موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١١ فبراير / شباط ٢٠٢١

الأحد السابع عشر من متى المعروف بأحد الكنعانية

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد السابع عشر من متى المعروف بأحد الكنعانية

الأحد السابع عشر من متى المعروف بأحد الكنعانية

 

الرسالة

 

الرب قد صنع العجائب للقديسين الذين في أرضه

في المجامع باركوا الله

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومية (8: 28-39)

يَا إِخْوَةُ، نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا. فَمَاذَا نَقُولُ لِهذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟ اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا. مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ َمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس متَّى (15: 21-28)

 

في ذلك الزمان خرج يسوع الى نواحي صور وصيدا واذا بامرأَة كنعانية قد خرجت من تلك التخوم وصرخت اليه قائلةً ارحمني يا ربُّ يا ابنَ داود. فانَّ ابنتي بها شيطانٌ يعذبها جدَّا * فلم يجبها بكلمةٍ. فدنا تلاميذهُ وسأَلوهُ قائلين اصرفها فانها تصيح في إثرنا * فاجاب وقال لهم لهم لم  أُرسل الاَّ الى الخراف الضالَّة من بيت اسرائيل * فأتت وسجدت لهُ قائلةً أَغثني يا ربُّ * فاجاب قائلاً ليس حسنًا ان يؤخذ خبز البنين ويلقى للكلاب *  فقالت نعم يا ربُّ فانَّ الكلاب ايضًا تاكل من الفتاتِ الذي يسقط من موائد اربابها * حينئذٍ اجاب يسوع وقال لها يا امرأَةُ عظيمٌ ايمانكِ فليكن لكِ كما اردت * فشفيتِ ابنتها من تلك الساعة.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

أيها الأحباء: هناك شخصيتان مركزيتان في مقطع إنجيل اليوم. يسوع المسيح والمرأة الكنعانية يلتقيان أخيرًا عبر قناة تواصل وحوار مكثفين. جاء المسيح إلى نواحي صور وصيدا.

 

أهمية منطقتي صور وصيدا: عبارة لاهوتية أكثر منها جغرافية .انها تدل علي المناطق الوثنية. فمنذ حملت ايزابل ديانة البعل الي مملكة اسرائيل (مملكة الشمال مع ملكها آحاب)، صارت هذه المنطقة منبع العبادة الوثنية في ارض الرب. ذكر ألانبياء اشعياء، ارميا ،يوئيل وزكريا في نبؤاتهم صور وصيدا أنما من الناحية السلبية. هم شعب غضب الله عليه وهاتان المدينتان ستدمران مثل سدوم وعامورة. كان المنطق اليهودي ينص علي عدم الاحتكاك بهذه الشعوب فالشر ياتي منها ومن اليهود المقيمين في ضواحي صور وصيدا كأهل الجليل والسامريين (الجليل كان يُسمي جليل الامم أو جليل الوثنيين رغم وجود عدد كبير من اليهود المقيمين فيه). بحسب انبياء هذه المنطقة كانت بعيدة عن الله بسبب عبادة الاصنام. وبالتالي كانت تشكل خطر علي اليهود المقيمين خارج الحدود اليهودية الرسمية أي مملكة الجنوب (اورشليم واليهودية).

 

نحن علم اليقين بإنه خلال عمله الخلاصي قدم معجزات لا تصدق، تلقى الافتراء، وبينما كان يعالج "كل مرض وكل ضعف" سمع الشتائم. التقى بهذه المرأة التي كانت تملك الثقة والشجاعة، لا تتردد في إنكار جنسها. هذه المرأة من خلال محبة المسيح وصمته المدوي بقوة إيمانها هزمت الطبيعة وأصبحت متهمة لدى اليهود. لكن على الرغم من حقيقة أن "المرأة التي خرجت من تلك التخوم كانت تصرخ، يا ابن داود، ارحمني". صمت الرب لم يدركه تلاميذه الذين لم يعرفوا بعد حكمة الصمت الالهي. ينحنون على صوت الأم المؤلمة الذي يكسر القلب ويطلبون من السيد أن يشفق عليها ويرحمها. قالوا له "أطلقها، إنها تبكي من ورائنا"، على أمل أن يؤثروا في موقفه الصامت. وبدلاً من الإيماء إليهم، أجاب قائلاً: "لم  أُرسل إلاَّ الى الخراف الضالَّة من بيت اسرائيل". أي بمعنى آخر "لقد جئت فقط للإسرائيليين الضالين".

