موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢ أغسطس / آب ٢٠٢٠
القداس.. فليتحضّر كلّ واحد وفي داخله رغبة عميقة للذهاب إلى هذا الاحتفال

القديس أثناسيوس (295-373)، بطريرك الإسكندرية ومعلم الكنيسة :

 

كان على كلّ القدّيسين أن يتجنّبوا الولوج "من الباب الرحب والواسع" (راجع متى 7: 13) ليعيشوا بعيدًا في الفضيلة: إيليّا، إليشاع... يعقوب... إن الصحراء والتخلّي عن صخب الحياة يقرّبان الإنسان من الله فيصبحا صديقين، وبالتالي، عندما خرج إبراهيم من بلاد الكلدانيين "دُعِيَ خَليلَ الله" (يع 2: 23). وموسى العظيم أيضًا أثناء رحيله من بلاد مصر، تكلّم مع الله وجهًا لوجه فأنقذه من أيادي أعدائه واجتاز الصحراء. هؤلاء كلّهم يجسّدون صورة الخروج من الظلمات إلى النور البهي والصعود إلى المدينة التي هي "الوَطَن السَّماوِيّ" (عب 11: 16)، وهي الصورة المسبقة عن السعادة الحقيقة والاحتفال الأبدي.

 

أما نحن، فأمامنا الحقيقة التي أعلنتها الظلال والرّموز (راجع كول 2: 17) وأقصد بذلك صورة الآب: ربّنا يسوع المسيح (كول 2: 1: 15). فإن تناولناه غذاءً لنا في كلّ وقت، وإن وضعنا دمه علامة على أبواب أرواحنا (راجع خر 12: 7)، نتحرّر من أعمال فرعون "ومُسَخِّري الشَّعبِ" (راجع خر 5: 6 وما يليها)... لقد وجدنا الآن الطريق لننتقل من الأرض إلى السماء.. في السابق كان الربّ، بواسطة موسى، يسبق أبناء إسرائيل بعامودين من النار والسحاب، وهو الآن يدعونا بنفسه قائلاً لنا: "إِن عَطِشَ أَحَدٌ فليُقبِلْ إِلَيَّ ومَن آمنَ بي فَلْيَشَربْ كما ورَدَ في الكِتاب: ستَجْري مِن جَوفِه أَنهارٌ مِنَ الماءِ الحَيّ" (يو 7: 37 – 38).

 

فليتحضّر كلّ واحد منا إذًا وفي داخله رغبة عميقة للذهاب إلى هذا الاحتفال، وليسمع صوت المُخَلِّص يناديه لأنّه هو من يعزّينا جميعًا ويعزّي كلّ واحد منا بشكل خاص. فليأتِ إليه الجائع فهو "خُبزُ السَّماءِ الحَقّ" (يو 6: 32)، وليأتِ إليه العطشان أيضًا فهو نبع الماء الحيّ (راجع يو 4: 10 وما يليها). وليأتِ إليه المريض فهو الكلمة، كلمة الله التي تشفي المرضى. وإن كبّلت الخطيئة أحدًا وأثقلت كاهله، فلينحنِ عند قدميه، فهو الراحة وميناء الخلاص. وليكن الخاطئ واثقًا لأنّ الرب قال: "تَعالَوا إِليَّ جَميعاً أَيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَنا أُريحُكم" (مت 11: 28).