موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الجمعة، ١٩ يونيو / حزيران ٢٠٢٠
رابطة الدين في الأزمات الإنسانية

راكز الزعارير :

 

الدين أهم الروابط البشرية على الإطلاق، وهو أعمق وأوسع واشد تعقيدا من ان يحصر في معنى انساني معين، ومن معانيه الكبيرة انه رابطة اجتماعية تصل الناس بعضهم ببعض، ويلبي حاجاتهم في التعاون والتشارك، ويؤلف بين قلوبهم وينظم سلوكهم، وتتجلى هذه المعاني بتفاعل اكبر في الازمات الانسانية والكوارث والجوائح والاوبئة حيث كان للدافع الديني الدور الكبير في التعاون والتشارك والتعاضد الاجتماعي لمواجهة جائحة كورونا، التي اجتاحت كافة المجتمعات البشرية على وجه الارض وأدت الى زلزال انساني يصعب حصر تأثيراته المتعددة على المجتمع البشري.

 

إن الدين يحدد موقف الانسان من الطبيعة المثيرة لكثير من التساؤلات عن المجهول الذي يثير في النفس البشرية احاسيس مختلفة من رهبة وعجب وقلق وخضوع، ومن خلال الدين يتعمق الانسان في هذه الأسرار والقدرات وتفهم مقاصدها واكتساب رضاها وعنايتها.

 

وهو الفكر الوحيد الذي يستجيب لمشاعر ومكنونات النفس البشرية التي تحب وتكره، وترضى وتثور، تفرح وتتألم، وتأمل وتيأس، وتخشى الموت الذي يحرمها لذائذ الحياة ويلقيها في أغوار المجهول، حيث يستجيب الدين لهذه المشاعر ويضبطها ويوجهها، فيجد فيه الانسان ما يهديه في حيرته وما يقويه في ضعفه وما يرفعه ويرقيه في المراتب الانسانية وهو الوسيلة الوحيدة التي يلجأ الانسان اليها ويطمئن بها في مواجهة الموت الذي تتقدمه جوائح الأوبئة والأمراض التي تفتك بالإنسان.

 

ويطلق الدين النفس البشرية للنفاذ الى اسرار الطبيعة وما وراء الطبيعة، وعن سعيها الى الترقي في مراتب الوجود وتحقيق الخير والفضيلة "كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر…" وهو عقيدة يتجسد بها الانطلاق ويتركز فيها ادراك الانسان لما حوله ولنفسه، وتتجمع المعاني والقيم التي يؤمن بها ويحرص عليها.

 

كل ذلك وغيره يشكل مصدرا رئيسا للقواعد السلوكية في الحياة الفردية والاجتماعية للإنسان، بالاضافة الى دور الطقوس والفرائض في توثيق العرى وشد الأواصر، وتغلغلها في المجتمع وربط أجزائه ووحداته وتوجيه نشاطاته.

 

لكل ذلك يعتبر الدين موئلا رئيسا للإنسان في الازمات والكوارث الانسانية، ومرجعا للإدراكات النظرية التي يفسر بها الانسان وجوده، وللمثل الخلقية التي يهتدي بها سلوكه، ومجموع هذه الإدراكات والمثل يتلخص فيها موقف الانسان والمجتمع من الطبيعة والحياة البشرية، ومما وراء الحياة والطبيعة وهو من اهم اركان الوجود الانساني.

 

(الغد الأردنيّة)