موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ٧ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٠
الصغار ببيت الأجداد بعد المدرسة.. هل هنالك محاذير من انتقال عدوى كورونا؟

تغريد السعايدة – الغد :

 

مع عودة الدراسة المنتظمة في القطاع التعليمي بأكمله في الأردن، وضعت عائلات برنامجا منظما للأبناء، وعادةً ما يكون في “بيت الجد”، حين يضطر الوالدان “العاملان” لوضع أبنائهما في بيت الأجداد لحين عودتهما من العمل، ولو لساعات قليلة.

 

هذه الجزئية في حياة الأسرة، أمست مصدر قلق للكثير منهم في ظل تدابير حماية الأفراد من عدوى “جائحة كورونا” التي يقع تأثيرها الأكبر في حال أصابت كبار السن، ما يجعل الأهل في حيرة من أمرهم، ليقف بعضهم عاجزا عن توفير مكان بديل للأبناء خلال ساعات غياب الأهل عنهم، خاصة في حال كان الأبناء “صغارا في السن”.

 

تلك المعضلة، تؤرق الكثير من الأهل ممن اعتادوا على مدار سنوات أن يبقى أبناؤهم عند بيت الجد لحين عودتهم من العمل، إلى الحد الذي دفع بالعديد منهم لطرح تلك القضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال صفحات حوراية خاصة بقطاع التعليم في المملكة.

 

عمر النمري، وهو ولي أمر طلاب في المدرسة، يقول “هناك أمر لم يتم التطرق اليه ومناقشته بشكل مفصل وهو نقل العدوى من أولادنا، لا سمح الله، الى الأهل والأجداد وكبار السن، كما كلنا نعلم أن هذا الفيروس يمكن أن لا يكون له أعراض ظاهرة على الأطفال (Asymptomatic)، وفي الوقت ذاته يكون الطفل حاملا وناقلا لهذا الفيروس”.

 

ويضيف عمر “لا أحد منا يريد أن يصاب أولاده بهذا الفيروس (كورونا) بكل تأكيد، لكن هناك احتمالية في ذلك علينا أن نعترف بها، السؤال هنا، هل نمنع أطفالنا من الاختلاط بأعمامهم وعماتهم وأخوالهم وخالاتهم، والأهم من ذلك منعهم من زيارة بيوت أجدادهم وجداتهم؟ هل نحجر أنفسنا في المنازل خوفاً على صحة كبار السن واحتمالية نقل العدوى لهم؟ لا نريد أن نصل الى مرحلة نقول فيها.. “يا ريت ما وديناهم على المدرسة”.. “لو ضلوا بالبيت أحسن””.

 

عامر صوالحة، وهو ولي أمر كذلك، يقول “حبذا لو يكون طرح هذا الأمر والتعامل معه على محمل الجد والعقلانية وسوف أنقل المشكلة إلى إدارة المدرسة لأنها أولوية لي على الصعيد الشخصي”.

 

آراء أخرى ترى أن الأطفال كما ينتقلون حالياً في الأماكن العامة هم كذلك الحال في المدارس، ويجب أن لا نبث الرعب والخوف في قلوب كبار السن الذين يكنون كل الحب والود لأحفادهم ويتمنون قربهم، كما هو الحال لدى الأحفاد.

 

استشاري الأمراض الصدرية والأزمة الدكتور عبدالرحمن العناني، يؤكد أن الخطورة لدى كبار السن تكمن في سهولة التقاط المرض بسهولة، إضافة إلى أنه وفي حال إصابتهم بالمرض، فإن الإحتمالية الكبرى تكون بحصول ضرر أكبر لديهم، كونهم من الأساس قد يعانون من أمراض مزمنة تقلل المناعة.

