موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٣١ مارس / آذار ٢٠٢١

ثلاثون تقتل ثلاثينيًا... بالخيانة

ثلاثون تقتل ثلاثينيًا... بالخيانة

ثلاثون تقتل ثلاثينيًا... بالخيانة

الأب رفعت بدر :

 

اليوم في العالم الكاثوليكي هو الأربعاء المطل على خميس الأسرار. إنها أربعاء الخيانة، حيث يتسلل يهوذا الإسخريوطي من بين التلاميذ، بينما هم يصغون إلى المعلم المسيح وهو يقدم تعليمه حول المحبة والمغفرة، ويذهب إلى اليهود المتعطشين للدم والصلب.

 

ويجري بينهم الحوار المصلحجي التالي:

- بكم تشترون؟

- وهل أنت بائع؟

- أجل، وبسرعة قبل أن أغيّر رأيي؟

- تقصد أنك ستبيع معلّمك؟

- أجل، بسرعة... فالضمير قد يستيقظ وتندمون.

- لا لا، ابقه نائمًا... إليك 30 من الفضة.

- زيدوها كمان 3.

- ولماذا يا بائع؟

- على قدر عمره: ثلاثة وثلاثين!

- من هون لهون، فقط 30... خذ مالك، ولكن لا تعد إذا استيقظ ما اسمه... الضمير.

 

هي الخيانة إذًا، يستطيع الإنسان أن يتبع صوتها، ولا يعود يستسيغ إليه، فتذهب به بعيدًا، بعيدًا جدًا، وحين يريد العودة، تكون الحبل قد شدّت حول عنقه، وما عاد لديه متسع للعودة.

 

ولا تكون فكرة العودة، إلا من الذكريات الجميلة الماضية التي عاشها الإنسان بالأمس مع من يخونه اليوم. ومن ذكريات يهوذا، أن الرب قدّم له اللقمة من ذات الصحن الذي أكل به (انظر الصورة)، وفيها أن شعر يهوذا قد بدا متدليًا على وجهه لكي يمنع النظرة القاتلة من يسوع نحوه... أطول أكثر يا شعر في هذه اللحظة، لكي لا أرى تلك النظرة... لو رأيتها لمحتني عن الوجود، ولجعلتني أغيّر كل مخططاتي...

 

هي اللقمة إذًا، ذكريات العيش والملح... ويا ما نسمع عن خيانات من داخل البيت الواحد، وتكون الذكريات أجراسًا يومية ترنّ، فكيف تهرب من دفء بيتك المحب، إلى ثلاثين ستقتل شابًا ثلاثينيًا، ثم ستقتلك ولا حيلة لك إلا على قتلك نفسك... هي الخيانة التي تدمّرك بعد أن تكون دمّرت حياة الآخرين... فاحذر منها، بل ابتعد عنها، مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ...

 

ورافقتك السلامة!