موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٠ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٢

الخروج بأنشطتنا الثقافية للمحافظات

صورة عامّة لمحافظة عجلون، شمال الأردن

صورة عامّة لمحافظة عجلون، شمال الأردن

الاب رفعت بدر :

 

سُعدت قبل أيام بالمشاركة في ملتقى شفا الثقافي الذي أقام مؤتمرًا، بالتعاون مع مديريّة ثقافة عجلون وبدعم من وزارة الثقافة، في رحاب كلية عجلون الجامعية / جامعة البلقاء التطبيقية، حول «البُعد الثقافي والسياحي والتاريخي» في محافظة عجلون.

 

وتأمّلت وأنا مغادر من عجلون الى عمّان كم من الأهميّة أن تكون هذه الأنشطة محتواة ومنظمة في محافظات المملكة، وليس فقط في عاصمتنا الحبيبّة عمّان.

 

وكلمة حقّ تُقال في وزارة الثقافة التي تدعم في هذه الأيام هذه الأنشطة الثقافية المتعدّدة في محافظات الأردن الاثنتي عشرة. فمن الضروري أن تنتقل هذه الأنشطة الثقافيّة والمبادرات الجميلة إلى المحافظات لكي نقول إنّ لدينا جسمًا ثقافيًّا متكاملاً، وبالأخص في صيف هذا العام الذي انتهى وكان حافلاً بالعديد من المهرجانات والمؤتمرات والندوات.

 

بالعودة إلى مؤتمر عجلون، تمّ تسليط الضوء على تاريخ هذه المحافظة، وهو تاريخ زاخر يُضاف إلى جمال الطبيعة فيها. فهنالك أسّس تاريخيّة تراثيّة إنسانيّة، وكذلك قصص دينيّة مذكورة في كتب التاريخ والدين والتي حدثت في هذه البقعة من الأرض، نظراً لمسافتها المتقاربة مع شمال فلسطين.

 

شخصيًّا، تحدثّت عن الإرث السياحي-الديني في محافظة عجلون، وركّزت على الحج الى الأماكن المسيحيّة فيها. ففي سنة الألفين تمّ الإعلان بأنّ هنالك خمسة مواقع رئيسية للحجّ المسيحيّ في المملكة، وهي موقع معموديّة السيد المسيح (المغطس)، مزار النبي موسى (جبل نيبو)، موقع استشهاد القديس يوحنا المعمدان (قلعة مكاور)، ومزار مريم العذراء سيّدة الجبل في عنجرة، وموقع النبي إلياس (مار إيليا) في عجلون. ونلاحظ بأنّ موقعين من هذه المواقع موجودان في محافظة عجلون.

 

موقع سيّدة الجبل هو موقع حديث نسبيًّا لأنّه يعود إلى بداية القرن العشرين، وتحديدًا في سنة 1924، عندما جلب الأب انجلينو فوريستو الإيطالي الذي يُعتبر المؤسّس لرعية اللاتين في عنجرة مع البطريركيّة اللاتينيّة، شخصًا للسيدة العذراء، وبدأ هنالك تعبد مريميّ شعبيّ لهذا المزار في بلدة عنجرة، والتي أصبحت مع الأب يوسف نعمات، منذ عام 1972 مزارا رسميًّا، وأعلن محجًّا رسميًّا عام 2000 من قبل الكنيسة الكاثوليكيّة المحليّة والفاتيكان. واليوم لبس هذا المزار حلة جديدة، ويُحتفل به في الجمعة الثالثة من شهر حزيران من كلّ عام.

 

أمّا موقع مار الياس فهو موقع قديم يعود إلى القرن الخامس للميلاد حيث تمّ اكتشاف كنيستين: الكبيرة والصغيرة، نظرًا لمساحتهما، ويخلّد ذكرى ميلاد النبي إيليا، أو مار الياس، في هذا المكان. ودعوت خلال المؤتمر أن يكون الاحتفال في كلا اليومين؛ في الجمعة الثالثة من حزيران، وفي 20 تموز يومين ثقافيين في محافظة عجلون، بمعنى ألا يقتصر الاحتفال بالقداس الذي يقيمه غبطة البطريرك، إنما أن يتمّ الاحتفال به بطريقة أكثر شموليّة واتساعًا.

 

المهمّ أنّ المتحدثين في هذا المؤتمر قد سلطوا الضوء على البُعد الإنسانيّ والثقافيّ والدينيّ المشترك بين المسلمين والمسيحيين في هذه المحافظة التي تُعتبر صورة مصغّرة عن الأردن الكبير، الذي يحتوي بين جنباته العديد من الكنوز الثقافيّة والتراثيّة والإرثيّة والتي علينا مسؤوليّة تسليمها إلى الأجيال المقبلة.

 

هنيئًا لملتقى شفا الثقافيّ –ولمن لا يعرف– أنّ بلدية الشفا تضم بلدات الوهادنة وحلاوة والهاشمية، ويُعتبر من النماذج الرائعة في محافظاتنا العزيزة، وعلينا أن يكون اهتمام أكثر في منتدياتنا الثقافيّة البعيدة عن عمّان، لكي لا يتم فقط حصر هذه المبادرات داخل جدران العاصمة، وإنما لتمتدّ إلى كل أرجاء الوطن الحبيب.

 

وبالعودة إلى عجلون، فإنّ مشروع التلفريك الذي يزمع الشروع به في الأسابيع المقبلة يمثّل نقلة حضاريّة، وسيكون جاذبًا للسواح وللمواطنين الأردنيين لكي يأتوا ويزوروا واحدًا من أهمّ التحف الطبيعية في أردننا، لا بل في العالم أجمع.