موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٧ أغسطس / آب ٢٠٢٠
في زمن المحن والألم والنحيب

أشخين ديمرجيان :

 

يندّد السيد المسيح باولئك الذين لا يفتقدون الفقير ويتباخلون على المعوزين ولا يحسنون إليهم، ويمدح الأسخياء الكرماء. قال موجهًا كلامه للمرائين "لقد صدق النبي اشعيا في نبوءته عنكم حين قال: هذا الشعب يُكرمني بشفتيه وأمّا قلبه فبعيد عنّي" (متى 15: 8). فالعبادة الصادقة تصدر من القلب ولا تكفي الصلوات التي نُتمتمها بشفاهنا أو التقديمات التي نقدّمها من زيت وشمع وبخور وزهور... ولقد أوصانا يوحنا الحبيب بقوله: "مَن كانت له خيرات الدنيا، ورأى بأخيه حاجة، فأغلق قلبه عن أخيه، فكيف تُقيم محبّة الله فيه؟" (1 يوحنا 3: 17).

 

وحثّنا القدّيس يعقوب على افتقاد الأيتام والأرامل والاعتناء بهم في ضيقاتهم لأنّ ذلك هو التديّن الحقيقيّ الصادق (يعقوب 1: 27). فما أصدق قول الانجيل الطاهر: "إن لم تستعمل ما تملكه كما أمرك الرب لعمل الخير والإحسان للمحتاجين سوف تسمع الرب يقول ساعة وفاتك "لتذهب معك فضّتك إلى الهلاك" (أعمال 8: 20).

 

أين أسياد الكون الأثرياء والمستبدّين من تعاليم السيّد المسيح؟ طبيب النفوس بامتياز، الذي سبق، خبراء التربية وعلم النفس الحديث وما أوجدوه من أساليب في العصر الحاضر، واستخدم وسائل ايضاح سمعية وبصريّة، كي يلفت انتباه المستمعين الى تعاليمه ووصاياه، ويُثبّت معظم المعلومات في أذهانهم، وذلك بسماعهم ومشاهدتهم وأحيانًا مشاركتهم للأمور. ومن تلك الوسائل السمعية والبصريّة ما ورد في (متّى 18: 2 و3) حينما دعا يسوع طفلاً ورفعه في وسَطِهِم وقال: "الحقَّ أقول لكم: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات..." أي دعا الناس إلى أن يكونوا مثل الأطفال في نقائهم وفي إيمانهم العميق وفي اتّكالهم على الوالدين بكلّ براءة الطفولة. وكان السيّد المسيح يُكثر من ذكر الأمثال ليشرح لأتباعه وتلاميذه بأسلوب سهل كي يستوعبوا ما يصعب فهمه، بما أنّ غالبيّة الجموع في ذلك العهد كانوا من الأمّيّين. ومن البلاغة بمكان أن ينزل المتكلّم الى مستوى السامع كي يتواصل معه وينقل اليه آراءه وأفكاره.

 

خاتمة

 

الملجأ الوحيد للمؤمن في هذا الزمن الذي يكثر فيه الألم والموت والنحيب هي السيدة مريم العذراء منها السلام التي احتفلنا بعيد انتقالها بالنفس والجسد إلى السماء يوم أمس. لا أحد يرغب في الاعتناء بأولاده أكثر من العذراء مريم، وهي تودّ إعانة وإرشاد جميع أولادها إلى الطريق والحق والحياة وإلى الملكوت السماوي. لهذا السبب، ظهرت في أزمنة وعصور مختلفة من تاريخ البشرية وفي أماكن متنوّعة على الأرض.

 

يوجد لرسائل أمّنا مريم العذراء دائمًا غاية وهدف، ألا وهو إيقاظ الإنسان من فتوره في الإيمان، حتى يدرك الخطر الذي يحيق به وتساعده في مواجهة المصاعب، وتُحذّره من الاستمرار في بُعده عن نعمة الله وبقائه في الخطيئة. وترغب أن تُخلّص نفسه من الهلاك الأبدي، وتكرّر ذلك في مديوغوريه دون كلل أو ملل.

 

لنطلب شفاعة أمّنا العذراء مريم كي نثبت في الإيمان والرجاء والمحبّة وكي لا تقسى قلوبنا بسبب المحن التي تحيط بنا من كلّ جهة. ولنضرع إلى العزّة الإلهية أن ينظر إلينا بعين الرحمة والعطف ويزيح عنّا كوابيس الكورونا. آمين!