موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢ مايو / أيار ٢٠٢٠
مسؤول سكريستية كنيسة البشارة بالناصرة: خدمة الرب تمنحني السلام

حراسة الأرض المقدسة :

 

لديه من العمر 58 عامًا وهو من غانا. يشغل الأخ جون كوازي بوما اليوم منصب المسؤول الأول عن السكريستية في كنيسة البشارة، في الناصرة. هو شاهد حي على الروح الفرنسيسكانية في خدمته وحياته التي استمرت حتى الآن لمدة 30 سنة في الأرض المقدسة.

 

عاش طفولته في غانا، لكنه تقرب من الروح الفرنسيسكانية بفضل أحد أصدقائه الذي انتمى إلى الرهبنة الفرنسيسكانية. من هناك بدأت مسيرته على خطى يسوع والقديس فرنسيس، التي قادته إلى الخدمة في الأرض المقدسة.

 

ما الذي لمسك في الروح الفرنسيسكانية، حتى قررت اكمال مسيرة حياتك في الرهبنة؟

 

بدأت قصتي في عام 1972، حين بدأت وأنا في غانا أتأمل في عمل الرهبان الفرنسيسكان الديريين في بلادي. وقد بدأت أفكر وأنا أنظر إليهم، بأن هذه الحياة باستطاعتها أن تكون مناسبة لي.

 

بعد هذا اللقاء الأول، شرعت في قراءة المصادر الفرنسيسكانية وقد شعرت بأن سيرة القديس فرنسيس تجذبني، وأعني بذلك كيف استطاع ترك كل شيء وعيش حياة مستوحاة من الانجيل المقدس الذي غير حياته: كنت أرغب بذلك مثله تماماً. رحلنا معاً، أنا والأخ جبرائيل الذي يعيش الآن في قبرص، ومنذ ذلك الحين بدأ أسقف الأبرشية التي أنتمي إليها يرسل في كل عام اثنين من الشباب لإكتشاف الحياة الفرنسيسكانية في حراسة الأراضي المقدسة. نحن الآن عشرة أشخاص قد اخترنا الانضمام إلى الحياة الفرنسيسكانية. كانت رغبتي أن أخدم الرب فقط بكل بساطة، وبذلك فإن دعوتي الثانية كانت الخدمة ضمن الرهبنة كراهب أخ. كان ذلك بالنسبة لي خياراً طبيعياً، منبعه الخدمة التي قمت بها في أحد البيوت في غانا من قبل، حيث كان يقيم بعض الكهنة مع الأسقف، ولذلك كنت أعلم ما ينتظرني.

 

كيف كانت مسيرتك؟

 

انتظرنا ثمانية أشهر حتى حصلنا على تأشيرة الدخول وقمنا بالرحيل في 4 تشرين الأول 1987 أولا إلى روما حيث كانت خبرتنا الأولى في أحد الأديرة هناك، وكانت قاعة طعام هذا الدير مليئة بعدد كبير من الرهبان. قمت بانهاء سنة الطلب في روما، في كلية الأرض المقدسة في كازالوتّي.

 

أما سنة الابتداء فكانت في مصر، في الإسكندرية، عام 1988. بعد ابراز النذور المؤقتة، مكثنا في القاهرة مدة ثلاثة أشهر، حتى انتقلنا إلى بيت لحم في عام 1989. بعد ابرازي للنذور الدائمة في عام 1992، تم تعييني في عين كارم وبعد ثلاث سنوات تم نقلي إلى كنيسة القيامة حيث خدمت في الساكريستية مدة 12 عاماً. وفي عام 2007، تم نقلي إلى بيت لحم مدة تسع سنوات وهئنذا في الناصرة منذ 2016.

 

في ذلك الزمان، كان على من لا يرغبون مثلي في نيل سر الكهنوت، أن يتبعوا تنشئة مدتها ثلاث سنوات تختلف عن تلك التي كان يتبعها من سيصبحون كهنة وفقاً للنظام الكلاسيكي. وفي نهاية هذه السنوات الثلاثة، كنا نبدأ بخدمة محدّدة ضمن الأخويات الرهبانية المختلفة.

