موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١١ يوليو / تموز ٢٠٢١

على متن سفينة واحدة

منظر عام لمؤتمر "كلكم أخوّة: Fratelli Tutti نحو تعزيز ثقافة الأخوّة والتضامن"

منظر عام لمؤتمر "كلكم أخوّة: Fratelli Tutti نحو تعزيز ثقافة الأخوّة والتضامن"

الاب رفعت بدر :

 

من حسنات «الصيف الآمن» هذا العام، والحمد لله، عودة المؤتمرات الوجاهية التي اشتقنا إليها، بعد مئات المؤتمرات الافتراضية التي اعتدنا عليها طبعًا، لكنّها تفتقد إلى المشاركة والتفاعل الحقيقي بين المشاركين. وعلى ذلك عقد المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، قبل أيام، مؤتمرًا وجاهيًا هو الأول من بعد تخفيف القيود التي جاءت بسبب الكورونا. وحمل المؤتمر الذي جاء برعاية معالي وزير الثقافة الأستاذ علي العايد، "كلكم أخوّة:  Fratelli Tuttiنحو تعزيز ثقافة الأخوّة والتضامن".

 

شدّد المؤتمر على أنّنا اليوم نتواجد على متن سفينة واحدة، وقد ارتفعت فوقها أمواج كبيرة، وموجة كورونا لم تكن الموجة الأولى، ولن تكون الموجة الأخيرة، لذلك نحن في خضم البحر، ما زلنا نبحر ونسير، ولكننا بحاجة إلى تجذير وتعميق للثقافة الحقيقيّة، الثقافة البانيّة، الثقافة التي تُعطي، الثقافة التي تبشّر بالخير في المستقبل، والثقافة التي تضع الرجاء في النفوس، والرجاء الذي يتخطى الأمل البسيط لكي يبصر الإنسان حياةً كريمة حرّة رائدة ومبدعة في كافة مجالات الحضور الإنساني في هذا الوجود.

 

نشكر الله، في هذه الأيام، على نعمة شفاء الوطن، وإن شاء الله نسير نحو التعافي الكامل. نعم، ستعود الحياة إلى الحياة، أي إلى طبيعتها، ولكننا بحاجة إلى أخذ الدروس والعبر، ومن أهمّها: كيف نعمّق ثقافة الأخوّة والتضامن بين جميع الأطياف، بغض النظر عن دينٍ أو عرقٍ أو جنسٍ أو قوميّةٍ أو انتماءٍ سياسيّ أو اجتماعيّ؟ فقد توحّد العالم على الألم، وها هو يتوحد على الأمل، وبتنا بحاجة إلى أن تصبح هذه الكلمات جزءًا من ثقافتنا اليومية، الثقافة التي تتخطّى المعلومات التي تُغدقها علينا وسائل الإعلام الحديثة يوميا.

 

نرجو، ونحن نحتفل بمئوية تأسيس هذا الوطن العتيد، والدولة الأردنيّة الراسخة، من الله تعالى الذي منّ علينا بعددٍ كبير من المؤسسات التربويّة الرائدة والمؤسسات الفكريّة والثقافيّة، أن ينعم علينا بأن تكون ثقافة الأخوّة والتضامن جزءًا أساسيًّا من ثقافتنا المحليّة التي نصّدرها للعالم أجمع. وثقافتنا هذه هي: ثقافة الانفتاح؛ حيث قال البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000، حين استقبله جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم: «هنيئا لكم أيها الأردنيون حسن الضيافة والانفتاح». وثقافة التقبّل هي من ثقافتنا الأردنيّة أيضًا. وقد صدّرنا للعالم أجمع مبادرات راسخة أصبحت مبادرات دوليّة في مجال الحوار وتقبّل الآخر وبالأخص التقبّل الديني، وهذا شرف عظيم لنا بعد مائة عام من التأسيس. ومن ثقافتنا الأردنية أيضًا ثقافة الاستقبال، حُسن استقبال الآخرين، سواء كانوا حجاجًا أو سائحين، أو عمالاً ومستثمرين وعاقدي مؤتمرات، أو مهجّرين ولاجئين. إنّ الأردن يُحسن الاستقبال، ويُحسن الاحتضان، ويُحسن التقبّل بأن يكون هو المعزّي، والذي يعصب الجروح ويداويها بزيت أردنيّ كريم.

 

باختصار، أكد المؤتمر الوجاهي الاوّل بأنّنا لم نأت لكي «نؤسس» ثقافة الأخوّة والتضامن بل لكي «نعزّزها» في وطننا كرسالة يوميّة، ذلك أنّ ثقافتنا –أو رسالتنا- الأردنية قائمة منذ التأسيس، وعلينا على بعد مئة عام أن نسهم في ترسيخ الاخوّة والتضامن، عنوانا لثقافة المئوية الجديدة.