موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٧ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩

الصلاة وتحديات العصر

بقلم :
الأب بيوس فرح ادمون - مصر

مما لا شكّ فيه أن طرح أي موضوع روحي وبخاصة موضوع الصلاة، في عالم غارق في المادة ومتّكل على التطور التكنولوجي السريع جدًا والذي لم تشهد له البشرية مثيل خلال مسيرتها التاريخية، إنما يضع صاحبه في خانة الإنسان "التقليدي – المتأخر" عن مواكبة هذا العصر الحديث، والمتعلق بـ"أوهام" تبعده عن الواقع المعاش. ومما لا شك فيه إذا تكلمنا عن الإنسان من واقع حياته المادية، فالمادة جعلته قد تخلى عن ممارسة الصلاة في فترات كثيرة من حياته وخاصا عندما لمس عدم استجابتها السريعة لكل معضلات حياته المادية، فذهب واهمًا ومتخيلا، أنه يبحث لنفسه عن مصدر آخر يشبع منه رغباته ويضمن تحقيق مصلحته المادية. وقد لا يؤمن بأن تحديد معنى الصلاة بأنها الوقت المكرّس بصورة خاصة لممارسة فضيلة الإيمان عملياً، والتوق إلى بلوغ الله، هي إحدى أهم الطرق التي أتحدث بواسطتها إلى الله. من حيث المبدأ هناك طريقتان أستطيع بواسطتهما التحدث إلى الخالق: - الله يسكن وسط البشر، فيكون أني أتكلم إليه في كل مرّة أتصرف بمحبة تجاههم. وهذه صلاة حقيقية أقوم بها كل يوم في صلب الحياة العملية. - الله يسمو كثيراً عن كل شيء.ولهذا لكي أتحدث إليه، فإنه من الضروري أيضاً أن أترك كل شيء ، بشر، ملائكة وحتى نفسي للوصول إليه. ولكي أوفق بين هاتين الطريقتين عليّ أن أجعل حياتي العملية على وفاق تام مع إيماني وصلاتي، وذلك بأن أترجم إيماني بأعمال يومية. يبقى الهدف الأول والأخير للصلاة الحقيقية إيجاد الله والتقرب منه والتعرف عليه، ولن يتم للإنسان هذا ما لم يرجع، وبمساعدة من الروح، إلى الحالة الأولى التي خلقه الله عليها، أي على صورة الله ومثاله، تلك الصورة التي أرانا الله إيّاها بشكل ساطع ونقي في شخص يسوع المسيح. يقول القديس توما الأكويني: "حين نصلي لا نغيّر مقاصد الله بل نطلب إليه أن يحقق بصلواتنا ما يجب أن يتم بموجب ترتيباته الأزلية". لنصلي: أسألك اللهم أن تخطف بقوة حلاوة حبك المشتعل في قلبي وذهني أن تخطفهما خطفاً من كل ما هو تحت السماء لكي أموت حباً لحبك كما تنازلت أنت ومتَّ حباً لحبي.