 

ما هي الخدمة التي قدمتها؟

 

منذ البداية تم توجيهي لخدمة الساكريستية، إلا أن خدمتي هذه لا تقتصر فقط على الاحتفالات الليتورجية، بل تمتد أيضاً لتشمل استقبال الحجاج الذين أشعر بقرب خاص منهم. أعتقد أن من الضرورة بمكان الاهتمام باستقبال الحجاج. وعندما كان يطلب بعض الحجاج في القدس أو بيت لحم المبيت أثناء الليل، كنت ألاحظ في كثير من الأحيان شدّة تأثرهم، وكنت اجد دائماً أن أحدهم قد تأثر من ذلك بعمق. وفي بيت لحم بالذات، رأيت العديد من الأشخاص الذين أخذوا بالبكاء متأثرين من هذه الفرصة التي أتيحت لهم أن يصلوا في المكان الذي ولد فيه يسوع. لسوء الحظ، يبدو من الطبيعي أننا لا نستطيع تخصيص ذات القدر من الاهتمام بجميع الحجاج، حيث يمر الكثيرون منهم يومياً. لكنني أعتقد أن التزامنا يحتم علينا محاولة ترك ذكرى إيجابية لديهم، لأن الحجاج يأتون للسير على خطى يسوع في الأماكن التي ارتداها بنفسه.

 

هل غيرت خدمتك شيئا في صلاتك الشخصية؟ هل لا زلت تستطيع الصلاة؟

 

بالتأكيد! لا يحتاج المرء غالباً للبحث عن لحظة أمثل أو للتوقف عن العمل. أعتقد أن السلام الداخلي يكفي، ومن ثم يستطيع المرء الصلاة في أي مكان وفي كل الظروف. رغم أنماط الحياة المختلفة التي عرفتها، وخاصة في القيامة، فقد أدركت كم هو من المهم أن يحافظ المرء على وقت للصلاة، ومن هذه الناحية، فإن ليتورجية الساعات تقدم عونا كبيرا لأنها تدعم الصلاة الشخصية وتسمح بتثبيت أوقات محددة خلال النهار، يتم تكريسها لكلمة الله.

 

وما هي علاقتك بالله؟

 

أختبر في حياتي بأن من يتبع الرب، فإن في قلبه سلامًا أكبر. تجعلني خدمة الرب أشعر بالسلام، وإنني متأكد من أن مكاني هنا. لقد ساعدني كثيرًا العيش في هذه الأماكن، وهو أمر يساعدني أيضًا على النمو روحيًا والبحث باستمرار عن نعمة الرب وأرادته. بالتأكيد فإن انفتاح القلب هو أمر أساسي للإصغاء، وأستطيع أن أشهد لذلك، خاصة بعد أن عشت مختلف الأحداث الصعبة التي مرت بها هذه الأرض خلال السنوات الثلاثين الماضية، إلا أن النعمة تفوق كل شيء.

 

هل من حدث مهم في حياتك، قد أثر بك خلال هذه السنوات التي قضيتها في الخدمة؟

 

لقد تأثرت بالتأكيد من قصص الحجاج الذين يأتون من العالم كله، وفي كل يوم هنالك لقاءات مختلفة. فعندما كنت في كنيسة القيامة، على سبيل المثال، سألني بعض الأشخاص أن أرسل لهم شيئًا من زيت القناديل، وقد أكد لي الكثيرون من اليابان وغانا حدوث معجزات حقيقية تمت بعد حصولهم على الزيت، وهي نعم تم الحصول عليها بفضل الصلاة المستمرة.

 

ما هي الأرض المقدسة بالنسبة لك؟

 

بالنسبة لي هي المكان الذي تبارك بحضور يسوع فيه: حيث ولد وعاش ومات. هي نعمة بالنسبة لي أن أعيش ههنا، ذلك أن حياة يسوع بأسرها قد تمت هنا. لم أكن لأتخيل يومًا أنني سأكون هنا. منذ طفولتي، أصبحت أسماء هذه الأماكن المرتبطة بقصة يسوع مألوفة بالنسبة لي، إلا أن الإقامة هنا هي نعمة خاصة حقًا.

 

ما الذي تقوله لإنسان يبحث عن طريقه؟

 

من خبرتي الشخصية أستطيع القول بأن الأمر الوحيد الذي يجب القيام به هو الصلاة، وسيفتح الرب الطريق كي يدرك الإنسان في أي اتجاه يجب أن يسير. وبعد أن يدرك الإنسان طريقه، يجب عليه أن يكثر من الالتزام والصلاة كي يقوم بما عليه القيام به ومن كل قلبه.