موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٨ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٠
كنيسة المهد في بيت لحم و"الوضع القائم" في زمن وباء كورونا المستجد

حراسة الأراضي المقدسة :

 

"إنها المرة الأولى التي أرى فيها كنيسة المهد فارغة إلى هذا الحد. فقد تزامن وصولي مع الارتفاع الذي طرأ على عدد الحجاج عقب نهاية الانتفاضة الثانية. ولذلك فإنني لم أرى الكنيسة هكذا من قبل". هذا ما قاله لنا الأخ أنانياس ياسكولسكي، الذي يشغل حاليًا مهمة أول مسؤول عن السكريستية في كنيسة المهد، ومساعد الرئيس لشؤون "الستاتو كو" (الوضع القائم) في بيت لحم، وقد روى ما يجري داخل الكنيسة عقب الاغلاق الشامل الذي دام مدة 84 يومًا منذ شهر آذار المنصرم.

 

بعد سنوات من النمو الكبير في عدد الحجاج، لم يمنع غيابهم في هذه الفترة المزار المقدس من الاستمرار في برنامج حياته اليومية كالمعتاد، سيرًا على ما تقرره قواعد الوضع القائم. وتابع الأخ أنانياس قائلاً: "أقوم شخصيًا بالخدمات نفسها التي كنت أقوم بها في الماضي، وذلك بفضل نظام "الستاتو كو". الفرق الوحيد هو أننا في السابق كنا دائمًا على استعداد للعمل ولاستقبال الناس الذين يأتون لزيارتنا، بينما يجب علينا الآن استغلال هذا الوقت الذي كنا نكرسه لهم، بطريقة جديدة. بالنسبة لي، أضحت هذه الأوقات أوقاتًا للصلاة والتفكير بعمق أشد، خاصة من أجل البعيدين الذين يسألونني الصلاة من أجلهم، وذلك أيضاً من خلال شبكات التواصل الاجتماعي".

 

ويعتبر نظام "الستاتو كو" بمثابة مجموعة التقاليد التاريخية والشروط والقواعد والقوانين التي تحدد العلاقات والنشاطات والتحركات التي تنشأ داخل الكنائس التي تشترك في ملكيتها الكنائس المسيحية المختلفة: اللاتين والروم الأرثوذكس والأرمن، والتي نشأت فيما بينها عبر القرون نزاعات ومجادلات داخلية. إنها أنظمة فريدة من نوعها يمكن الاعتماد عليها، وهي تساهم كوسيط في العلاقات التي تجمع بين أساليب حياة مختلفة، اضافة إلى الاختلافات الثقافية. وعلق الأخ انانياس قائلاً: "بمعزل عن هذه القواعد، ستنشأ النزاعات، ولا يمكن للمزارات المقدسة أن تكون مسرحًا لمثل هذه النزاعات. يعيننا "الستاتو كو" في السيطرة على الأوضاع وتنظيم التفاصيل".

 

وتوجد قواعد "الستاتو كو" الخاصة بكنيسة المهد في بيت لحم، في مجموعة من الكتب. فهنالك كتاب صغير للشؤون اليومية، كما أن هنالك كتاب أكبر، يحتوي على التفاصيل الأساسية، بما في ذلك بعض التوجيهات المتعلقة بالأماكن التي يجب الوقوف فيها خلال الاحتفالات الليتورجية أو غيرها من الإجتماعات، اضافة إلى الساعات التي يسمح فيها بالدخول إلى المغارة. وهو يوضح أيضًا الأدوات والأماكن المخصصة للتنظيف، والأماكن التي يمكن وضع الشموع فيها وسواها من الارشادات المشابهة. هنالك أيضًا كتاب ثالث يحتوي على قواعد الاحتفالات العادية. واضافة إلى هذه الاحتفالات الثابتة، يتم في كل عام تحضير قواعد حصرية تخص الأعياد الميلادية. ولا تحتوي هذه الكتب على القواعد التي تخص الرهبان الفرنسيسكان واحتفالاتهم فقط، بل إنها تقدم أيضًا وصفًا للمهمات الموكولة إلى الطوائف الأخرى، والتي تتداخل ببعضها البعض، بهدف الوصول إلى معرفة متبادلة بحقوق وواجبات كل واحدة من هذه الطوائف في مختلف الأوضاع الممكنة.

 

وتابع الأخ انانياس قائلاً: "لكي يفهم المرء حقيقة هذه الديناميكيات التي نقوم بها، يجب أن يقوم بدراستها وأن يشعر بالشغف نحو هذه المسألة. وما يجب أيضًا، وقبل كل شيء، هو أن يشعر المرء بالحب نحو هذه الأماكن. فإذا لم يقع الراهب في حب هذه الديناميكية ومعناها العميق، تغدو خدمته خدمة لأجل نفسه فقط. نحن حراس هذا المكان، وإننا بحاجة إلى أناس يحبون يسوع ويحبون هذا المكان ويحبون هؤلاء الناس". وبحسب مسؤول السكريستية، لا بد من الدراسة كثيرًا، ومن التمتع بقوة ملاحظة تتيح الدخول في عقلية "التكرار المقدّس".