موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٢

القمة الخامسة بين الملك عبدالله الثاني والبابا فرنسيس

القمة الخامسة بين الملك عبدالله الثاني والبابا فرنسيس

القمة الخامسة بين الملك عبدالله الثاني والبابا فرنسيس

الأب رفعت بدر :

 

للمرة الخامسة التقى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في حاضرة الفاتيكان مع قداسة البابا فرنسيس. والواقع لقد تكونت بين الزعيمين صداقة امتدت عبر العشر سنوات من حبرية البابا فرنسيس، هذا دون أن نغفل طبعاً عن العلاقات الطيبة بين حاضرة الفاتيكان «الكرسي الرسولي» والمملكة الأردنية الهاشمية، وهي من العلاقات الأكثر تميزاً في الشرق الأوسط وكذلك في العالم أجمع.

 

في العام 1964 استقبل جلالة الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، البابا بولس السادس، كأول حبر أعظم يخرج خارج أسوار ايطاليا. وكان ذلك في مطار ماركا في كانون الثاني. وفي عام 2000 للميلاد كان البابا يوحنا بولس الثاني يأتي إلى الأردن في زيارة تاريخية، واستقبله الملك عبدالله الثاني استقبالاً حافلاً ما زلنا نذكره جيداً وفيه تم افتتاح الحج إلى المغطس. وكان طبعاً البابا نفسه قد استقبل الملك عبدالله الثاني في أول زيارة له كملك إلى حاضرة الفاتيكان في أيلول عام 1999.

 

وفي عام 2009 استقبل الملك عبد الله الثاني أيضاً قداسة البابا بندكتس في زيارة دامت 4 أيام، وفي ايلول عام 2013 كان الملك عبدالله الثاني أول المهنئين من الزعماء العرب للبابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان. وفي عام 2014 زار الملك الحاضرة أيضاً للقاء البابا فرنسيس في لقاء وصف بالودي، وكذلك زار البابا فرنسيس الأرض المقدسة مستذكراً خمسين عاماً على زيارة سلفه البابا بولس السادس ومحتفلاً باليوبيل الذهبي لها.

 

وفي عام 2019، عاد الملك عبدالله الثاني إلى حاضرة الفاتيكان في وقت كانت القدس فيه مثار الاهتمام والتشنج في العالم، فوجد في البابا فرنسيس مستقبلاً ومشجعاً له على الاستمرار على درب حماية المقدسات في القدس الشريف.

 

وها نحن في العام 2022 قد شهدنا القمة الخامسة بين الزعيمين وما صدر عنها من بيان سواء من الفاتيكان أو من الأردن، بالتأكيد على الثوابت الروحية والانسانية التي ما برحت مثار تأكيد واهتمام بالغين من الطرفين.

 

حوار الأديان أولاً هو السمة الغالبة ذلك أن هذا الحوار في العقدين السابقين قد شابه الكثير من المخاطر، بسبب الحركات الإرهابية، التي حاولت تشويه الدين وبالتالي حاولت تشويه العلاقات بين الأخوة وبين عباد الله الواحد، لكن هنالك تياراً جميلاً، تياراً انسانياً وثقافياً قد تم إطلاقه أيضاً سواء من الفاتيكان أو من الأردن بتكاملية كاملة في الحفاظ على قدسية الدين وأصالته ونبعه الصافي.

 

وهنا نصل إلى النقطة الثانية المهمة في العلاقات بين الطرفين، وهي نقطة القدس الشريف والمقدسات، فالملك يذهب إلى البابا لكي يتم التأكيد منهما معاً على أهمية الحفاظ على الوضع الراهن في مدينة القدس الشريف، وعدم ترك الأمور بيد قرار أحادي يحاول التأثير دائماً عبر ممارساته اللا إنسانية، أعني به عبر الاحتلال الإسرائيلي. وان قضية المقدسات هي الشغل الشاغل للأردن منذ نشأة الإمارة الأردنية وهو الوصاية الهاشمية على المقدسات. وهذا طبعاً يجعل من جلالة الملك ليس فقط زعيماً سياسياً وإنما أيضاً قائد روحي يلتقي مع قائد روحي ورئيس لدولة الفاتيكان المعترف طبعاً بها من الأمم المتحدة.

 

إن هذه القمة قد سلطت الضوء من جديد على أهمية المبادئ الإنسانية والفكرية والثقافية التي يرتبط بها الطرفان منذ عدة عقود، وهو ما أهل الأردن والفاتيكان ليكونا رياديين في مجالات التلاقي منذ ثمانينات القرن الماضي. فقد ابتدأ الحوار الإسلامي المسيحي بالتعاون والتبادل بين الطرفين، وكان يجري في كل عام سواء في الأردن أو في الفاتيكان، جلسات علمية لحوار الأديان. وانطلقت من الأردن ومن مبادرة الفاتيكان هذه المبادرات التي نشهدها إلى اليوم، سواء كان في منطقة الشرق الأوسط أو أيضاً في منطقة الخليج العربي الذي دخل منذ أعوام ق?يلة على خط الحوار والتسامح، الأمر الذي جعل البابا فرنسيس على سبيل المثال يزور الإمارات عام 2019 والبحرين قبل أيام قليلة. هنيئًا للأسرة البشرية هذه القمة الخامسة، بين ملك الاعتدال والسلام، وبابا التواضع والإنسانية.