقت الذي لفت نظري مقال للاستاذ الصحفي المبدع الزميل بلال التل نشرته صحيفة الرأي يوم الثلاثاء الماضي بعنوان «كفوا أذاكم عنا» اقترح فيه سن تشريع يجرم كل من تسول له نفسه احداث شرخ في وحدتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي من خلال إثارة قضايا تمس مشاعر المسيحيين بشأن جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم واحتفالاتهم الدينية مثمنا عاليا هذا الاقتراح ومنتهزا هذه الفرصة لأقدم التهنئة الحارة للأردنيين جميعا بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية وكل عام وانتم بألف خير.

 

(جريدة الرأي الأردنية)