موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٨ ابريل / نيسان ٢٠٢١

رسالة مميّزة من الفاتيكان بمناسبة رمضان

الآلاف يؤدون الصلاة في الجمعة الأولى من شهر رمضان في المسجد الاقصى (تصوير: عفيف عميرة)

الآلاف يؤدون الصلاة في الجمعة الأولى من شهر رمضان في المسجد الاقصى (تصوير: عفيف عميرة)

الأب رفعت بدر :

 

ما الذي يميّز رسالة الفاتيكان الى الاخوة والاخوات المسلمين في العالم، بمناسبة شهر رمضان المبارك هذا العام؟ تأتي هذه الرسالة الموقعة من المجلس الحبري (أو البابوي) للحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان، بعد شهر من الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس إلى العراق الشقيق، حيث أقام في بلدة أور الكلدانية، صلاة رمزية خاصة، مع ممثلين من مختلف الأديان الحاضرة في العراق، ذلك أن أور هي مسقط رأس النبي إبراهيم أبي المؤمنين، الذي يحظى بإكرام خاص من مختلف الأديان التي تدعى بالإبراهيميّة. وثانيًا أنّ الزيارة تأتي بعد الوثيقة والرسالة الهامة التي سطرها البابا فرنسيس العام الماضي، بعنوان «كلكم أخوة وأخوات Fratelli Tutti»، وفيها وضع عصارة تفكيره بالدعوة إلى الأخوّة الشاملة بين البشر، وهي قادرة على مساعدة العالم على إيجاد حلول لمعضلات البشرية جمعاء.

 

تحمل الرسالة هذا العام عنوان: «المسلمون والمسيحيون، شهود الرجاء». وتقول: شعرنا خلال أشهر الألم والقلق والحزن الطويلة المنصرمة، وبخاصّة خلال فترات الإغلاق، بالحاجة إلى العون الإلهيّ، ولكن أيضًا إلى تعبيرات ومؤشّرات تعاضدٍ أخويّ: اتّصالٌ هاتفيّ، رسالة دعمٍ وتعزية، صلاة، مساعدةٌ في شراء أدوية أو طعام، نصيحة، وبالاختصار حاجتنا إلى أن نعرف أنّ هناك دومًا شخصًا لمساعدتنا عند الحاجة. وتقول أن أكثر ما نحتاج إليه في أوقات مثل هذه، بعد العون الإلهي، هو الرّجاء. وينبع هذا من إيماننا بأنّ كلّ مشكلاتنا ومحننا هي ذات معنى وقيمة وهدف، مهما كان من الصّعب أو حتّى من المستحيل أن نفهم سببها أو أن نجد طريقًا للخروج منها.

 

وتتحدث الرسالة عن الأخوّة الإنسانيّة، بتجلّياتها المتعدّدة، فهي مصدر رجاء للجميع، وبخاصّة للّذين هم في أيّ شكلٍ من أشكال الحاجة. الحمد لله خالقنا والشكر لإخوتنا وأخواتنا على الاستجابة السّريعة والتكاتف السخيّ الذي بدا من مؤمنين وكذلك مِن أشخاصٍ ذوي إرادة طيّبة دون أيّ انتماء دينيّ في زمن الكوارث، سواء كانت طبيعيّة أو من صنع الإنسان، كالصّراعات والحروب. فكلّ هؤلاء الأشخاص وصلاحهم، بحسب الرسالة، يذكّرنا نحن المؤمنين بأنّ روح الأخوّة عالميّة وأنّها عابرةٌ لكلّ الحدود العرقيّة والدينيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.

 

وتتحدث رسالة الفاتيكان في رمضان 2021 عن أمور تسميها بأعداء الرجاء، وتعطي أمثلة الإيمان الناقصٌ بمحبّة الله وبعنايته؛ فقدان الثّقة بإخوتنا وأخواتنا؛ التشاؤم؛ اليأس ونقيضه، أي الإدّعاء؛ التعميم المبنيّ على الخبرات الفرديّة السلبيّة؛ وغير ذلك. ولهذا من الواجب مقاومة هذه الأفكار والمواقف وردود الفعل بشكل ملموس، من أجل تقوية رجائنا بالله وثقتنا بإخوتنا وأخواتنا. وتخلص الرسالة بقولها: نحن مدعوون، مسيحيّين ومسلمين، لأن نكون حَمَلة رجاءٍ لهذه الحياة كما للحياة الآتية، وبخاصّة للذين يعانون من الصّعوبات ومن اليأس.

 

وفي الختام، أضم صوتي إلى صوت المجلس البابوي بتهنئة الأخوة المسلمين بحلول شهر رمضان المبارك، وأرفع التهنئة، إلى الأسرة الأردنية الواحدة، وهي تحتفل كذلك بمئوية تأسيس الدولة، بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله، راجيًا أن يكون هذا الشهر شهر خير وبركة، وأن ينعم الله تعالى على البشريّة بالشفاء ويشدّد رجاءها بعودة الحياة الطبيعية بعد الانتهاء من وباء كورونا، فيشفي المصابين، ويرحم الراقدين، ويعزي الحزانى والخائفين. وكل عام وأنتم بخير !