 

ولكن على الرغم من أن هذا الجواب كان ثقيل للغاية، ومنذ تلك اللحظة لم يثني "صمته العالي" عن إيمان الكنعانية، بل بثقة وإصرار "أتيت وسجدت له قائلة يا رب ساعدني".

 

لنضع إنفسنا مكان تلك الأم المتألمة، ولو كان هناك شخص آخر وليس لديه الكثير من الإيمان، عندما سمع المسيح يقول لتلاميذه: "لقد أُرسلت فقط إلى الإسرائيليين الضالين"، فماذا كان سيفعل؟ من المؤكد أنه سيترك الإهانة والغضب ويتهم المسيح باللامبالاة والتنجيم. ولكن إيمان الكنعانية لم يتلاشى، وقوة روحها لم تنحني، وحكمتها وصبرها ومثابرتها جعل المخلص يكشف أخيرًا عن "صمته العالي"، قائلاً: "يا امرأة، عظيم إيمانك، فليكن لكِ كما اردت". وبالطبع "شُفيت ابنتها منذ ذلك الوقت".

 

من هنا يبين لنا يسوع المسيح ملاحظة جديرة بالأنتباه وهي أن محبة الله تتخطى العقل البشري.

 

حادثة لقاء الرب بالمرأة الكنعانية اليوم تسجل لنا تمامًا كما علمنا الرب أن نسأل في صلاتنا: "لتكن مشيئتك" ، فهذه هي إرادة الإنسان التي صنعها الله.

 

وتسجل لنا هذه الحادثة  أيضًا إحدى الحالتين اللتين امتدح فيهما الرب إيمان الناس مع أشخاص خارج إسرائيل ومع مشكلة لم تكن تخصهم مباشرة. وامتداح قائد المئة الروماني، الذي توسل لخادمه، واليوم المرأة الكنعانية، التي توسلت من أجل ابنتها المليئة بالشياطين. وفي الحالتين رد على سؤالهما: "إيمانك عظيم. فليكن لكِ كما اردت".

 

وصف حادثة اليوم تعطينا الفرصة لتحديد العناصر التي يتكون منها الإيمان العظيم للمرأة الكنعانية. ولكن يبقى السؤال: ما الذي تكشفه لنا قراءة الإنجيل لهذا الأحد؟

 

أولاً: المرأة الكنعانية حسب المقطع "تجاوزت حدودها". مع إنها وثنية، بمجرد أن سمعت أن الرب يقترب من حدود منطقتها، تخرج لمقابلته. وهو يفعل ما فعله الرب نفسه، الذي "خرج أيضًا إلى أجزاء صور وصيدا". أي أن لقاء الله والإنسان يفترض خروج كليهما: يخرج الله "أفرغ نفسه". اليوم يتجاوز الرب الحدود المسموح بها لليهودي، تمامًا كما تجاوز الحدود "المسموح بها" لله، أي أن يأتي إلى العالم. تخرج المرأة لمقابلة يهودي، رغم أنها وثنية والتي طلبت الرحمة صارخة: "ارحمني يا رب يا بني داود".

 

ثانياً: إصرارها مع إنها تأذت من مشكلة إبنتها. فهي لا تستسلم فقط لازدراء الرب وكلماته المسيئة ، بل تصبح أكثر "تصميمًا" وتستمر في اتباع الرب والصراخ، ثم تأتي أمامه باحترام عميق وتصر على طلبها. لذلك ينمو إيمانها مع مثابرتها.

 

ثالثًا: حقًا الرب يحتقرها في البداية لقد جئت فقط من أجل "بيت إسرائيل الضائع"، "ليس من الجيد أن يأخذ خبز البنين ورميها للكلاب". ومع ذلك، فإن لم تشعر بالإهانة فحسب، بل إنها تزيد من الإهانة أكثر: ليس الخبز، ولكن الفتات على الأقل دعني آخذها. إيمانها المتشابك مع مثابرتها يتطابق مع تواضعها. وهذا ما أراده الرب، تواضعه الكبير، الذي يفترض الحالة، حتى تأتي نعمة الله للإنسان ويمكن للإنسان أن يعمل مثل الله. "الله المتواضع يعطي النعمة".

