موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٥ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠

التّجارة الرّوحيّة الرّابحة

بقلم :
الأخت كلارا معشر - الأردن
التّجارة الرّوحيّة الرّابحة

التّجارة الرّوحيّة الرّابحة

 

في مثل الوزنات الّذي يقدّمه الإنجيليّ متّى في الأحد الثّالث والثّلاثين من زمن السّنة العادي، يدعو الرّجل الّذي يريد السّفر عبيده ويسلّمهم أمواله، فأعطى أحدهم خمس وزنات، والثّاني اثنتين، والآخر وزنة واحدة، كلًّا منهم على قدر طاقته وسافر.

 

ماذا فعل العبيد بالوزنات؟

 

الأوّل والثّاني سارعا إلى المتاجرة بها، فربحا وزنات أُخَر أمّا الآخر فذهب ودفنها في الأرض ولَم يتاجر بها كرفيقيه.

هذه الوزنات هي المواهب والعطايا الّتي منحها الرّبّ بسخاء لكلّ منّا ،لنستثمرها في بناء عالم أجمل وحياة أفضل لنا وللآخرين، فالمواهب والوزنات لم تُعطَ لنا لندفنها وبالتالي ندفن أنفسنا في زاوية بحجّة أنّ الحياة ليست متوقّفة علينا، وإننا لا نصلح لعمل أيّ شيء، أو الحظُّ يقف دائمًا ضدّنا، لو كان هذا الكلام صحيحًا لما كنّا موجودين أصلًا في هذه الحياة. الله خلقنا بقصد وبهدف وهو أنّنا نستطيع أن نُحدث فرقًا إذا ما استخدمنا نعمه وعطاياه في إدارة شؤون حياتنا بطريقة صحيحة وفِي خدمة الإخوة.

 

أثنى الرّبّ على الأشخاص الّذين أسرعوا للمتاجرة بوزناتهم، فهم علموا أنّ الوقت المتاح لهم ليس طويلًا لذلك عملوا ليلًا نهارًا، اكتشفوا مواهبهم، حرصوا على تطوير مهاراتهم، عاشوا حياة متوازنة بين صلاتهم وارتباطهم بالله الخالق وعلاقاتهم مع ذواتهم وعائلاتهم وأعمالهم، جعلوا كلمات الرّبّ ووصاياه في أعمال الرّحمة الرّوحيّة والجسديّة على سلّم أولويّاتهم،لذلك حقّقوا النّجاحات والسّعادة الّتي خُلقوا من أجلها. أمّا صاحب الوزنة، فبدافع من الخوف غير المبرَّر، دفن وزنته، ولَم يستثمر العطايا الّتي منحها الرّبّ له، ولَم يُفد غيره، وحتى أنّه لم يطلب من الآخرين أن يساعدوه في إيجاد الطّرق المناسبة لاستثمار هذه الوزنة ليعيش حياة سعيدة ويُسهم في إسعاد الآخرين.

 

لنتذكّر أنّ الله لم يحرم أحدًا من نعمه، أعطى كلًّا منّا على قدر طاقته، لذلك علينا ألّا ننشغل في مقارنة أنفسنا مع الآخرين، فبقدر ما أُعطيتَ، عليك أن تعطي، ونحن مستثمرون ولسنا مالكين، فكلّ شيء منه، وإذا كنّا أمناء في استثمار تلك الوزنات وحققنا الهدف الّذي من أجلّه أُعطيناها، سننعم بالسّعادة الأرضيّة والأهم بالسّعادة الأبديّة:" أحسنتَ أيّها العبد الصّالح الأمين! أدخل نعيم سيّدك"، وإذا لم نستثمر تلك الوزنة فسنكون من أشقى النّاس هنا على الأرض وكذلك في الحياة الأبديّة." ومن ليس له شيء، يُنتزع منه، حتّى الّذي له".

 

أحدًا مُباركًا أتمناه لكم أحبّتي