موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٥ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١

أحد لوقا الثامن 2021

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
أحد لوقا الثامن

أحد لوقا الثامن

 

الرِّسَالة

   
خلِّص يا ربُّ شعبَكَ وبارك ميراثك
 

إليك يا ربُّ أصرُخُ: إلهي

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس (أفسس 2: 4-10)

 

يا إخوةُ، إنَّ الله، لكونِهِ غنيًّا بالرحَمةِ، ومن أجل كثرَةِ محبّتِه التي أحبَّنا بها حينَ كُنّا أمواتًا بالزّلّات، أحيانا مع المسيح (فإنَّكم بالنِعمَةِ مخلَّصون)، وأقامَنا معهُ وأجلَسنا معهُ في السماويّاتِ في المسيحِ يسوع، ليُظهِرَ في الدهور المستقبَلَةِ فَرْطَ غِنى نِعمَتِه باللطفِ بنا في المسيح يسوع، فإنَّكم بالنِعمَةِ مخلَّصونَ بواسِطةِ الإيمان. وذلك ليسَ منكم إنَّما هُوَ عَطيَّةُ الله، وليسَ من الأعمال لئلاَّ يفتخِرَ أحدٌ. لأنَّا نحنُ صُنعُهُ مخلوقينَ في المسيحِ يسوع للأعمال الصالِحةِ التي سبقَ الله فأعَدَّها لنسلُكَ فيها.

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس لوقا (لوقا 10 : 25 -37)

 

في ذلك الزمان دنا الى يسوعَ ناموسيٌّ وقال مجرباً لهُ يا معلّمُ ماذا أَعمل لأرِثَ الحياةَ الابديَّة * فقال لهُ ماذا كُتِبَ في الناموس . كيف تقرأُ * فاجابَ وقال أحبِبِ الربَّ الَهكَ من كلِّقلبِك ومن كلّ نفسِك ومن كلّ قدرتكِ ومن كلّ ذهنِك وقريبَك كنفسِك * فقال لهُ بالصواب أجبتَ. اعمل ذلك فتحيا * فاراد ان يزكّي نفسَهُ فقال ليسوعَ ومَن قريبي * فعاد يسوع وقال كان انسانٌ منحدرًا من اورشليمَ الى اريحا فوقع بين لصوصٍ فعِرَّوهُ وجرَّحوهُ وتركوهُ بين حيٍ وميّتٍ * فاَّتفق أَنَّ  كاهنًا كان منحدِرًا في ذلك الطريق فأَبصرَهُ وجاز من أمامهِ * وكذلك لاوِيٌّ واتى الى المكانِ فأَبصرَهُ وجازَ من امامهِ * ثمَّ إنَّ سامريـَّا مسافرًا مرَّ بهِ فلمَّا رآهُ تحنَّن * فدنا اليهِ وضَمدَ جراحاتهِ وصَبَّ عليها زيتًا وخمرًا وحملهُ على دابَّته واتى بهِ الى فندقٍ واعتنى  بأَمرهِ * وفي الغدِ فيما هو خارجٌ أخرَج دينارَين واعطاهما لصاحِبِ الفندق وقال لهُ اعتَنِ بأَمره. ومهما تُنفِق فوقَ هذا فانا ادفعهُ لك عند عودتي * فايُّ هؤُّلاء الثلاثةِ تحسَبَ صار قريبًا للذي وقع بين اللصوص * قال الذي صنع اليهِ الرحمة . فقال لهُ يسوع امضِ فاصنع أنتَ ايضًا كذلك.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

خُلق الإنسان ليشارك ويشترك في طريقة حياة الله الشخصية، لكي يصبح شريكًا في الحرية والمحبة التي هي الحياة الحقيقية. الحب، باعتباره "إفراغًا" متواصلًا من العطاء والتضحية للآخرين، وإنكارًا عمليًا ومستمرًا للوحدة. الوحدة، كحدث روحي داخلي هي كمية نوعية. إن وجودها في الحياة البشرية "يشهد" على الوئام الروحي والضعف العقلي، فضلاً عن اضطراب العالم الداخلي للإنسان، لأن الوحدة تلغي الرفقة، وترفع جدارًا عاليًا وغير مرئي من العزلة والانعزال عن الكائن بشري. اليوم يعاني معظم البشر من هذه المأساة الداخلية بأكثر الطرق حدة. مأساة تصيب النفوس يوميا وتنخر الضمائر. إن عدم وجود إنسان، وغيابه، حقيقة محزنة.

