موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢ مايو / أيار ٢٠٢١

خمسة إشعاعات من فجر الأحد

قداس سبت النور 2021 في كنيسة قلب يسوع – تلاع العلي (تصوير محمد ابو غوش)

قداس سبت النور 2021 في كنيسة قلب يسوع – تلاع العلي (تصوير محمد ابو غوش)

الاب رفعت بدر :

 

ويطلّ الفصح من جديد. وبعدما كان العام الماضي فترة إغلاق طويل تبعًا لإجراءات كورونا، سرّ الناس هذه السنة بالذهاب إلى الكنيسة وبالأخص بعد رفع الحظر عن يوم الجمعة، وبالتالي كانت كنائسنا مزيّنة بالمؤمنين من أحد الشعانين إلى صبيحة أحد الفصح - أحد القيامة. كانوا مسرورين، وبنفس الوقت ملتزمين بإجراءات الوقاية والسلامة العامّة.

 

فماذا يحمل عيد الفصح هذا العام من رسائل أمل ورجاء؟

 

أولاً: تساءل الناس هذا العام عن سبب التباعد (4 أسابيع) بين العيد الشرقي والغربي، وشعروا في كلّ أنحاء العالم، وفي شرقنا العزيز، بأنّ هنالك اختلافا كبيرًا بين التقويمين. ونكرّر ما قلناه سابقًا بأن القضيّة فلكيّة، فهنالك تقويمان الأول غريغوري (غربي) والثاني يولياني (شرقي)، وبينهما كان هذا الاختلاف الفلكيّ هذا العام، وهو الأمر الذي لم يحدث لأوّل مرّة، لكن مشاعر الناس تزداد نحو الوحدة الحقيقيّة، وإن شاء الله يحدث في المستقبل توافق. وهنالك أيضًا مساعٍ لتوحيد توقيت الاحتفال بالعيد، ويؤمل أن يتحقّق ذلك عام 2025، في ذكرى 1700 عام لمجمع نيقية الذي أقرّت فيه هذه القوانين أن يكون أحد الفصح الذي يلي أول بدرٍ مكتمل بعد الربيع. طبعًا في الأردن، وحدّنا الاحتفال بالعيد منذ 42 عامًا، وما زلنا متمسكين بهذا الخيار الوحدوي.

 

ثانيًا: ترفع صلاة حارّة في فصح هذا العام من أجل أن يشفي الرب العالم من وباء الكورونا. وفي الإنجيل المقدّس، اجترح السيد المسيح العديد من المعجزات، ومنها ما جرى في بلادنا، وبالأخص عند منطقة جدارا (أم قيس). ومن الأردن، نصلي الى الرّب لكي يحدث معجزته المنتظرة بأن يشفِي العالم فيخلص الناس من وباء كورونا الذي سيطر على معظم فعالياتهم ودورة الحياة الطبيعية، وبالتالي ترفع الصلاة من أجل الشفاء لكي يعود الناس إلى ممارسة حياتهم الطبيعية كما كانت، ولكن مع عبر ودروس كثيرة.

 

ثالثًا: مع رائحة البخور الزكيّة، ترفع الصلوات حارّة، صبيحة أحد القيامة، من أجل أرواح الراقدين الذين سقطوا على أرض معركة كورونا في هذا العام. ومنهم أطباء وممرضون، والعديد من الأشخاص الذين غادروا بصمت دون أن يودّعهم أحد، وأحدث في بيوتهم فراغا وكثيرًا من الأحزان. إن رسالة الفصح هي رسالة تعزية لكن إنسان فقد عزيزًا، لكي يرحم الرب الراقدين ولكي يتحنّن على الحزانى بالعزاء المبني على الصبر وقوّة الإيمان.

 

رابعًا: الفصح هذا العام هو تضامن أخوي، مع كلّ الذين يتألمون بسبب جائحة كورونا، وتبعًا لإجراءات الإغلاق المستمرّ. وهنالك دراسات تدل على ارتفاع نسب البطالة والفقر في صفوف الناس في مجتمعنا وفي العالم أجمع. في مجتمعنا هنالك أغنياء وهنالك فقراء، والأعياد هي مناسبة لتقليص الفجوة بين الفئتين بأعمال تضامن مؤسساتيّة وفرديّة حقيقيّة. وفي هذه الفترة قامت البطريركية اللاتينية والكاريتاس الأردنية بمدّ يد العون إلى مئات العائلات فأدخلا إليها فرح العيد.

 

خامسًا وأخيرًا، نحن فخورون في الأردن بأن يكون هذا العيد المئة لعيد الفصح بعد تأسيس الدولة الأردنيّة. وهذا يؤكد على حضور مسيحيّ قويّ في مجتمعنا، فالمجتمع التعددي هو كنز حقيقي في مجتمعنا، وقد حافظنا عليه لكي يكون دائمًا أنموذجًا للعيش المشترك المبنيّ على المحبّة والاحترام المتبادلين. قد تحصل أحيانًا بعض الاشكاليات والنقاشات، وبالأخص على شبكات التواصل الإجتماعيّ، لكن التعميم غير سليم! وبالتالي فإن الأفضل هو الحديث عن الرقيّ في العلاقات والنظرة إلى الآخر بأنّه مواطن كامل الحقوق والواجبات، وبأنّ عقيدته هي أيضًا تؤهله أن يطلب رحمة الرب في كل حين، وليس هنالك من يدّعي بأنّه يملك استثناء أي شخص من وصول رحمة الله إلى بيته وقلبه بالأخص في حالات الحزن والفقدان.

 

حفظكم الله، وحفظ وطننا، وحفظ وحدتنا الوطنيّة الغالية. كل عام وأنتم بألف خير.