موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٧ يوليو / تموز ٢٠٢٢

أحد الآباء المجتمعين في المجامع المسكونية الستة

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
أحد الآباء المجتمعين في المجامع المسكونية الستة

أحد الآباء المجتمعين في المجامع المسكونية الستة

 

الرِّسَالة

 

مباركٌ أنت يا ربُّ إله أبائنا،

لأنَّك عدلٌ في كلّ ما صنعتَ بنا 

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى تيطس (تيطس 3: 8-15)

 

يا ولدي تيطُسُ صادقةٌ هي الكَلِمةُ وإيَّاها أُريدُ أن تقرِّرَ حتَّى يهتمَّ الذين آمنوا باللهِ في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمالُ الحسنةُ والنافعة. أما المُباحَثات الهذَيانيَّةُ والأنسابُ والخُصوُمَاتُ والمماحكاتُ الناموسيَّة فاجتنِبْها. فإنَّها غَيرُ نافعةٍ وباطلةٌ. ورجُلِ البدعَةِ بعدَ الإنذار مرَّةً وأُخرى أعرِض عنهُ، عالِماً أنَّ مَن هو كذلك قدِ اعتَسفَ وهُوَ في الخطيئةِ يَقضي بنفسهِ على نَفسِه. ومتَى أرسلتُ إليكَ أرتمِاسَ أوتِيخيكوسَ فبادِرْ أن تأتيني إلى نيكوبولِس لأنّي قد عزمتُ أن أُشتّيَ هناك. أمّا زيناسُ معلِّم الناموس وأبُلُّوسُ فاجتَهد في تشييعهما متأهّبين لئلّا يُعوزَهما شيءٌ، وليتعلَّم ذوونا أن يقوموا بالأعمال الصالِحةِ للحاجاتِ الضَّروريَّة حتَّى لا يكونوا غيرَ مثمرين. يسلّمُ عليكَ جميعُ الذين معي، سَلِّمْ على الذين يُحبُّوننا في الإيمان. النّعمةُ معكم أجمعين.

 

 

الإنجيل

 

فصل من بشارة القديس متى (متى 5: 14-19)

 

قال الربُّ لتلاميذه: أنتم نورُ العالَم. لا يمكنُ أن تَخفْى مدينةٌ واقعةٌ على جبلٍ، ولا يُوقَد سِراجٌ ويُوضَعُ تحتَ المكيال لكِنْ على المنارة ليُضيءَ لجميع الذين في البيت. هكذا فليُضئ نورُكم قدَّام الناس ليَروا أعمالكم الصالحةَ ويُمَجدوا أباكم الذي في السماوات. لا تَظُنّوا أنّي أتيتُ لأحُلَّ الناموسَ والأنبياءَ، إنّي لم آتِ لأحُلَّ لكن لأُتممّ. الحقَّ أقول لكم إنَّهُ إلى أن تَزولَ السماءُ والأرضُ لا يزولُ حَرْفٌ واحدٌ أو نُقطةٌ واحِدةٌ من الناموس حتى يَتمَّ الكلُّ. فكلُّ مَن يَحُلُّ واحدةً من هذه الوصايا الصغار ويُعَلّمُ الناسَ هكذا، فإنَّهُ يُدعَى صغيراً في ملكوتِ السماوات. وأمَّا الذي يعمَلُ ويُعلّم فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

النور الحقيقي هو المسيح، جاء ليضىء للعالم، وجعل تلاميذه يعكسون نوره كما يعكس القمر نور الشمس، والنور يعنى أن يرشد الآخرين في حياتهم ويكشف الشر، ويوضح ان نور اولاد الله هو ان يعمل أولاده أعمال حسنه كما تعلموا من ابيهم السماوي ويرشدوا الاخرين ايضا من خلال هذه الاعمال فينيروا للاخرين وهذا هو عمل أولاد الله.

 

أيها الأحباء المقطع الإنجيليّ في أحد الآباء المجتمعين في المجامع المسكونيّة الستّة الأولى. يشدّد الآباء القدّيسون على ضرورة شرح الكتاب المقدّس بطريقة صحيحة، كي يكون الإيمان حياة الناس. إنّ الإيمان يجب أوّلًا أن يُرى ويختبر. كيف نفهم في هذا السياق اختيار الكنيسة لهذا المقطع الإنجيليّ من العظة على الجبل، وقول الربّ يسوع إنّ تلاميذه نور العالم، ومهمّة النور أن يضيء ويظهر أعمالًا صالحة ليتمجد الله الأب.