 

في مثل "السامري الصالح"، يعلّم الرب الشاب المتسائل ، وبالتالي علينا جميعًا الحاجة إلى أداء الواجب تجاه كل من إخوتنا البشر، الذين يسميهم "قريب" وأنه لا يوجد عمل وفضيلة أعظم منه، لأنه من خلال قيام المرء بواجبه تجاه أخيه الإنسان، يستفيد كلاهما. أحدهما يستفيد داخليًا وعقليًا ، بينما يستفيد الآخر ماديًا وجسديًا. المعنى الأعمق لمثل "السامري الصالح" هو أن الرب يتخيل نفسه. كما أظهر وفعل، بالدرجة المطلقة، واجبه تجاه الإنسان "الساقط" والمنكوب بالخطيئة، لذلك نحن، الذين نتبع تعاليمه، يجب أن نقوم بواجبنا، أي التضحية بحياتنا. للآخرين وللمثل والقيم.

 

في الواقع الواجب هو قيمة عالمية ومضمونه ينبع من العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص. المجتمع محكوم بوعي كوني، جسد كل إنسان هو عضو فيه. يخلق التواصل الاجتماعي المادي والتاريخي للحياة خلفية مشتركة للحياة تتحرك فيها الطاقات والأفعال المختلفة وتتجلى، والتي تتجاوز وتعبر عن التفكير الاجتماعي الشخصي والشعور والإرادة في الأخلاق، والتي تعد مكونًا ضروريًا للمجتمع ، نتيجة لذلك لعلاقات الحياة الطبيعية والتاريخية ويدرك تحول الأنانية إلى إيثار، من أجل سعادة أكبر، سواء في المجتمع ككل أو لكل شخص. خُلق الإنسان ليعيش في المجتمع ويتواصل مع أخيه الإنسان، مع "جاره"، وبالتالي يتحمل واجبه تجاه أقرانه. يتجلى مساره في الحياة على أنه أخلاقي. لذلك يجب على الإنسان أن يذبح الـ"أنا ، لزيادة "أنت" و"نحن"، لأنها تعيش في المجتمع وهي مدين لها بأي حال من الأحوال. أداء الواجب قبول الدين في المقابل. إن الاعتراف بواجب كل شخص تجاه إخوانه من بني البشر  يضمن الواجب وفي نفس الوقت يوفر الحرية في الوجود البشري، والشجاعة الشخصية، والشعور العالي بالمسؤولية، والرعاية والحب لإخوانه من بني البشر ، مما يشير إلى تجاوز التضحية، بحيث يكتسب التعايش معنى وهدفًا.. مع الآخرين في المجتمع وفي المناسبات الاجتماعية.

 

هذه هي بالضبط العناصر التي وصفها المسيح في شخص السامري الصالح، الذي من خلال قرابته، أوفى تمامًا بواجبه تجاه أخيه الإنسان وأظهر حبه الأكبر للمتألم، وليس اللامبالاة وعدم الاقتصار على أسباب التعاطف. لم يمر بلا مبالاة كما فعل أسلافه، بل "نزل وشفى جروح هذا الزيت والنبيذ الرائع"، جاعلاً فضيلة حب الجار، بكل ما فيها عملاً وواجبًا. من الإنسانية إلى أخيه الإنسان وفي المجتمع بشكل عام. الإنسانية، التي ليست بديهية في عصرنا باعتبارها أقصى علاقة بين الناس وكحلقة وصل متماسكة بين الإنسان والإنسانية، على الرغم من حقيقة أن الإنسان ينتمي إلى هذه الوظيفة البنيوية ولا يمكنه أن يبقى إنسانًا، إذا لم يكن هناك مثل هذه العلاقة مع المجتمع.

 

اليوم، بسبب التنشئة الاجتماعية والعولمة، لا يدرك الناس في المقام الأول وجود البشرية أو الحاجة إليها. كل شيء يعمل في نظام يكتظ بالناس، وبالتالي لا يوجد تفاعل جوهري أو إنسانية مشتركة، مما يؤدي إلى عدم إنشاء علاقات شخصية بين البشر. وبالتالي، في هذا السياق لا تتطور البشرية، لأنه لا أحد يعتبرها مفيدة، مما يؤدي إلى تدهور عميق في قيم الحياة.

