موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الثلاثاء، ١٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠
ما هي أخلاقياتُ التضامن؟... سؤال يجيب عليه المونسنيور د. خالد عكشة من الفاتيكان
كلمة المونسنيور د. خالد عكشة، رئيس مكتب الحوار مع المسلمين وأمين سر لجنة العلاقات الدينية مع المسلمين، في المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، في الاجتماع الافتراضي الذي نظّمه المعهد الملكي للدراسات الدينية، تحت عنوان "أخلاقيّات التضامن"، 10 تشرين الثاني 2020

المونسنيور د. خالد عكشة :

 

من روما ابعث اليكم جميعا، وعلى وجه الخصوص الى سمو الأمير الحسن بن طلال، الداعي الى هذ الاجتماع وراعيه، أبعث بتحيات استلهمها من رسالة القديس بولس الى أهل روما: "عليكم النعمة والسلام من لدن الله". ويشاركني في تحيتكم رئيسُ المجلس البابوي للحوار بين الأديان، نيافةُ الكاردينال ميغيل أيوزو.

 

لم يكن عالمُنا، الذي يعاني من علل كثيرة كالجوع والفقر والأمّية والنزاعات والعنف والتطرف والارهاب والفساد والمشكلات البيئية المتعددة وغيرها، الى كارثة بحجم جائحة كورونا وما حملت معها من مرض وموت وضائقة مالية خانقة، ما ألحق الضرر بالتعليم والحياة العائلية والاجتماعية والصناعة والزراعة والنقل والسياحة وقطاع الخدمات؛ وهذا غيض من فيض. وكانت الانعكاسات السلبية للجائحة أكثرَ ما تكون على الفقراء والمهمّشين والمرضى. لكن البعض استفاد من الأزمة، فازداد غنًى أو نفوذًا، فتحقق المثل بأن مصائبَ قومٍ لقومٍ فوائدُ.

 

ولحسن الحظ، وكما هو الحال في كل أزمة، فقد هبّ ذوو الارادة الصالحة والكرماء وأهل النخوة والحسِّ بالمسؤولية، فقدّموا المساعدة للمرضى والفقراء والمشردين والعجزة. كلّهم ضحى بوقته وراحته، وبعضهم ضحّى بحياته. ولهذا يستحقّ بالغَ التقدير وجزيلَ الشكر على وجه الخصوص الأطباءُ والممرضون، وعمّال النظافة والعاملون في مجال النقل وكلُّ من استمر في العمل كي لا ينقطع انتاجُ الغذاء والدواء وبقيةِ مستلزمات الحياة.

 

وإضافة الى الموقف الإنساني، فقد أضفى الحسُّ الديني بُعدًا آخرَ مميّزًا على الجهود المبذولة أعلاه. ويحضرني في هذا السياق تعليم السيد المسيح بأن ما نعمله لأي من اخوتنا نعمله له، وأنّ ما نرفض فعله لقريبنا فله نرفضه. ولهذا فإن الرسالة الجامعة للبابا فرنسيس Fratelli Tutti "الكلّ أخوة" أتت في وقت نحن في أمسّ الحاجة لأن نتذكر باننا اخوة، لأننا عيالُ الله، فهو خالقُنا وربّنا ومدبّر أمورِنا، به نستعين ومعه نسير واليه ننتهي. وإذا كنّا اخوة واخوات، فنحن ملزمون بالتضامن والتعاضد، وبخاصة في وقت الأزَمات. هذه الرسالة العامة، كما هو معلوم، هي الثالثة للبابا فرنسيس، وهي في انسجام كبير مع سابقتيها: الأولى، وعنوانها "فرح الانجيل، والثانية "كن مسبّحا. حول العناية بالبيت المشترك". وكثيرا ما نادى قداسته بأن يسمع الناس صراخ الفقراء وصراخ الأرض.

 

ونسأل أنفسَنَا، كما أحدُنا الآخر: ما هي أخلاقياتُ التضامن؟

 

هي كثيرة، وهذا بعض منها:

 

1) العدل: خيرات الأرض للناس جميعًا، لا لفئة صغيرة من المحظيين.

2) الأخوّة: لا يُعقل أن يمرض البعض من كثرة ما يأكلون، بينما يتضوّر غيرهم جوعًا أو يموتون بسببه.

3) الشفقة: منظر الجائع والفقير والمحتاج والمريض يحثّنا على مد يد العون لهم.

4) الشهامة: خِصلة نبيلة تدفع صاحبها الى التضامن مع كل ذي احتياج.

5) رجاء الثواب والخوف من العقاب: لم ولن يهرب أحد من الموت، وما يتبعه من ثواب أو عقاب.

6) فرح العطاء: قال السيد المسيح له المجد: "السعادة الكبرى في العطاء لا في الأخذ".

7) الحكمة والفطنة وحسن التدبير: نساعد المحتاج دون أن نربي شحّاذًا.

8) نسعى الى التنمية الشاملة والمستدامة للفرد والجماعة.

9) الخوف من حقد الفقير والمظلوم والمهمّش: كثيرا ما تتحول هذ المشاعر السلبية الى عنف، فلماذا لا نستبقه؟

10) السلام المجتمعي والعالمي يتطلبان العدل والأخوّة والتضامن.

11) عالم تسوده القيم النبيلة هو ما يريده الله لنا وللأجيال القادم.

12) ملكوت الله هو من صنعه تعالى، الذي وهبنا شرفَ ومسؤولية الإسهام في بنائه.

 

أعاننا الله على آن نكون اخوة واخوات متحابّين متضامنين. له الحمدُ ولكم الشكرُ وأطيبُ أماني الصحة والسكينة.