موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢ مارس / آذار ٢٠٢٠
لماذا يطلق على كنيسة بطريركية القدس للاتين لقب "كونكاتدرائية"؟
يطرح الكثير من الحجاج والزوار هذا السؤال لدى زيارتهم بطريركية القدس للاتين وكونكاتدرائيتها المعروفة بـ"اسم يسوع الأقدس". فلماذا تسمى "كونكاتدرائية"؟ وما الهدف منها؟ وما الفرق بين الكاتدرائية والكونكاتدرائية؟
© Mazur/cbcew.org.uk

© Mazur/cbcew.org.uk

ساهر قواس :

 

الكاتدرائية هي كنيسة في أبرشية تحوي كاتدرا الأسقف (وهو الاسم اللاتيني للمكان الذي كان الأسقف يُعلّم منه)، والذي أصبح مع الوقت مكانًا لاحتفالاته الرسمية.

 

وفي الأرض المقدسة، تعتبر كاتدرائية أبرشية البطريركية اللاتينية والبطريرك اللاتيني، هي بازيليكا القيامة، والتي هي في الوقت ذاته الكاتدرائية الحاضنة لبطريركَين آخرَين في القدس (أساقفة القدس)، هما بطريرك الروم الأورثوذكس وبطريرك الأرمن.

 

الكونكاتدرائية هي كنيسة ثانية تشترك في مكان الكرسي الأسقفي "sede". وقد كان لبناء الكونكاتدرائية أهمية كبيرة لعدة أسباب، أولها قيام الامبراطورية العثمانية بإنشاء الوضع القائم "الستاتوس كوو" عام ١٨٥٢، الذي حدد الخدمات الليتورجية للكنائس الثلاث في بازيليكا القيامة، إذ تلتزم بأوقات الاحتفالات المحددة. وتتشارك الكنائس الثلاث اليوم موقعين من المواقع الرئيسية في البازيليكا، وهما قبر المسيح ومكان الصلب فوق الجلجلة.

 

كما تعتبر بازيليكا القيامة واحدة من أهم الأماكن المقدسة في المسيحية وعماد الإيمان المسيحي، إذ يزورها المحليون والحجاج والسائحون من جميع أنحاء العالم يوميًا، منذ الصباح وحتى المساء. وقد جاء بناء كاتدرائية ثانية استجابة لحاجة الأساقفة إلى إقامة الاحتفالات بحرية وراحة، بالاستفادة من المقربة والمساحة التي توفرها هذه الكاتدرائيات.

 

أما فيما يتعلق بوضع بطريركية القدس للاتين التي أعيد تأسيسها عام ١٨٤٧، فقد كان بطريركها الجديد في ذلك الوقت جوزيف فاليرغا الذي وصل إلى القدس عام ١٨٤٨، مقيمًا في دير المخلص للفرنسيسكان حيث استقبله حارس الأراضي المقدسة بين الأخوة الفرنسيسكان، مانحًا إياه كنيسة صغيرة أصبحت فيما بعد كونكاتدرائيته. سافر البطريرك فاليرغا إلى روما عام ١٨٤٩، حيث عبر أمام البابا بيوس التاسع عن رغبته امتلاك مسكن واكليروس ومصادر اقتصادية مستقلة، فضلًا عن كاتدرائية لكرسيه "sede". بعد أن حصل على الموافقة عام ١٨٥١، اشترى البطريرك أرض البطريركية والكونكاتدرائية عام ١٨٥٥، إلا أن بناء الكنيسة لم يبدأ حتّى عام ١٨٦٢. وبعد مرور ١٠ أعوام، في ١١ شباط ١٨٧٢، افتتح أسقف القدس كونكاتدرائية اسم يسوع الأقدس قبل بضعة أشهر من وفاته.

 

منذ ذلك الحين، شهدت كونكاتدرائية البطريركية اللاتينية أحداث لا تنسى، كالزلزال الذي ضرب الأرض المقدسة في ١١ تموز ١٩٢٧، والذي خلّف تصدعات حادة في جدران المبنى، الأمر الذي تطلب تعزيزات مباشرة لاستعادة الاستقرار.

 

كما كان للحرب العربية الإسرائيلية بين عامي ١٩٤٨ و١٩٤٩ أثرًا آخر على الكنيسة، إذ حطمت الألغام الأرضية القريبة شبابيك الكنيسة الملونة، وألحقت الضرر بالسقف واللوحات الجدارية.

 

بعد الزلزال الذي ضرب البلاد عام ١٩٢٧ وحرب عام ١٩٤٨، أُجريت أعمال الترميم لتدعيم الكنيسة، إلا أنه مُنحت احتياجات الأبرشية الأخرى الأولوية في المراحل الأولى للعمل، الأمر الذي أخّر عملية تجديد الكنيسة حتى عام ١٩٨٦. استمرت عمليات الترميم مدة عامين إذ نالت البركة في ١ كانون الثاني ١٩٨٨، وهو اليوم الذي يصادف عيد مريم العذراء، أم الله.

 

احتفلت كونكاتدرائية اسم يسوع الأقدس بالذكرى ١٤٨ لتأسيسها في ١١ شباط ٢٠٢٠، ومنذ تأسيسها أصبحت الكرسي الأسقفي لعشرة من أساقفة القدس، كان اثنان منهما حارسَين للأراضي المقدسة. كما زارها أيضًا أربعة بابوات هم البابا بولس السادس عام ١٩٦٤، والبابا يوحنا بولس الثاني عام ٢٠٠٠، والبابا بندكتس السادس عشر عام ٢٠٠٩ والبابا فرنسيس في أيار عام ٢٠١٤.

 

مكتب إعلام البطريركية اللاتينية