 

ثقافتنا الحديثة، التي تأكلتها قوى مادية ودنيوية قاسية وغير مؤلمة، حُرمت من العبء الروحي مما أدى إلى أزمة عميقة. هذه الأزمة ليست عرضًا موسميًا بسيطًا. إنه مرض يأتي من جذوره الروحية العميقة التي ميزت بنيته وجوهره، مما جرده من المبادئ والقيم. وبالتالي فإن الأزمة ناتجة عن التدهور السريع والتكفير للكينونة الروحية. نتيجة نشأة الكون هذه، في جذع ثقافتنا هي التغلب على خالقها، أي الرجل، الذي يحط من قدر كيانه النفسي، يزيل عنه كل لباس وإنسانية، ويجرده مما هو رائع حقًا، وجميل. وعالي ويقوده إلى الإفلاس الروحي الذي يولد الاغتراب واليأس ويعيش وحدته الشخصية. إن هذا الإحساس الاستبدادي بالوحدة، الذي يقسم الأرواح ويقسم الضمائر، هو الذي يعمل كعامل مساعد في الحالة النفسية الجسدية للإنسان، كحقيقة مأساوية في حياة الإنسان المضطربة. الوحدة تخنق أرواحنا جميعًا، وتدمر قنواتنا في المجتمع والتواصل، وتدفعنا إلى الكآبة.

 

الوحدة هي أعمق إحساس وجودي بالعزلة والاندماج، مما يخلق حواجز بين إخوانه من البشر، والتي تعزلها في سجن أخلاقي وروحي، يتغذى باستمرار من الوعي مما يتسبب في حدوث تصدعات في العلاقات الشخصية بين الناس، والتي تدين لها. يلفون أنفسهم في أن يصبحوا. بعبارة أخرى يصبحون رعايا فرديتهم، ويلغيون كل علاقات الإنسانية، ويزيلون التعبير التعويضي عن هذه الحياة الاجتماعية، التي هي الحب.

 

أنسب طريقة للناس للتخلص من وحدتهم هي الاقتراب منهم وتقديم الإنسانية والرعاية والحب لهم. لإقناعهم أننا نهتم بهم بصدق، وأننا نتألم معهم، ونعيد لهم الإيمان المحيي ونحفز أملهم في الحياة. هذه هي الطريقة الأفضل، وربما الطريقة الوحيدة، التي يمكننا تطبيقها، حتى يشعروا بأننا أبناء نفس الله وأن لهم الحق في حياة هادئة وهادئة، في "نزل السامري الصالح".

 

الأمر الذي يستدعي انتباهنا في هذا المثل هو إهمال الكاهن واللاويّ، وكأنّ يسوع أراد أن يقول لنا إنّ الخطيئة لا تكمُنُ في ارتكابَ فعلٍ سيِّئ وحسب، بل هنالك خطايا أخرى تنتجُ عن الإهمال أو الغفلة. أنا أكون غافلاً عن الله إن لم أنفق من وقتي وحياتي ومالي وصحّتي من أجل كُلِّ مَن أَلْقاه مَرْمِيّاً في درب حياتي، كُلِّ مَن أَلْقاه بحاجة إلى عنايتي.

 

من هو قريبي؟". أجاب يسوع: قريبك هو من تجعله أنت قريباً لك، إذ إنّك تستطيع أن تجعل الناس مقرَّبين إليك في المحبّة. وكيف أتقرّب من الناس؟ أتقرّب منهم بأن أذهب اليهم. القريب هو الإنسان الذي وضعه الله في طريق حياتنا. قريبي هو من أراه كُلَّ يوم. على سبيل المثال قريبُ المعلِّمِ التلميذ، قريبُ الزوجِ الزوجة، وقريبُ رَبِّ العملِ العامِل.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن السَّادِس

إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.

 

قنداق دخول السيدة إلى الهيكل باللحن الرابع

إنّ الهيكلَ الكلّيّ النَّقاوة، هيكلَ المخلِّص، البتولَ الخِدْرَ الجزيلَ الثَّمن، والكَنْزَ الطاهرَ لِمجدِ الله، اليومَ تَدْخُلُ إلى بيتِ الرَّب، وتُدخِلُ معَها النِّعمةَ التي بالرّوح الإلهيّ. فَلتُسبِّحْها ملائكة الله، لأنّها هي المِظَّلةُ السَّماوّية.