موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٥ ابريل / نيسان ٢٠٢١

الأردنيون يحتفلون بأحد الشعانين

أحد الشعانين في كنيسة قلب يسوع الأقدس - تلاع العلي (تصوير: أسامة طوباسي/أبونا)

أحد الشعانين في كنيسة قلب يسوع الأقدس - تلاع العلي (تصوير: أسامة طوباسي/أبونا)

الاب رفعت بدر :

 

في العام الماضي لم يتمكن الأردنيون المسيحيون من الاحتفال بأحد الشعانين، ذلك أن وباء أو جائحة كورونا قد فرض حظر تجول طويل الأمد، فتم الاكتفاء ببث صلوات عبر شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي. وهذا العام، وبحمد الله، تعود الكنائس إلى فتح أبوابها بعد انقطاع دام قرابة شهرين لصلاة الجمعة في المساجد وصلاة الأحد في الكنائس. ومع أول أيام العودة إلى الكنيسة يوم الأحد يحلُّ أحد الشعانين وهو الذي يتذكر فيه المسيحيون المحتفلون دخول السيد المسيح إلى المدينة الغالية القدس – أورشليم.

 

في هذا الصباح، يرفع المؤمنون أغصان الزيتون وسعف النخل وفي ذلك رمزية كبيرة، إن غصن الزيتون المرفوع هو رمز لسياسة السلام وسياسة الوداعة وسياسة حضارة المحبة التي جاء السيد المسيح لينشرها. أما سعف النخل فهي ترمز في الكتاب المقدس إلى النصر وإلى الصبر أيضاً في محن الحياة المتتالية.

 

في هذا الصباح، يخرج أطفال القدس وعائلاتها للترحيب بالسيد المسيح، وتخرج عائلاتنا أيضًا للمرة الأولى إلى الكنائس مشيدة بكل الجهود الطيبة التي تُبذل في سبيل الحفاظ على صحة الانسان وحياته ومن خلال ذلك الدفاع عن الكرامة الانسانية.

 

في هذا الصباح، نستذكر القدس هذه المدينة الرائعة التي تخصنا، كما تخصنا عمّان، لأنها موطن الرسالة ولأنها مسرح حدث الشعانين، ولكن لا ننسى أن نصلي من أجل القدس في هذه الأيام وقد ضربت أمثلة رائعة في البطولة والشجاعة والاقدام والرغبة في أن تحصل على استقلالها الكامل لتصبح عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.

 

في هذا الصباح، يجتمع الناس ويرون بعضهم بعضًا بعد انقطاع لربما طويل، هنالك ظروف وهنالك ارشادات وتوجيهات وهنالك بروتوكولات قد فرضت نفسها، فوضع الكمامة أصبح سائدًا في الكنائس والمصافحة غابت عن العادات الروتينية في مثل هذه المناسبات، لذلك نجد احتراما كبيرا لقواعد وقوانين السلامة العامة. وها هم المصلون يعودون إلى كنائسهم مبتهجين بالعودة، وبنزول المنحنى الوبائي في بلدهم الأردن، ومبتهجين كذلك وطبعًا بأن يروا بعضهم بعضاَ بعد انقطاع طويل. إن التباعد الإجتماعي أو الجسماني لا يعني أبدًا التباعد الوجداني والروحاني، فالمؤمنون يجلسون متباعدين عن بعضهم البعض في الكنيسة ولكن ذلك يدعوهم إلى الصلاة الواحد من أجل صحة الآخر وسلامته.

 

وفي هذا الصباح، يستذكر المؤمنون العديد من الأشخاص الذين رحلوا عن هذه الأرض الفانية، وهنالك صلوات خاصة ترفع من أجل أرواح الأعزاء الذين رقدوا والذين نسميهم في هذه الفترة «الشهداء»، شهداء مرض كورونا، من العائلات والمسنين والأشخاص الأعزاء في بيوتنا الذين رحلوا دون أن يتمكن أهاليهم من إلقاء نظرة الوداع عليهم، فرحلوا بهدوء. وكذلك نصلي من أجل الذين استشهدوا على أرض هذه المعركة من الأطباء والممرضين الذين أفنوا ذواتهم في سبيل القريب.

 

في هذا الصباح، تجتمع العائلة معًا لتصلي معًا ولتتناول طعام الغداء معًا، والله نسأل في هذا الصباح، صباح الشعانين المباركة، في بدء الأسبوع المقدس، أن ينعم الرَّب على عائلاتنا بأن تبقى قوية باتحادها فلا يمزقها حقد ولا كراهية ولا انقسام، ولا رغبة في الانفصال، وبخاصة العائلات الشابة والتي لديها أطفال، لكي لا يصبح هؤلاء الابرياء مثاراً للنزاع أو طرفاً في مخاصمة الوالدين الواحد تجاه الآخر.

 

في هذا الصباح، ترفع الصلوات من أجل شفاء المرضى والمصابين بمرض الكورونا أو بمختلف العلل لكي يشفيهم الرب القدير في هذه الأيام المقدسة.

 

وفي هذا الصباح، وإذ يجتمع صوم المسيحيين مع صوم اخوتهم المسلمين في شهر رمضان المبارك، يحتفل الأردنيون بمئوية الدولة الأردنية. ويستذكر المؤمنون مئة عيد شعانين، قد احتفلوا به في الأردن الحبيب، فالمئوية الأردنية ليست فقط مئوية سياسية وإنما هي مئوية إجتماعية بهذا التآلف بين المساجد والكنائس، وبهذا التناغم والوئام بين جميع المواطنين. لذلك ترفع الصلاة في هذا الصباح من أجل الأردن الحبيب بمئويته الثانية لكي يبقى دائمًا متقدمًا نحو الأمام، ونموذجًا حيًا في الدعوة إلى السلام والحوار بين الأديان، وكذلك في انتهاج نهج «غصن الزيتون»، وخط تعزيز الكرامة الإنسانيّة في جميع مجالات الخدمة التي يتضامن فيها جميع الأطياف من شتى الأصول وشتى الأديان المتواجدة على الأرض الأردنية بتناغم جميل.

 

كل شعانين وأنتم بخير...