موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٣ أغسطس / آب ٢٠٢٣
رافي سايغ يكتب من القامشلي: هلمّ بسلام أيها الراعي الصالح
بمناسبة زيارة البطريرك ميناسيان إلى مدينة حلب السوريّة

رافي سايغ :

 

ساعات قليلة تفصل زيارة كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل الحادي والعشرين ميناسيان إلى الجمهورية العربية السورية، قادمًا من كرسيه البطريركي في لبنان، وذلك يوم الخميس 24 آب الحالي. وهي زيارة رسميّة ورعويّة بامتياز، والأنظار كلها تتجه إلى مدينة حلب الشهباء، التي سيكون فيها برنامج الزيارة الرئيسي.

 

انتظر أرمن كاثوليك سورية طويلاً هذه الزيارة منذ زمن، لما تملكه سورية من مكانة مهمة في قلب الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة. وتضم سورية ثلاث أبرشيات وازنة هي (أبرشية حلب، أبرشية دمشق، أبرشية الجزيرة والفرات)، مع حضور بسيط في بقية المحافظات السورية. وعلى مدار سنوات طويلة، إلى ليوم، قدّمت هذه الأبرشيات خيرة أبنائها لخدمة الكنيسة، من أساقفة وكهنة ورهبان وراهبات، وهم يتابعون لغاية اليوم، وبعطاءٍ كبير، هذه المسيرة بالخدمة والعمل، والمحبة التي تميزوا فيها.

 

كنيسة الصليب المقدس للأرمن الكاثوليك - حلب

يا صاحب الغبطة،

أهلاً وسهلاً بكم في مهد الحضارات والأديان، سورية. هذا الوطن الجريح المتألم من ثقل سنوات حرب طاحنة عاش خلالها شعبنا ويلات الموت والدمار والخراب. ومع هذا كله يا أبينا لم نستسلم!، نعم... نحن بقينا هنا كشهود سلام ودعاة محبة وحوار.

 

يا صاحب الغبطة،

تأتي اليوم لتزور وطننا المتألم، والظروف الاقتصاديّة الصعبة تحاصرنا من كل الجهات، وتنغص عيشنا، وتمنعنا من العيش بسلام، وتمنعنا من تحقيق أحلامنا. فإنّنا ننتظرك لتعلن من رحم المآسي والفقر والجوع، وبصوت عالٍ: ارفعوا العقوبات والحصار عن سورية الحبيبة وشعبها، لكي تنهض هذه البلاد من جديد، ويقوم شعبها ليبلسم جراحه بيديه ويطوي صفحة الحرب والموت ويبدأ إعمار ما تهدم، ولينتصر الإنسان السوري من جديد كما في كل صفحات تاريخه.

النصب التذكاري لشهداء الإبادة الأرمنية مطرانية الأرمن الكاثوليك - دمشق

يا صاحب الغبطة،

تزور مدينة حلب الشهباء، وهي مدينة قامت حقًا من بين الركام والدمار بسواعد أبنائها الأبطال، وبدعم أساقفتها وكهنتها، الذين تحملوا أيامًا قاسية من الحصار والخوف، والقتل والتهجير. فالمباني المهدّمة والكنائس المرمّمة خير مثال على هذا الظلم التي تعرضت له حلب الشهباء. وعلى الرغم من الحصار والعقوبات، فإنّ الحياة قد عادت إلى الشهباء، وهي عبر التاريخ لم تقس ما قاسته خلال هذه الحرب البغيضة، لكن الرجاء كان أكبر وبقيت حلب كقلعتها صابرة صامدة منتصرة.

 

يا صاحب الغبطة،

إنّنا نرفع الصوت عاليًا اليوم لنشكركم على محبتكم لسورية قبل زيارتكم هذه، فخلال أيام خدمتكم الأسقفية في أرمينيا لم توفروا جهدًا أو تعبًا لخدمة أبناء سورية هناك. فالكلّ يتذكر بامتنان كيف فتحت أبواب الكنائس والأوقاف ليسكن كل من تهجر وهاجر من سورية تحت ظل رعايتكم ومحبتكم، وكانت هذه البيوت عامرة بالمحبة والأمان كعلامة على قرب الكنيسة من شعبها خلال الأزمات والمحن. وليس هذا وحسب، فبطريركية الأرمن الكاثوليك وبرعاية بطاركتها، ورعاية ومتابعة سيادة المطران جورج أسادوريان المعاون البطريركي للأرمن الكاثوليك، وجد أرمن سورية الاهتمام والعناية الكبيرة من الكنيسة في أوقاتهم الصعبة في لبنان، من خلال تأمين حياتهم المعيشية وتحصيل أبنائهم العلمي في المدارس والجامعات اللبنانية ومساعدة العائلات لتأمين الطبابة وكل ما يتعلق بعيشهم في كرامة والكل يشهد على ذلك. وبهذه المحبة تابعت البطريركية مساعدة العائلات في سورية من خلال الدعم المادي والمعنوي، وخاصة ما لمسته شبيبة سورية من دعم وتقدير على مستويات كثيرة، وأخيرا دعم سكان مدينة حلب بعد الزلزال المدمر الذي بقيت آثاره لغاية اليوم.

كاتدرائية القديس يوسف للأرمن الكاثوليك - القامشلي

أبينا وبطريركنا،

أهلاً وسهلاً بكم في أرضكم وبلدكم سورية، التي تقرع اليوم أجراس كنائسها الأرمنيّة فرحًا بقدومكم، وإنّنا نستبشر خيرًا زيارتكم الكريمة هذه. ومن قلوب أبناء أبرشيات سورية الأرمنية الكاثوليكية المباركة نقول لكم: شكرًا على هذه المحبة التي قادتكم إلينا، وهي المحبة التي تبني والتي نحتاجها بشدة لكي نشهد لقيامة سورية من جديد، كوطنٍ للتلاقي والسلام، مع إخوتنا المسلمين جنبًا إلى جنب. فأتيتم أهلاً وقدمتم سهلاً، ولتكن زيارتكم بلسم تعزية لكلّ القلوب المتعبة، وعلامة رجاء لنتابع رسالتنا بفرح من جديد.

 

هلمّ بسلام أيها الراعي الصالح.