موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٧ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١

وطني.. شمس

"وطني... شمس"، أوبريت يرصد تاريخ الأردن في مئوية تأسيسه

"وطني... شمس"، أوبريت يرصد تاريخ الأردن في مئوية تأسيسه

الاب رفعت بدر :

 

على جبل القلعة التاريخي، والمطل على عمان التاريخ والحضارة، قدمت وزارة الثقافة أوبريت «وطني شمس»، من أشعار الشاعر الراحل جريس سماوي، وأحمد الفاعوري، وإخراج محمد الضمور وألحان ليندا حجازي. وإنني لأقولها وبشكل صريح: «إن العمل يليق باحتفالات المئوية الأردنية»، وذلك للاسباب التالية :

 

أولاً، الرعاية السامية من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي انتدب وزير الثقافة علي العايد للحضور باسم جلالته. وكان الحضور مميزًا وراقيًا غير حاشد، مما أتاح للمشارك أن يركز على محتوى الأوبريت أو المغناة الأردنية.

 

ثانيًا، إن حضور الشاعر جريس سماوي الذي رحل مع شقيقه سليم بذات الفترة، بسبب داء الكورونا، ما زال حيًا وناصعًا ومجلجلاً. فالراحل العزيز قد بدأ بكتابة قصائد هذه المغناة، ولا أدري ان كان قد أتمها أم لا، لكنَّ كلماته وتعابيره قد جعلته حياً، وكان لحضور أهله وذويه بالغ الأثر في نفوس كل من شاهدهم وتحدث إليهم. فالرحمة على روحه الطاهرة، والأمل ان تقوم الوزراة بجمع قصائده بأعمال كاملة.

 

ثالثًا، ان التقنيات المستخدمة في الحفل عالية المستوى، من جودة الصوت والصورة ثلاثية الأبعاد، والتشاركية بين الصورة والأشخاص الحقيقيين على المسرح، وهذا بالطبع تطور كبير على مسرحنا الأردني ونأمل له مزيدًا من التجدد والابداع.

 

رابعًا، نحتفل طبعًا بمئوية الأردن، لكننا كما ظهر في المغناة لا نركز فقط على مئة عام، فتاريخنا يعود إلى ألوف السنوات، وقد توالت حضارات على هذا البلد، وتركت أثراً وآثاراً، وما اقامة الحفل على جبل القلعة إلا برهان على ذلك، سيما وأنها تعود إلى القرن السابع الميلادي وتطل بكبرياء وعنفوان على المدرج الروماني الشاهد على عمق الحضارة في هذا الوطن العزيز.

 

خامسًا، إنّ بلدنا أرض مقدسة، وفي اللقطة الثانية، تركز الأوبريت على نهر الأردن المقدس، وتتغنى بيوحنا المعمدان والسيد المسيح، في حدث المعمودية في المغطس المذكور، إلى جانب البترا وأضرحة الصحابة، وهو يشكل بهذه الألحان المغناة مدعاة إلى زيارة الأردن والبترا بأمكنته المبجلة لآثار القداسة فيه.

 

سادسًا وأخيرًا، ان الابداع موجود لدينا من شعر وكلمات إلى لحن وأداء، فالتلحين الذي أبدعت ليندا حجازي بتقديمه ليحيي الروح الانسانية، والوطنية، ويؤكد على الأصالة والقداسة في بلد المعمودية وبلد الهاشميين، وهنالك جمهور الممثلين والأداء والدبكات والأصوات الرائعة للطفلة ايمان بيشة والفنانة نتالي سمعان وغيرهما ممن أتحفونا بهذه العروض، وهم يستحقون التشجيع، وتنمية مواهبهم الابداعية، لأنهم يرسمون صورة الأردن في المئوية الثانية، وهي صورة مشرقة وجاذبة وأصيلة ونقية وساطعة تماماً «كالشمس» التي هي عنوان الأوبريت الرائع.

 

وما أجمل الختام بكلمات جريس سماوي الرائعة حول نهر الاردن والتي كما اسلفت قد تم اداؤها على جبل القلعة:

 

في نهرِ الأردنِّ صفاءُ طهرٌ أزليٌّ ونقاءُ

ورسائلُ حبٍّ وسلامٍ تحفظُها أرضٌ وسماءُ

يوحنَّا وبشارة خيرٍ ويسوعٍ في المغطسِ جاءوا

فتعمَّد في ماءٍ طهرٍ ما فاقَ طهارتَهُ الماءُ

ماءُ الأردنِّ قداستُهُ وترابُ الأردنِّ سواءُ

في هذي الأرض رسالاتٌ هِيَ نورٌ يَهدي وضياءُ

 

دام الابداع... !