موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٩ مايو / أيار ٢٠١٩
نصائح الراحل الكندي جان فانييه ’أبي المهمّشين‘

القدس - أشخين ديمرجيان :

<p dir="RTL">&quot;لم يكفّ جان فانييه (وهو علماني كاثوليكي ملتزم بخدمة الله والإنسان) عن العمل لكي يتمّ تقبّل الأشخاص الأكثر ضعفاً والمُبعَدين، وكي يتمّ الاعتراف بهم كإخوة وأخوات&quot; هذا ما كتب قداسة البابا فرنسيس في رسالة تمّت قراءتها خلال مراسم دفن فانييه. وأضاف الحبر الأعظم &quot;عبر البحث عن العيش متّحدًا بالمسيح، تقبّل فانييه المهمّشين والضعفاء ضمن احترام الاختلافات الدينيّة والاجتماعيّة&quot;. وتابع: &quot;أطلب من الله أن يحمي عائلة &rsquo;سفينة نوح&lsquo; الكبيرة والجميلة (التي أسسها فانييه)، راجيًا أن تتابع الجماعات في إثبات أنّ كلّ شخص، مهما كانت إعاقته، محبوب عند الله ومدعوّ ليشارك في عالم أخوّة وعدل وسلام&quot;.</p><p dir="RTL">ولد جان فانييه في جنيف عام 1928 لأبٍ دبلوماسي سفير وبطل من أبطال الحرب. وعندما تطوّع فانييه مع أمّه لمساعدة منكوبي الحرب العالمية الثانية، هاله منظر الهياكل العظمية من البشر الذين واجهوا الكثير من سوء المعاملة حتّى القتل، ممّا أدّى إلى تغيير مجرى حياته إلى الأبد.</p><p dir="RTL">قرّر فانييه أن يكرّس حياته في تتميم تعاليم السيّد المسيح والقيام بأعمال إنسانيّة يومية تُرضي الرب، وقام بإنشاء مؤسسة غير ربحيّة تُدعى &quot;لارش&quot; (أي &quot;سفينة نوح&quot;) في فرنسا سنة 1964، أصبحت فيما بعد اتحادًا دوليًا ينتشر اليوم في 38 دولة، وتضمّ حوالي عشرة آلاف شخص. وتحتضن هذه الجماعات العديد من بيوت الحياة المشتركة بين الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية والعاملين أو المتطوّعين في مرافقتهم.</p><p dir="RTL">وفي عام 1971، قام الراحل جان فانييه بتأسيس حركة &quot;إيمان ونور&quot;، وهي مؤسسة دولية تعمل على جمع الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية وعائلاتهم وأصدقائهم. ولم يتوقّف أبدًا عن الشهادة لثراء الحياة المشتركة والأخوّة مع أكثر الناس هشاشة، ورغبته الملحّة في الحفاظ على كرامة هؤلاء الأشخاص ومكانتهم في المجتمع.</p><p dir="RTL">توفّي فانييه بمرض السرطان في 7 من شهر أيار الحالي عن عمر يناهز التسعين. وبمناسبة عيد ميلاده التسعين، نُشر شريط فيديو بعنوان &quot;عشر قواعد للحياة&quot;. تكريمًا لهذا الفيلسوف والناشط الإنساني، أنقل فيما يلي مقتطفات من نصائح فانييه ليعيش الإنسان حياة كريمة صالحة:</p><p dir="RTL"><strong>عامل جسدك برفق</strong></p><p dir="RTL">يقول فانييه أنّنا غالبًا ما نرغب في أن نبدو أصغر سنًّا من عمرنا الحقيقي. ولكن حسب رأيه علينا أن نتقبّل عمرنا الزمني على ما هو عليه، وأن نقرّ بمحدودية جسمنا حينما نكبر كي نعيش بسلام معه بلا صراعات واعتراضات. حينما نتصالح مع هذه التغييرات سوف نرى الايجابيات والخير الذي يغمر حياتنا، ولا نركّز على الإعاقات الجسدية، وأيضًا نقدر العديد من الوظائف التي يقوم بها.</p><p dir="RTL"><strong>وينصح الراحل فانييه الرجال التعبير عن أنفسهم</strong></p><p dir="RTL">ويستطرد: غالبًا ما يتمّ تربية الرجال على قمع عواطفهم وعدم البوح بها. وعلى إبقاء كلّ شيء في الباطن كما في زجاجات معبأة، وهكذا يتراكم الإحباط، ممّا يؤدي بالرجل إلى الانفجار غضبًا، &nbsp;أو إلى إدمان المخدّرات أو الكحول. لذلك على الرجل أن يفصح عن مخاوفه ومشاعره، وإلاّ سوف ينسحق تحت ثقلها.</p><p dir="RTL"><strong>ويشجّعنا جان فانييه ألاّ نخشى الإخفاق</strong></p><p dir="RTL">حسب رأيه، معظم الناس يعتقدون أن الحب يُعدّ مكافأة للنجاح، وأنه إذا أخفق أحدهم في أمر ما، هذا يعني أنّه لا يستحق الاحترام أو الحب. وهذا الاستنتاج غير صحيح لأننا لسنا مجموعة نجاحات واخفاقات، وغالباً ما تكون محاولاتنا في الانجاز والنجاح جوهرية أكثر من النتيجة النهائية.