 

كما ويشير العناني إلى أن الإنسان مع التقدم في العمر يصاب بضعف في الأعضاء الحيوية في الجسم، ولديه مناعة أضعف مما هي عليه عند صغار السن، لذا، من الأهمية بمكان أن يكون هناك دور للأهل والأحفاد في رعاية وحماية كبار السن من خطر العدوى.

 

هذه الحماية تشمل “التباعد الجسدي”، وخاصة في ظل ظروف الاختلاط التي سوف يتعرض لها الأطفال خلال التواجد في المدرسة، كما يجب عليهم، في حال تواجدوا مع أجدادهم، أن يلتزموا بالتعقيم بشكل مستمر، ولبس الكمامة التي تحمي كبار السن من وصول الرذاذ إليهم، وبالتالي حمايتهم من المرض وانتقاله.

 

إضافة إلى ذلك، ينصح العناني أي شخص يعاني أي أعراض مرضية، سواء أكانت أعراض كورونا أو غيرها أن يبتعد قدر الإمكان عن كبار السن وألا يزورهم في تلك الفترة، التي من شأنها أن تبعد عنهم مخاطر الأمراض المختلفة التي تقلل المناعة وتسهل التقاط العدوى.

 

والعلاقة بين الأحفاد والأجداد، أزلية في الحب والرعاية والحنان، والحديث في هذا الوقت، هو لتأكيد وجود عدد كبير من العائلات التي تعتمد في رعاية أطفالها بعد العودة من المدرسة على الأجداد، وهو ما يؤكده الاستشاري الأسري الاجتماعي مفيد سرحان، من أن كبار السن يتمتعون بالمحبة من قِبل الأبناء والأحفاد على حد سواء.

 

بيد أن ما أثبتته الدراسات الطبية حول كورونا من أن كبار السن هم من الفئات الأكثر تضرراً في حال أصيبوا بعدوى مرض “كوفيد 19، فإن خوف الأهالي تضاعف من إرسال الأبناء إلى “بيت الجد” في حال تم التعلم المباشر، من أن يحدث هناك عدوى لهم، وإصابتهم، في الوقت الذي تبين فيه دراسات مماثلة أن نسبة كبيرة من الأطفال قد يصابون بالمرض ولكن من دون وجود أعراض.

 

ويضيف سرحان أن كبار السن تأثروا جداً بما يتم تداوله من معلومات حول خطورة نقل المرض إليهم، كون المضاعفات أكثر خطورة عليهم، وهذا يتطلب من باقي أفراد الأسرة الحرص والرعاية لهم، من خلال الوقاية ومحاولة إبعادهم عن أي طريقة يمكن أن تنتقل به الأمراض لديهم، وعدم وجودهم في أماكن قد يكون بها مخالطون، والتباعد الجسدي قدر الإمكان.

 

ويشدد سرحان على أهمية أن يكون هناك مساحة للتواصل وإبداء الاهتمام والرعاية من قِبل الأهل والأحفاد بأجدادهم، ولكن هذا يتطلب في الوقت ذاته مجموعة من المحاذير، على الرغم من أن وجود الأحفاد بالقرب من الأجداد من شأنه أن يساعد على رفع الروح المعنوية لديهم، ومنحهم فرصة من السعادة برؤيتهم، ويُشعرهم بأهميتهم في رعاية الأحفاد وأن لهم دورا كبيرا في نشأتهم.

 

وكانت دراسة بريطانية قد توصلت إلى استنتاجات من خلال دراسة استطلاعية، حول علاقة الأحفاد بالأجداد، أبرزها أن ما يقارب 40 % من الجدات يساعدن في رعاية الأطفال، وما نسبته 30 % أيضاً يوفرن الرعاية للأحفاد بشكل منتظم، خاصة للأحفاد الذين يعيشوف في ظل والدين عاملين، كما كشفت الدراسة أهمية تلك العلاقة التشاركية في تنمية الطفل ومدى التأثير النفسي الإيجابي عليه على المدى البعيد، وتعزيز قدراتهم الاجتماعية.