موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٣١ مارس / آذار ٢٠٢٣
رسالة مجلس بطاركة ورؤساء كنائس القدس بمناسبة عيد القيامة 2023

أبونا :

 

"مباركٌ الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاءٍ حيّ، بقيامة يسوع المسيح من الأموات" (1 بطرس 1: 3).

 

نحن –بطاركة ورؤساء كنائس القدس- نُرسل أسمى التهاني بمناسبة عيد القيامة المجيدة من مدينة القيامة المقدّسة إلى المسيحيين المؤمنين في جميع أنحاء العالم.

 

هنا في القدس كان حدث بشارة الملاك للمرأتين عند القبر الفارغ: "لا تخافا... ليس هو ههنا، لأنّه قام كما قال!" (متى 28: 5-6). قال يسوع هنا أيضًا للمرأتين: "لا تخافا" (متى 28: 10). وحدث هنا أيضًا أن الرّب يسوع القائم من بين الأموات، بدّد خوف تلاميذه؛ حيث كانوا مجتمعين لسبب الخوف خلف الأبواب المغلقة، "فقال لهم يسوع أيضًا: سلام لكم! كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولمّا قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس" (يوحنا 20: 21-22).

 

منذ تلك الأحداث، وحتى يومنا هذا، ظلّ تحقيق وعد الله لنا بقيامة يسوع المسيح، رسالة الفصح لنا "حتّى كما أقيم المسيح من الأموات، بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضًا في جدّة الحياة؛ لأنّه إن كنّا قد صرنا متّحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته" (روما 6: 4-5).

 

وكما كتب بطرس الرسول لاحقًا، أن قيامة المسيح تمنحنا "الولادة الثانيّة لرجاء حي". وهذا الرجاء هو الذي ساند التلاميذ والكنيسة الأولى وسط التجارب والمحن، معطيًا إياهم القوّة؛ لاجتياز ذلك في مجد، وكرامة وحمد. "الذين به تبتهجون" أكمل بطرس الرسول: "مع أنكم الآن –إن كان يجب- تحزنون يسيرًا بتجارب متنوّعة؛ لكي تكون تزكية إيمانكم... توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح" (1 بطرس 6: 7).

 

هذه الكلمات تشجعنا وتعزينا أيضًا وسط هذه الأوقات العصيبة؛ حيث إيماننا يجرّب باستمرار كما رأينا جميعًا بالأشهر الأخيرة تصاعد أحداث العنف في الأراضي المقدّسة، مما يجعل مسيحيي الأراضي المقدّسة يعانون من ظروف شبيهة بتلك التي تحدّث عنها بطرس الرسول.

 

كما في السنوات الأخيرة، البعض من كنائسنا، والمواكب الجنائزيّة، والمناطق العامّة أصبحت مناطق مستهدفة؛ إذ انتهكت قدسيّة بعض أماكننا المقدّسة والمقابر، وبعض من الليتورجيات والتقاليد القديمة، فعلى سبيل المثال موكب أحد السعف، وانبعاث النور المقدّس من كنيسة القيامة؛ إذ تمّ منع آلاف المصلين من الوصول، بالرغم من اتفاقيّات للتعاون مع السلطات الحكوميّة، لاستيعاب أي طلبات معقولة قد يقدمونها.

 

بينما نواصل المثابرة في هذه الجهود بنيّة حسنة، فإنّنا نطالب المسؤولين المشرفين بالعمل بشكل قانونيّ، وندعو المجتمع الدوليّ، والسكان ذوي النوايا الحسنة، للدفاع نيابة عنّا، لتحصيل الأمان، والوصول، والحريّة الدينيّة للمجتمع المسيحيّ المحليّ، وملايين الحجّاج المسيحيين الذين يزورون الأراضي المقدّسة سنويًّا، إضافة إلى المحافظة على الوضع الراهن.

 

بالرغم من الترحيب بهذا الدعم، إلا أنّنا لا نضع آمالنا بأيادٍ بشريّة، بل أملنا الأكبر في الله وحده، لأنّنا من خلال قيامة السيد المسيح حصلنا على الطمأنينة المباركة للعناية الإلهيّة بنا من خلال الروح القدس القادر أن يحفظنا اليوم، كما حفظ المسيحيين الأوّلين في القدس.

 

هذا هو الأمل المعطى لنا في قيامة السيّد المسيح، كي نتبادل مع المؤمنين حول العالم التهنئة المسيحيّة القديمة التي لا تزال تردّد بقوّة إلى يومنا هذا: المسيح قام.. بالحقيقة قام.. هللويا.