موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
رعية القديس انطون البادوني في يافا: كنيسة داخل الكنيسة

حراسة الأراضي المقدسة :

 

في زمن الاغلاق هذا، وبسبب حالة الطواريء الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، يسود أبناء رعية القديس انطون البادواني التابعة لحراسة الاراضي المقدسة في يافا، شعور عام بأنهم يكتشفون من جديد هويتهم ككنيسة هي جسد واحد متَّحد.

 

وقد تحدّث كاهن الرعية هناك، الأب أغوسطين بيلاجو، قائلاً: "في هذه الرعية عدد قليل من الاشخاص الذين يسألون المساعدة أو يطلبون المال مباشرة. بل وعلى العكس من ذلك، فإن الكثيرين من أبناء الرعية يأتون للتبرع سواء للفقراء (وهم كثر) أو لأعمال الترميم التي نشرف عليها منذ مدة، نحن الجماعة الرهبانية وبصفتي كاهن الرعية". بفضل ذلك بدأ العديد من الاشخاص الذين يقطنون في المنطقة التابعة للرعية، بالتقرب من الكنيسة لتقديم تبرعاتـهم ولدعم الكنيسة ماليًا. وتابع الأب أغوسطين قائلاً: "تأتي كثير من هذه التبرعات من العائلات الشابة. وهو ما يحملنا على القول بأن أبناء الرعية غدو مدركين بأن هذه المنشأة تعتمد على دعمهم ومساعدتهم ومشاركتهم، ولا يوجد بالنسبة لي ما هو أكثر أهمية من ذلك".

 

تجري حاليًا الكثير من الاعمال: فلا تزال الكنيسة مغطاة بالسقالة التي تم نصبها لأجل إعادة الكنيسة إلى نمطها الأصلي الذي يدعى بـ"القوطي الجديد" ، وهو عمل يتطلب الكثير خاصة في هذه الفترة التي يسودها المجهول. وتابع الأب أغوسطين قائلاً: "قبل مدة قصيرة، أعلنتُ خلال القداس الالهي عن مشروع طلي الكنيسة باللون الأبيض، وقد شعرت بحرية دفعتني إلى التوجه بحديثي إلى أبناء الرعية قائلاً لهم بأن على من يرغب بتقديم دعم مالي، أن يقوم بذلك بكل حرية. وكانت النتيجة أننا استطعنا ما بين يومي الأربعاء والأحد اللاحق جمع ثمانية عشر ألف شيكل (خمسة آلاف وثلاثمائة دولار أمريكي) للكنيسة، وذلك فقط من المؤمنين العرب وحدهم".

 

وقد علق كاهن الرعية على ذلك مؤكدًا بأن المشاركة لم تنقص يومًا، ولكنها تشهد في هذه الفترة الأخيرة ارتفاعًا لا يصدق. ومتحدثًا عن المشاركة في حياة الرعية وسائر الاحتفالات، علق الأب أغوسطين، مازحًا، قال: "أكاد لا أعرفهم. فقد تغيروا!". وتابع قائلاً: "أمازحهم بين الحين والآخر في هذا الموضوع وأقول لهم أنني سأتوسل إلى الحكومة كي تفرض اغلاقًا في نهاية كل اسبوع، كي يأتوا للصلاة بوتيرة أشد كما فعلوا مؤخرًا". ويرى كاهن الرعية أن هذه الفترة الخاصة قد أظهرت أفضل ما لدى الرعية: فقد تضاعف سخاء ابناءها، وكثيرًا ما يأتي البعض حاملين الطعام للرهبان، أو يمر أحدهم فيرى أحد الرهبان غارقًا في عمل ما ويهب إلى مساعدته. أما من ليس لديهم ما يكفي من المال فيفضلون تقديم ما يستطيعون القيام به من أعمال في مجال الكهرباء؛ كما أن هنالك مبرمجين عملوا على انشاء منصة عبر الانترنت لادارة قاعدة البيانات الخاصة بالمقبرة. وقد أخبرنا الأب أغوسطين قائلاً: "لم يكن الأمر كذلك من قبل، وقد حطم الاحتفال خارج الكنيسة الكثير من الحواجز وأتاح لنا الدخول في علاقة تتسم بالمزيد من الثقة، وأن نضع ذواتنا على المستوى نفسه".

 

واضافة إلى الأعمال التي تستهدف الجدران التي تحمل مرفقات الرعية والدير، وتقوم بها حراسة الأراضي المقدسة مباشرة، هنالك أعمال أخرى قائمة وتستهدف أقسامًا محددة ضمن بنية الكنيسة. أولاً النوافذ الزجاجية، التي تم مؤخرًا استبدالها. ومن ثم الحدائق المحيطة بالرعية، وإعادة بناء بعض الاجزاء من الجدران المحيطة بها، لأجل حماية البناء من التسربات. وإضافة إلى ذلك، يتم أيضًا من جديد ترتيب مدافن المقبرة الرعوية التي سيتم افتتاحها في الثاني من تشرين الثاني، بمناسبة تذكار الموتى المؤمنين. وقد تم أيضًا ترميم المصلى الذي يقع داخل المقبرة، بفضل متبرع واحد. كما ويتم حاليًا تجديد قنطرة الكنيسة الأمامية، ويتضمن هذا المشروع طلاء هذه الحنية باللون الأزرق السماوي مع اضافة نجوم مذهبة، تحمل اسم كل عائلة من عائلات الرعية التي قدمت دعمًا للأعمال القائمة في الكنيسة، مما سيتيح للجميع الشعوربانهم جزء من "السماء ذاتها"، كجماعة كبيرة.

 

واختتم الأب أغوسطين قائلاً: "لا نريد للكنيسة أن تكون متحفًا يفتح أبوابه فقط أيام العطل المهمة، بل نريدها أن تكون بيتنا. أسألكم أن تأتوا دائمًا بالاطفال، حتى وإن كان خطر الإزعاج أثناء الاحتفال واردًا، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي بها نستطيع أن نعلمهم كيف عليهم التصرف داخل الكنيسة. أطفال اليوم هم شباب ومسنو رعيتنا غدًا، ومن دونهم لا مستقبل ممكن".