موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٢

مع العام الجديد: كن سندًا أخضر

الأب رفعت بدر مترئسًا قداس عشية رأس السنة في كنيسة قلب يسوع الأقدس - تلاع العلي، 31 كانون الأول 2021

الأب رفعت بدر مترئسًا قداس عشية رأس السنة في كنيسة قلب يسوع الأقدس - تلاع العلي، 31 كانون الأول 2021

الأب رفعت بدر :

 

مع بداية العام الجديد، لنقرّر أن نكون سندا أخضر، بعضنا لبعض...

 

فقد تعلّمنا في هذه الفترة الكورونيّة العديد من المصطلحات، فمن المصاب إلى المحجور إلى المخالط، ومن المشافى، بعون الله، إلى مصطلحات تطبيقات أمان وشهادة المطعومين، والمطعوم المعزّز أو الجرعة المدّعمة، وصولاً إلى «تطبيق سند» بلونيه الأحمر، لا سمح الله، والأخضر، بإذن الله تعالى.

 

يستوقفني، مع اشراقة شمس العام الجديد، مصطلح السند الأخضر. والسند في اللغة العربيّة كلّ ما يُستند إليه ويعتمد عليه من حائط وغيره، ومنه قيل لصكِّ الدّين وغيره. والاستنداد هو إن يميل المرء على أمرٍ يعينه على مشقّات الحياة. واللون الأخضر هو طبعًا رمز السلام والطمأنينة والنيّة الحسنة التي أقيم لها سفراء في العالم. مثل لون غصن الزيتون الاخضر الذي عاد في فم «حمامة السلام» حين انتهى الطوفان الذي انقذت البشرية وقتها، بفضل سفينة نوح، في عام 2700 قبل الميلاد. والاستناد ينبغي أن يكون على أمر قوي، وإلا ينهار الاثنان معًا. ونقول نحن في حياتنا اليوميّة «لا تستند على حيط مايل»، لأنّه لن ينفعك ولرّبما سيضرّك ويسقط عليك.

 

الصديق إذًا هو السند الأخضر في هذه الحياة، وإلا أصبح الإنسان عبئًا على قريبه، وليس سندًا! وكم هي الحاجة مُلّحة إلى وجدان هذا السند الطيب المؤمن والمؤمّن له، والذي يجعل مخافة الله أمام عينيه فلا يفعل بصاحبه شرًا. وهنا اقتبس في هذه الأيام الميلاديّة من الكتاب المقدّس، متحدثًا عن صفات السند الأخضر، حيث جاء: «يا رب من يقيم في خيمتك ومن يسكن في جبل قدسك؟ السالك طريق الأمان وفاعل البرّ، والمتكلم بالحقّ في قلبه. من بلسانه لا يغتاب، وبصاحبه لا يفعل شرًا، وبقريبه لا يفعل عارًا... لا يقرض بالربا ماله، ولا يقبل على البريء رشوى. فمن عمل بذلك لا يتزعزع للأبد». أجل لا يتزعزع لأنه متكىء بدوره على سند الله الذي لا يغدر به، وهو بدوره سند لأخوته لا يغدر بهم أبدًا.

 

كتبت الشاعرة الكويتية سعاد الصباح قصيدة: كن صديقي، وغنتها السيدة ماجدة الرومي، واليوم نقول لا تكتف بان تكون صديقا عاديا، بل كن سندا أخضر لصديقك. فالسند هو الأخ الأمين والصديق الثقة الذي يستطيع الإنسان أن يخبىء أسراره في قلبه. وهو موجود، طبعًا، رغم حالات الخذلان والغدر والخيانة الكبيرة التي يواجهها الأصدقاء في هذا الزمان. وهنالك أزواج بقيوا أمناء بعضهم لبعض فكانوا السند الأخضر في دروب الحياة، وهنالك أصدقاء مستعدوّن للتضحية بكلّ ما لديهم في سبيل أصدقائهم. فإن «خليَت بليَت» كما يُقال.

 

عزيزي القارئ، نصيحتي مع بداية العام الجديد: كُن سندًا أخضر لصديقك... ورافقتك السلامة.