 

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم : يدعو الرب تلاميذه ليكونوا نوراً للمسكونة كلها أن يكونوا شديدي الحرص لأنهم على مرأى من كل الناس ظاهرين لكل الملأ ، هؤلاء البسطاء الذين هم غير معروفين في وطنهم سيغدون معروفين على مستوى العالم ويبلغ صيتهم أقاصي المسكونة. من المحال أن يخفى ما ينادون به، يقول السيد لهم أنه قد أضاء النور وأن من واجبهم الحفاظ على ديمومة ضيائه بالعيش وفق حياة جديرة بنعمة الله، لأنهم بذلك لا يصلحون العالم بل يعطون تمجيداً لله كذلك. لم يطالب السيد تلاميذه بأن يُظهروا أعمالاً صالحة، بل أن يعيشوا حياة صالحة فيضيء نورهم قدام البشر ولا شيء يرفع الإنسان أكثر من الفضيلة فبها يلمع الشخص بنور بهي ويرقى إلى السماء.'

 

منذ بداية خلق العالم "فصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارًا، والظلمة دعاها ليلًا" (تك1: 4، 5). قبل خلق النور المادي "كانت الأرض خرِبة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه" (تك1: 2). "وقال الله: ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة.." (تك1: 3، 4).

 

باستمرار الله يريد أن يفصل بين النور والظلمة، وبالأكثر في الأمور الروحية. لهذا قال الرب بفم إشعياء النبي: "ويل للقائلين للشر خيرًا، وللخير شرًا. الجاعلين الظلام نورًا، والنور ظلامًا.الجاعلين المر حلوًا، والحلو مرًا" (إش5: 20).

 

وقال بولس الرسول : "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين.. لأنه أية شركة للنور مع الظلمة" (2كو6: 14). النور يشير إلى معرفة الحق، والظلمة تشير إلى الجهل به.

 

لهذا قال السيد له المجد : "من يتبعني فلا يمشى في الظلمة، بل يكون له نور الحياة" (يو8: 12).

 

النور يشير إلى حياة القداسة ، والظلمة تشير إلى حياة الخطيئة وكما قال السيد : وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لأن كل من يعمل السيآت يبغض النور، ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله.

 

الاتّحاد بالله هو الطريق الوحيد ليظهر النور الذي في الإنسان للعالم. ولهذا الاتّحاد دافع أساسيّ: رغبة الانسان بالحياة في لله وحبُّ الله للإنسان: نور المخلوق يلتمس بكلّ قدرته النور الحقيقيّ غير المخلوق. هكذا، نور الحقّ الخلاصيّ يملأ كياننا بالتطهّر والاستنارة والاتّحاد بالله. وهكذا، يفيض النور في الكون، ليضيء الشمس والكواكب والنجوم وكلّ الخليقة والكون، ويروّي البرايا بأسرها بالحياة المحيية.

 

نحن حصلنا على هذا النور عندما نلنا الأستنارة أي نعمة المعمودية، علينا أن نتبع النور المرشد الجميع إلى الخلاص. وهذا النور لا يغرب ويثمر فينا إلى حياة أبدية. هذا هو الرجاء المفرح الذي يكشفه لنا الربّ يسوع المسيح. "أنتم نور العالم".

 

يطلب الانسان الشعور بالأمان ويحتاج الى حصن يرتاح فيه وملجاً ينتمي اليه، بحثاً عن النجاة عن الامل عن الطمأنينة والحب وعن الحق. ويعلن السيد المسيح بنفسه حقيقة مجيدة هامة لكل بني البشر مصرحاً: "أنا هو نور العالم...". قدم المسيح وعوده الثابته بالحرية من عبودية الخطية والبنوة لمن يقبله رباً ومخلصاً ووسط المخاطر يهب السلام والقوة بل والراحة للمتعبين. ليست وعود المسيح أماني وتوقعات بل يسكن روحه في الانسان فيخلق منه انساناً جديداً. نركز تأملنا على الاعلان المدوي للكون كله عندما قال بفمه "أنا هو نور العالم...".

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن السَّادِس

إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.

 

طروباريّة الآباء باللّحن الثامن

أنتَ أيها المسيح إلهنا الفائق التسبيح، يا من أسستَ آباءَنا القديسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هدَيتنا جميعاً إلى الإيمان الحقيقي، يا جزيل الرحمة المجد لك.

 

القنداق باللّحن الرابع

يا شفيعة المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسرَعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفعةَ دائماً بمكرِّميك.