 

رابعًا: أحد عناصر هذا الإيمان العظيم للمرأة، والذي ربما جعل الرب متأثرًا بشكل خاص، هو أنها واجهت مشكلة طفلتها باعتبارها مشكلتها الشخصية. لقد قامت "بتسوية" نفسها، وفعلت كل شيء، لأنها تحملت آلام طفلتها. هذا هو بالضبط ما فعله الله بنفسه، الذي حمل خطايانا وجعلها له بنفس الطريقة تقريبًا، وتواجه الكنعانية مشكلة ابنتها.

 

ان هذه المرأة ليست بكلب ، والنتيجة انها وصلت الي الخلاص . يسوع المسيح لم يصنع اعجوبة هنا ولكن قلب هذه المرأة منفتح على الله للقبول بما يقدمه لها.الايمان أوصل هذه المرأة الي الخلاص وبالتالي هنا كل محور النص. الرسالة الموجهة الي اليهود هي ان هؤلاء الاشخاص قد آمنوا، تذكروا أن ابراهيم آمن فحسب له ذلك برا. هذه المرأة تعرف محدوديتها، اعترفت بأنها أدنى من اليهود لأنها لم تكن من شعب الله المختار القديم ولأن عهد ابراهيم لم يصل اليها كما وصل الي اليهود، وهي تُقر انها ادنى منهم لانها لم تعبد يهوه وبالتالي فقد اعلنت ايمانها بيهوه بدخولها عهدا مع الله بواسطة يسوع المسيح.

 

خلاصة القول طريقة الإيمان ومعناه، لأننا في كثير من الأحيان في مواجهة مشاكلنا الفردية والعائلية والاجتماعية، يغمى علينا ونصبح محتكرين للقلة. بل إننا نتعامل مع الله، وغالبًا ما يربكنا الخوف وانعدام الأمن. وهذا يظهر بالنقص في إيماننا. ولكن الرب يتوقع منا ما توقعه من الكنعانية. أي تفعيل الإيمان العظيم. وهو يريد أن يرى إيماننا العميق والثابت الذي لا يتزعزع، وتواضعنا ومحبتنا. ثم يعطينا النعمة لتصبح عندنا وكل ما نطلبه منه.

 

الطروباريات

 

طروبارية القيامة على اللحن الثالث

لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربّ صنع عزّاً بساعده، ووطيء الموت بالموت، وصار بكر الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالم الرحمة العظمى.

طروبارية القدّيس تريفون على اللحن الرابع

شهيدك يا ربُّ بجهاده، نال منك الإكليل غير البالي يا إلهنا، لأنّه أحرز قوّتك فحطّم المغتصبين، وسحقَ بأس الشياطين الّتي لا قوَّة لها. فبتوسّلات شهيدك تريفن أيّها المسيح الإله خلّص نفوسنا.

 

طروبارية تقدمة عيد دخول السيد إلى الهيكل على اللحن الأول

المصفُّ السماويّ من القناطر السماويّة، قد انحنى مُشرفًا على الأرض، فنظَر بِكرَ كلِّ الخليقة محمولًا إلى الهيكل كطفلٍ مُرضَع، من أمٍّ لم تعرف رجلًا، فدُهشوا مرتّلين معنا الآن لتقدمة العيد ترتيلًا رهيبًا.

 

القنداق باللحن الأول

أيُّها المَسيحُ الإلهُ، يا مَنْ بِمَوْلِدِهِ قَدَّسَ الْمُسْتَوْدَعَ البَتولِيِّ، وبارَكَ يَدَيْ سِمْعانَ كَما لاقَ، وأدْرَكَنا الآنَ وخَلَّصَنا؛ إحْفَظْ رَعِيَّتَكَ بِسَلامٍ في الحُروبِ، وأيِّدِ المُلوكَ الذينَ أحْبَبْتَهُمْ، بِما أنَّكَ وَحْدَكَ مُحِبٌّ لِلْبَشَر.