موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٢٩ مارس / آذار ٢٠٢٢
لبنانيون يرفضون هدم صوامع الحبوب من أجل الحفاظ على الذاكرة

فرانس 24 :

 

رغم تضررها بشكل كبير من انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 الذي أودى بحياة 218 شخصًا وأكثر من 7500 جريح وخسائر كبيرة بالعاصمة اللبنانية، ما زالت صوامع الحبوب الكبيرة منتصبة شاهدًا على المأساة التي عاشتها البلاد وتحولت إلى رمز لما حدث.

 

حتى إن هذا الرمز نال اعترافًا دوليًا، مع انتشار فيديوهات جالت العالم بأسره، بما أن مبنى الصوامع ساهم في صد الانفجار وبقي صامدًا في المكان الذي شُيدت به في ستينيات القرن العشرين والتي تبلغ طاقة استيعابها نحو 120 ألف طن من الحبوب. وما زالت البناية الشهيرة على بعد بضعة أمتار من مركز الانفجار، وبالتحديد في العنبر 12 من المرفأ، مهددة بالهدم بعد قرار اتخذه مجلس الوزراء.

 

 

خلاف حكومي 

 

واتخذت الحكومة اللبنانيّة هذا القرار بعد أن منحها طارق البيطار، القاضي المكلف بالتحقيق في الانفجار، الضوء الأخضر. فأشار البيطار إلى أن الاحتفاظ بصوامع الحبوب لم يعد ضروريًا "على ضوء تقدم تحقيق الطب الشرعي".

 

كما أن تقريرًا صدر في نيسان 2021 من قبل مؤسسة "أمان إنجينيرينغ" السويسرية أوصت بالهدم الجزئي للصوامع. وأشار التقرير بالخصوص إلى الجزء الشمالي منها الذي تضرر بشكل كبير. وبررت المؤسسة توصياتها بتفادي انهيار قيل إنه حتمي بسبب الميلان المستمر للصوامع والمقدر بمليمترين في اليوم.

 

ولكن بعد يومين من إعلان قرار مجلس الوزراء اللبناني موافقته على هدم المعلم، أعلن وزير الثقافة محمد مرتضى في 18 آذار تصنيف الصوامع ضمن المعالم التاريخية. فذكر بيان للوزارة أنه "لما كانت إهراءات الحبوب في مرفأ بيروت قد تحولت بعد انفجار الرابع من آب 2020 رمزًا أجمع عليه اللبنانيون... ولما كان من بالغ الأهمية المحافظة على هذه الإهراءات التاريخية واعتبارها من التراث الإنساني لكونها تجسد صورة مدينة نكبها الانفجار... أصدر وزير الثقافة، قرارًا قضى بإدخالها في لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية".

 

وبالتالي، نجت صوامع المرفأ، ولو بشكل مؤقت، من الهدم بفضل هذا الخلاف الحكومي الذي لم يصدر أي توضيح رسمي بشأنه. وفي حوار مع صحيفة "لوريون دي جور" اللبنانية، قال وزير الأشغال العامة والنقل علي حامية أنه "تفاجأ" بقرار تصنيف البناية معلمًا تاريخيًا حيث قال "لا أملك أدنى فكرة بشأن دواعي هذا القرار الذي لم تتم استشارتي بشأنه".

 

 

"رمز الإفلات من العقاب"

 

في المقابل، فإن قرار وزير الثقافة يتوافق مع رغبة أهالي الضحايا والناجين الذي يعارضون بشدة هدم الصوامع ويدعون إلى تحويلها إلى مكان للذاكرة. لكن الأهالي يرون أن قرار الوزير معرض للإلغاء.

 

وصرّح بول نجار الذي فقد ابنته الوحيدة، ألكسندرا التي لم يتجاوز عمرها 3 سنوات وهي إحدى أصغر ضحايا مأساة 4 آب 2020: "إنها انتهازية في غير محلها بغاية كسب أصوات في انتخابات 15 أيار التشريعية، إنها مبادرة اتصالية خاصة وأن قرار تصنيف الصوامع معلمًا تاريخيًا يمكن أن يرده مجلس الوزراء فورًا".

 

ويضيف "لصوامع الحبوب أهمية وبعد رمزي كبيران بالنسبة إلينا. إنها تمثل بالخصوص رمزًا للإفلات من العقاب وتذكرنا أنه وبعد عام وسبعة أشهر لم نحصل لا على الحقيقة ولا على العدالة".  وفي خضم عدم تحقق "العدالة" حتى الآن، يرفض بول نجار بشدة هدم البناية ويناضل من أجل أن يتحول الموقع  إلى "نصب تذكاري للتأمل وتذكيرًا تاريخيًا بتحرير شعبنا من النظام الإجرامي" على حد قوله.

 

وتم تعليق التحقيق لتحديد المسؤوليات في الكارثة منذ كانون الأول بعد سلسة من الدعاوى التي تم تقديمها ضد القاضي طارق البيطار. إذ تحاول أطراف من الطبقة السياسية ثنيه عن مواصلة التحقيق.