أبونا فراس.. من الأرض إلى السماء

كاهن البساطة والابتسامة، وكاهن الشباب يرحل. نعم يحمل ذاك السراج الذي أضاء في سنوات خدمته ورسالته، حمله مضاءً بتلك المحبة العفوية، وتلك الروح التي جذبت اليها الكثيرين من الشباب المنغمسين في لذة هذا العالم، عرف كيف يوجه مسيرتهم، وعرف كيف يجذبهم إليه إلى ذاك القلب الكبير الذي أحبّ مجانًا، لأنه أراد الشباب، أراد روحهم المعطاءة وأراد قلوبهم لتنبض لذاك الفادي العظيم.

أبونا فراس، كاهن الإنسانية، أحبّ الجميع ورافق الجميع، وطني بإمتياز، وتشرّب من أهله كل معاني القيم الأصيلة وتلك المبادئ الراسخة، حمل علم بلاده في كل لقاء شبابي عالمي، رتّل للمسيح مبتهجًا، وغنى لوطنه ملتزمًا بحبه وعشقه لتلك الأرض التي ولد عليها ولذاك البيت الذي فيه تربى ومنه نمت بذرة الرسالة ومنه استقى كل التعاليم المسيحية الأصيلة وانطلق برسالته الأسيزيّة على مثال شفيعه فرنسيس الأسيزي.

يا كاهن المسيح ما عسانا أن نقول وما عسى تلك الأقلام تكتب! كم هي مؤلمة تلك الأيام التي سيفتقدك فيها كل المحبين الأوفياء لك، كم هي ثقيلة تلك الأيام على من أحبوا فيك روح الخدمة والبشاشة والبساطة! أبونا فراس لن ينساك الشباب أبدًا، ولن تنساك العائلات أبدًا، ولن ينسوك من تربوا على تلك الوداعة وتلك البساطة وتلك الروح المعطاءة التي أغنيت بها حياتك ورسالتك، لن تنساك تلك الرعايا التي كنت لها ابنًا بارًا وخادمًا أمينًا على مذابح الرب.

هنيئًا لك بالسماء موطنك الأبدي

هنيئًا لذاك الجبل الذي إحتوى جثمانك الطاهر

هنيئًا لك بالقداسة يا كاهن البساطة

وأقول لك:

سكنت اليوم قبرًا يا خادم المسيح

كنت له دومًا حاضرًا بكل تسبيح

تركت في الحياة كل قلب جريح

واليوم يرثونك بكل محبة ومديح

كنت خادمًا للكبير والصغير وحتى الكسيح

مزجت ألمك بحبك لذاك الذي سيق كالشاة الذبيح

يا محبًا لمريم العذراء وتنشد لها في الحياة كل مديح

لروحك الطاهرة الساكنة قلب السماء ألف سلام، وصلِّ للمتألمين على هذه الأرض.