</p><p dir="RTL"><strong>يقول فانييه للمتزوّج : تزوّج زوجتك، لا وظيفتك</strong></p><p dir="RTL">يخطىء الأزواج الذين يميلون إلى الغرق في خضمّ الأعمال اليومية ويضعون حق الأولوية لحياتهم الوظيفية بدل حياتهم الزوجية والاهتمام بزوجاتهم. لأن السعادة الزوجية أساسية أكثر من الترقية في العمل. والتواصل مع شريك الحياة هو ضرورة كبرى وليس إنجاز مهامّ العمل.</p><p dir="RTL"><strong>كن حاضرًا</strong></p><p dir="RTL">وكن أكثر وعيًا لطريقة استخدامك للتكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية، وتعلّم كيف تتواصل اجتماعيًا مع الأصدقاء من غير النظر إلى هاتفك أو إلى شاشة التلفزيون كل بضع ثوان. مع مراعاة الاصغاء إلى الشخص الذي تتحدث إليه. وتذكر دومًا أنّ أجسادنا وعقولنا مبنيّة لإجراء المحادثات وللتواصل مع الغير مباشرة وجهًا لوجه.</p><p dir="RTL"><strong>إذا كنت ترغب في مساعدة الناس، عليك التعرّف بهم: بناء على رأي فانييه</strong></p><p dir="RTL">على الأغلب لا نرى ولا نتعرف فعلاً على الناس الذين نحاول مساعدتهم، بل نتعرّف على مشاكلهم فقط. مع أنّه ينبغي الاستماع إليهم، ومعرفة السبب الذى أوصلهم إلى حالتهم الراهنة. والتأكيد أننا لا نفكر في خدمتهم ورعايتهم فحسب بلنودّمعرفتهم على مستوى فردي.</p><p dir="RTL"><strong>اعرف نفسك</strong></p><p dir="RTL">أنت تعرف معتقداتك وقدراتك، ولكن هل أنت على دراية بعيوبك؟ هل بإمكانك الافصاح صراحة عن مخاوفك؟ بغية تحسين نفسك، ينبغي أوّلاً أن تعرف نفسك.</p><p dir="RTL"><strong>تعزيز الرحمة عن طريق الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك</strong></p><p dir="RTL">كي يصبح الفرد متسامحًا، ينبغي أن ينظر إلى كل المجموعات التي ينتمي إليها من: أسرة، وقبيلة، ودين، وجنسية. ويكوّن صداقات مع أناس ذوي خبرات مختلفة وخلفيّات متنوّعة.</p><p dir="RTL"><strong>ينبّه جان فانييه إلى ضرورة اصغاء الإنسان إلى روحه</strong></p><p dir="RTL">نحن مخلوقات تتميّز بالفضول والرغبة المستمرّة في تحقيق أشياء عظيمة. لذا علينا اتباع صوتنا الباطني وإلاّ سوف تعاني أرواحنا من الجوع. تأتي الروحانية بأشكال كثيرة، ويمكن العثور عليها في أصغر مخلوقات الله وأكبرها، برباط يوصل بين جميع أشكال الحياة.</p><p dir="RTL"><strong>ليعلم الإنسان أنّ حياته مؤقتة</strong></p><p dir="RTL">كلّنا نحلم في ترك بصمة من بصماتنا في هذا العالم، ولكن كما يقول الشاعر ب. شيلي، حتى عظماء الفراعنة قد انهاروا، ولم يتركوا من بعدهم سوى الاسم الذي زال هو الآخر مع الزمن. نحن لسنا مخلوقات تعيش على الأرض حياة أبدية، والعالم سوف يستمرّ من بعدنا<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><strong>خاتمة</strong></p><p dir="RTL">نحن بحاجة إلى أناس أمثال الراحل جان فانييه كي تنتشر في الكون أماكن التعاطف والرفق بذوي العاهات والمرضى وتتحقّق فيهم الوعود التي وردت في عظة المسيح على الجبل: &quot;طوبى للحزانى فإنّهم يُعزَّون.. طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون&quot; (متّى 5: 7). وفي اعتقادي أنّ الراحل فانييه قد أتمّ جميع التطويبات المذكورة في الانجيل المقدّس. وبقيت بصمة محبّته الواسعة في مؤسساته التي انتشرت في كلّ أنحاء العالم. ومن المذهل أنّ الكاردينال الراحل صفير وكذلك فانييه دخلا في نفس اليوم الحياة الأبدية حيث النعيم الأبدي الموعود في الكتاب المقدّس حاملين مشعل المحبّة. لا أعتقد أنّها مجرّد صدفة و&quot;للّه في خلقه شؤون&quot;!</p>