موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٥ يوليو / تموز ٢٠٢١

كلمة مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في مؤتمر "كلكم أخوة"

الاب الدكتور رفعت بدر،  مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام

الاب الدكتور رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام

الاب رفعت بدر :

 

معالي وزير الثقافة الأكرم الأستاذ علي العايد، الصديق العزيز،

صاحب السيادة المطران وليم الشوملي الموقّر،

أصحاب السيادة الأساقفة وممثلي الكنائس وممثلي الفعاليات الرائعة،

أصحاب العطوفة والسعادة،

أهلا وسهلاً بكم من جديد،

 

نعود والعود أحمد إلى مؤتمراتنا الوجاهيّة، والحمد لله، وهذا هو المؤتمر الوجاهي الأول الذي ينظمه المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام من بعد جائحة كورونا. تنذكر وما تنعاد.

 

أيها الأحباء، يحمل مؤتمرنا اليوم اسمًا عزيزًا وهو: "كلكم أخوّة Fratelli Tutti: نحو تعزيز ثقافة الأخوّة والتضامن". إنّنا اليوم في الأردن الحبيب، وفي العالم أجمع، نسير في سفينة واحدة، وهذه السفينة قد ارتفعت فوقها أمواج كبيرة، وموجة كورونا لم تكن الموجة الأولى، ولن تكون الموجة الأخيرة، لذلك نحن في خضم البحر، ما زلنا نبحر، وما نزلنا نسير، ولكننا بحاجة إلى تجذير وتعميق للثقافة الحقيقيّة، الثقافة البانيّة، الثقافة التي تُعطي، الثقافة التي تبشّر بالخير في المستقبل، والثقافة التي تضع الرجاء في النفوس، والرجاء الذي يتخطى الأمل البسيط لكي يبصر الإنسان حياةً كريمةً حرّةً رائدةً ومبدعةً في كافة مجالات الحضور الإنساني في هذا الوجود.

 

إنّنا نشكر الله معكم على نعمة شفاء الوطن، وإن شاء الله نسير نحو التعافي الكامل. ستعود الحياة أيها الأحباء إلى مجراها، أجل ستعود الحياة الى الحياة، ولكننا بحاجة إلى أخذ الدروس والعبر، ومن أهمّ هذه الدروس: كيف نعمّق ثقافة الأخوّة والتضامن بين جميع الأطياف، بغض النظر عن دينٍ أو عرقٍ أو جنسٍ أو قوميّةٍ أو انتماءٍ سياسيّ أو اجتماعيّ أو غيرها؟ فقد توحّد العالم على الألم، وها هو يتوحد على الأمل... وبتنا بحاجة إلى أن تصبح هذه الكلمات جزءًا من ثقافتنا اليومية، الثقافة التي تتخطّى المعلومات التي تُغدقها علينا وسائل الإعلام الحديثة يوميًا.

 

في أردننا الحبيب، إنّنا ونحن نحتفل بمئوية تأسيس هذا الوطن العتيد، والدولة الأردنيّة الراسخة، نرجو من الله تعالى الذي منّ علينا بعددٍ كبير من المؤسسات التربويّة الرائدة، والمؤسسات الفكريّة والثقافيّة، أن ينعم علينا بأن تكون ثقافة الأخوّة والتضامن جزءًا أساسيًا من ثقافتنا المحليّة التي نصّدرها للعالم أجمع: وثقافتنا هذه هي: ثقافة الانفتاح. قال البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000، حيث استقبله جلالة الملك عبدالله الثاني اين الحسين المعظم: "هنئيًا لكم أيها الأردنيون حسن الضيافة والانفتاح". وثقافة التقبّل هي من ثقافتنا الأردنيّة أيضًا، وقد صدّرنا للعالم أجمع مبادرات راسخة أصبحت مبادرات دوليّة في مجال الحوار وتقبّل الآخر وبالأخص التقبّل الديني، وهذا شرف عظيم لنا بعد مائة عام من التأسيس. ومن ثقافتنا أيضًا هي ثقافة الاستقبال، حُسن استقبال الآخرين، سواء كانوا حجاجًا أو سائحين، أو عمالا ومستثمرين وعاقدي مؤتمرات، أو مهجّرين ولاجئين. إنّ الأردن يُحسن الاستقبال، ويُحسن الاحتضان، ويُحسن التقبّل بأن يكون هو المعزي، والذي يعصب الجروح ويداويها بزيت أردنيّ كريم.

 

أيها الأحباء، هذه هي الثقافة التي نريد لا أن نخلقها بل أن نعزّزها في أردننا الحبيب.

 

أما عالميًا، فقد أنشأ قداسة البابا فرنسيس، الذي جاء إلى السدّة البابوية - وطبعًا ندعو له في الشفاء في هذا الصباح لأنه سيخضع في هذا الوقت لعملية جراحيّة. إنّه قد رسّخ مفهوم الأخوة الإنسانيّة، سواء في توقيع الوثيقة المشتركة الإسلاميّة-المسيحيّة مع شيخ الأزهر، أو في إطلاقه لوثيقة هامّة سيتحدّث عنها سيادة المطرن وليم شوملي مشكورًا بعد قليل Tutti Fratelli "كلكم أخوة: في الصداقة والأخوّة الاجتماعيّة".

 

وفي هذا الخصوص يعقد هذا المؤتمر الذي ينظمه المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالتعاون مع جمعية كاريتاس الخيرية، التي تحوّل الثقافة إلى عمل يومي، وإلى رسالة يوميّة فيها بصمات كاريتاسيّة، ليس فقط محيط اجتماعي ضيق، إنما في كلّ أرجاء المجتمع الأردنيّ الواحد. وهو طبعًا مبادرة عالميّة نفخر بالأردن بأنّها مؤسسة منذ أكثر من خمسين عامًا. أما المركز الكاثوليكي الذي يقترب من اضاءة شمعته العاشرة ، فسنتحدّث عنه إن شاء الله في الفيلم القصير الذي سنشاهده بعد قليل.

 

معالي الوزير الأكرم، شكرًا لرعايتك لهذا المؤتمر، وشكرًا لحضورك، وشكرًا لكلمتك التي ستنطق بها بعد قليل. شكرا لوزارة الثقافة بكوادرها كافة، وعليكم هالسنة شغل كثير لانها سنة المئوية. شكرًا لجمعية كاريتاس، ولفندق رويال، وللاعلامية دينا هلسة عريفة حفل الافتتاح هذا. كما أنني أشكر جميع الأخوة المتحدثين، والمقدمين، والمعلقين. نشكركم جميعًا أيها الأحباء، وندعو الله تعالى أن يحفظ أردننا العزيز سالمًا غانمًا لكي نعود بهذا الشكل إلى المؤتمرات والندوات التي من خلالها نسلط الضوء على الثقافة الحقيقيّة المتجذّرة في داخل نفوس أبنائنا وبناتنا الأعزاء.

 

كل التحيّة لكم، وتحيّة لجهود اللجنة الملكية للإصلاح التي دعا إليها صاحب الجلالة  الملك عبداله الثاني ابن الحسين المعظم، وإن شاء الله ينتج عنها أسس ثقافيّة أيضًا، ليس فقط في الجانب القانوني، لإدراج قانوني الانتخاب والأحزاب، وإنما نلمس أيضًا ذلك ضمن منظومة ثقافيّة جديدة ومتجدّدة في مجتمعنا الأردني وقوامها دائمًا: التقبّل، الانفتاح، حسن الاستقبال والضيافة العربيّة الأصيلة المتجّرة في ثقافتنا الأردنية.

 

شكرًا لكم، والله يعطيكم الصحة والعافية.