موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢١ يونيو / حزيران ٢٠١٣

أحد العنصرة

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن

تحتفل الكنيسة منذ القرن السابع للميلاد بعيد مقدس من أهم أعيادها وهو عيد العنصرة أو عيد حلول الروح القدس، وهو خاتمة الاعياد الفصحية وعيد ولادة الكنيسة، والعنصرة تعني التجمع والوحدة، وهي تعني عند اليهود اعلان الناموس على جبل سيناء واستلام موسى الوصايا بعد خمسين يوما من الفصح كما ورد في سفر الخروج 1:19 حيث كانوا يحيون فيه تذكاري عمود النار الذي قادهم في البرية والماء الذي خرج من الصخرة على يد موسى. عشرة أيام كاملة هي ما بين خميس الصعود وأحد العنصرة لم يغادر التلاميذ أورشليم تنفيذاً لوصية المخلص حينما قال لهم (واني أرسل اليكم ما وعد به أبي فامكثوا انتم في المدينة( اورشليم ) إلى أن تلبسوا قوة من العلى) لو 24 : 49 في اليوم الخمسين وبينما كان المؤمنون مجتمعين معاً بنفس واحدة في العلية يصلون، انطلق من السماء بغتة دوي كريح عاصفة فملأ جوانب البيت، وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم، وامتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بلغات غير لغتهم على ما وهبهم الروح القدس ان يتكلموا كما ورد في اعمال الرسل. لم يخف المؤمنون المجتمعون في العلية من هذه الريح العاصفة، ولم يستغيثوا كما خافوا واستغاثوا عندما حلت بهم عاصفة بحيرة طبريا، بل احسوا بعواطف واحاسيس لا توصف تنبع من قلوبهم، فرحين بعاصفة الروح القدس، واخذوا ينطقون بلغات كثيرة لم يتعلموها من قبل، وكان هذا الحدث بمثابة انقلاب عميق حل في نفوسهم، واخذوا يتحدثون بعجائب الله ويشهدون ان الروح القدس الذي وعدوا به من قبل المسيح قد جاءهم من الله فلا سبيل الى الخوف والتخبط والضياع بعد الان. ولو تأملنا بالعلامات التي رافقت حلول الروح القدس لوجدنا ان: الريح تشير إلى القوة الروحية الخلاقة "كانت الأرض خربة و خالية و على وجة الغمر ظلمة و روح الله يرف على وجه المياة" تك2:1. والنار تشير إلى عمل التطهير الذي للروح القدس (اش6:6،7) فقد حل الله على جبل سيناء بالنار (خر18:19)، أما فى هذا اليوم فحل على التلاميذ بالنار، والتكلم بالسنة هو تصويب لما حدث قديماً عند برج بابل حيث عاقب الرب لسان الأشرار عل كبريائهم وخطاياهم حتى لا يعرف الواحد لغة الأخر، ولكن الروح القدس فاض على ألسنة التلاميذ بلغات عديدة، ليستطيعوا أن يكرزوا ببشارة الملكوت فى العالم أجمع لكي يجمعوا العالم ليكونوا واحداً لله. الأب فى المسيح يسوع، وحلول الروح القدس لكي يصير الأنسان هيكلا لروح الله وتجديد الطبيعة التي أفسدت بالخطية فى العهد القديم فكان حلول الروح القدس على التلاميذ بمثابة معمودية بالروح القدس والنار. لقد فاضت مواهب الروح القدس والهامته على تلاميذ المسيح. و بدأوا يتكلمون ويعظون الناس، وكان الجميع يفهمون ما يقولون كما بلغاتهم الخاصة، وهؤلاء التلاميذ ما هم إلا صيادون وبسطاء غير متعلمين. لقد انقلبت هذه الجماعة الخائفة إلى كنيسة مبشرة بالمسيح يسوع وعجائبه وبروعة الايمان. المسيحي وقدسية تعاليم الانجيل، لقد فهم التلاميذ بعد حلول الروح القدس منْ هم، وما هي رسالتهم، وفهموا معنى كل ماحدث، لقد علّموا ووعظوا وعمّدوا وبدأوا يكسرون الخبز، بالإضافة إلى كل العجائب والأشفية التي رافقت رسالتهم. وكما امتلأ رسل المسيح بالروح القدس هكذا نحن مدعوون جميعا للامتلاء به، لننطلق من غير ان نرتاب، لان الروح يرشد ويعلم ويذكر " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق.ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو26:14) وحينما يعمل الروح القدس في نفوسنا فانها تنمو وتزدهر وتأتي بثمار روحانية كثيرة كما قال القديس بولس في رسالته إلي كنيسة غلاطيه: "وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، ايمان، وداعة، تعفف". ايها الروح القدس اسكن في قلوبنا واجسادنا، واضرم نار حبك فينا منذ معموديتنا وتثبيتنا، وفي ذبيحة كل قداس نشارك فيها، وفي كل قانون ايمان نتلوه، وفي كل سبت نور نجدد فيه مواعيد المعمودية، وعند الشك ثبت ايماننا وعند الخوف قونا، وعند التردد شددنا، وعند الصعوبة ساعدنا، وعند التجربة كن معنا، وزدنا ايمانا و رجاء وحبا، وافض علينا لغة المحبة والتسامح والغفران، وخلصنا من القلق والذنب والكبرياء والجهل والمرض والظلام.