موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
نقلاً عن جريدة الرأي الأردنية
مأسسة العملية الديمقراطية في المملكة عملية مستدامة لا تنتهي باجراء انتخابات او باقرار قانون للاحزاب، لكنها منهج حياة، يشارك بها الجميع على اساس احترام الراي والراي الاخر، والتحاور باسلوب علمي عقلاني منطقي، بعيدا عن الغوغائية والتهويل.
مبادرة التمكين الديمقراطي التي اطلقها الملك بمشاركة اطياف المجتمع من مختلف الاتجاهات، تؤسس لعملية مستدامة للاصلاح السياسي المنشود في البلاد، وفق مرتكزات ثابتة بين الاطراف التي تعتقد ان هناك فجوة قبول من الطرف الاخر لها، والصحيح ان الاختلاف هو منهج حياة طبيعي يجب ان يبنى عليه للخروج بروح توافقية حول عدد من القضايا الرئيسية ذات الجدل الحاد في المجتمع.
مبادرة التمكين الديمقراطي تؤسس لمجموعة من الثوابت التي يجب على الجميع الالتفاف حولها والتاكد من سلامتها كعامل اساسي في دعم العملية الديمقراطية في المملكة، والورقة النقاشية الرابعة للملك اسست لهذه الثوابت وهي:
اولا: ان سيادة القانون عملية حاسمة في الارتقاء بالسلوك الديمقراطي في المجتمع، والتهاون فيه ضربة لكل المنجزات، على المسؤولين تنفيذ بنود القانون وانفاذ الحق، وتعزيز الامن والاستقرار في المجتمع، وهي اولى خطوات اعادة ترميم هيبة الدولة التي اصابها خلل كبير في الاونة الاخيرة.
ثانيا: نبذ العنف الذي بدات ملامحه تنتشر في المجتمع بين اوساط الشباب سواء في العاصمة ام في المحافظات، ظاهرة بدات تشوه صورة الاردنيين في الداخل والخارج، وتضرب مشهد العمل العام للمؤسسات العامة التي كان تميزها سمة يتباها بها الاردن في العقود الماضية.
ثالثا: قبول الاخر، مسالة غابت عن اذهان العديد من الاردنيين في السنوات الاخيرة، وبدات ملامح الحدية في الحديث والتحاور بين مختلف المعنيين، وسرعان يتم التشكيك والتهويل المبالغة بين المتحاورين، لدرجة الاتهام بالخيانة لكل من يتطرق الى موضوع لا يوافق عليه الطرف الاخر.
رابعا: الحوار اساس الالتقاء حول النقاط الجدلية، وللحوار اسس لا يمكن تجاوزها من احترام الطرف الاخر والاستماع الى وجهة نظره وعدم التشكيك فيه، واحتكار الحقيقة الذي يمارسه البعض.
المساءلة: العنصر الغائب في المجتمع، والذي يرتبط بمفاهيم النزاهة والشفافية، فغيابها في بعض المراحل، وتراجع مستوياتها مثلما ما حدث في المجالس النيابية السابقة ادى الى فقدان الثقة بمؤسسات الدولة، وباجراءاتها المختلفة.
تعزيز القيم التنموية التي أساسها سيادة القانون، ونبذ العنف وقبول الآخر، والحوار والمساءلة، كلها تتطلب مؤسسات حاضنة لتطوير العملية الديمقراطية، وهنا تحد كبير امام مؤسسات المجتمع المدني والهيئات السياسية والاقتصادية التي يجب ان تطور ادوارها وتنتقل الى صلب العملية الاصلاحية الديمقراطية، وبتشاركية اكبر في العملية بدلا من المواظبة على اعتصامات واحتجاجات لا تساهم سوى بزعزعة الاستقرار، فالدور المطلوب هو الانتقال الى النقد البناء الذي يولد قيمة مضافة لصانع وراسم السياسة الوطنية.