موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١٦ مايو / أيار ٢٠٢٠
الشهر المريمي.. وبعد أن ذاب الثلج وظهر المرج

أشخين ديمرجيان :

 

معظم القرّاء الكرام على علم الآن أنّ الكورونا المصنّعة كان هدفها الحدّ من حرية التنقّل لكلّ فرد وقتل الألوف وأنّ إعلان حالة الطوارىء في العالم استُخدم أحيانًا كغطاء لأعمال قمعية تحت ستار حماية الصحة، والأهمّ أنّه استُخدم كي يرضخ الناس صاغرين إلى اللقاح فيما بعد.

 

ويُفسّر بيل غيتس لأصدقائه المقرّبين في إحدى الفديوهات أنّ ارتفاع مستوى غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ينبغي أن يعود إلى درجة الصفر كي يصبح ارتفاع درجة حرارة الأرض في المستوى الآمن. لذلك فإنّ اللقاح سيخفض من نسبة الكثافة السكانية ما بين 10-15 بالمئة. وقام أحد الحضور بتسجيل أقوال بيل غيتس وهكذا تتداولها وسائل التواصل الاجتماعي ويقرّر كلّ من يستمع إلى الفديو الامتناع عن أخذ جرعة اللقاح القاتل في المستقبل. كما أنّ اللقاح يغرز في الانسان شريحة تجعله عبدًا لمراكز القوى -مثل الروبوت- يراقبون حركاته وسكناته ويفرضون عليه القيام بأعمال غير إرادية وبإمكانهم إنهاء حياته بثانية. أي يفقد الإنسان حريته وكرامته وارادته! في هذه الحالة الموت نعمة والحياة نقمة! تُرى من سيُحاكم هؤلاء الأثرياء الذين يلعبون بحياة الملايين من الناس! لا حول لنا ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم!

 

عودة إلى سيّدتنا مريم العذراء: أهنؤكِ اليوم بتلك الكلمات التي قالها عنك سليمان الحكيم: "بنات كثيرات عَمِلن فضلاً أمّا أنتِ ففقتِ عليهنّ جميعًا". مريم العذراء و(سفر الأمثال 31: 29).

 

قبل الكورونا اللعينة (المصنّعة) كانت الكنائس في شهر أيار تشهد توافد حشود المؤمنين إلى الكنيسة يوميًّا، كي يجتمعوا وجدانيًا حول مريم الأمّ البتول لإبداء محبّتهم البنويّة لها، ومتلهّفين لإكرامها. وكي يطلبوا من الفادي نعمة الخلاص من الخطايا، ويلتمسوا وجاهة السيّدة العذراء لنِعَم كثيرة متنوّعة من روحانيّة وزمنيّة، بعد أن استغفروا العزّة الإلهيّة مسترحمين، نادمين عمّا بدر منهم من أخطاء في حقّ القريب. وتحنو السيّدة البتول بدورها على أبنائها وبناتها، ويشبه حنان أفضل أمّهاتنا، نوعًا ما وبشكل باهت ضعيف، حنان السيدة العذراء ورقّتها، منها السلام. وتبسط الأمّ البتول معنويًّا يديها المباركتين الطاهرتين لتتنشل أولادها البشر الملتجئين إليها من الضيق والتجارب في هذا الوادي وادي الدموع. ويحلو لي هنا أن أورد دعاءً قديمًا من القرن الثاني الميلادي نشأ في مصر في زمن الاضطهادات: "تحت ستر حمايتك نلتجىء يا والدة السيّد المسيح القدّيسة، فلا تغفلي عن طلباتنا عند احتياجاتنا، بل نجّنا من جميع المخاطر على الدّوام أيّتها البتول المباركة".

 

ومن أحلى الأدعية صلاة القدّيس برنردوس: "أذكري يا مريم البتول الرؤوم، أنّه لم يُسمَع قَطّ، أن أحدًا لجأ إليكِ وطلب معونتك والتمس شفاعتك وعاد مخذولا. لذا، أتجرّأ بملء الثّقة أن أتوجّه –بعد الله– إلى حنانك"... وتهب أمّ النور النّعم السماوية بسخاء وكرم لكلّ مَن يلتجىء اليها ويدعوها بصدق وأمانة. وهي مستعدّة دومًا لحماية كلّ من استغاث بها. واسم مريم العذراء هو الآخر لغز سماوي يُنعش النفوس ويزيدها شجاعة وقوة، كالطّلّ والنّدى الذي ينعش النبتة ويُحييها. تلك "المخلوقة المُلتحفة بالشمس" يسحر اسمها القلوب، وتردّده الشفاه بحرارة، مسبّحة عظائم الخلائق فيها. واسم مريم هو شفاء ومرهم  لجميع المتألّمين. مريم أمّنا هي الشفيعة للبائسين والخطأة. هي قاتلة الحيّة الجهنميّة، وواهبة الحياة للبشريّة التي تتمرّغ في أوحال الخطايا. إنّها الأمّ التي تشفع بأبنائها وتنجّيهم من كلّ سوء، وتهديهم كي يصلوا إلى ميناء الخلاص وحياة الخلود حيث السلام الحقيقي.

 

لقد صان الله أمّ النور من مسّ الخطيئة الأصليّة ومن كلّ عيب. ولم يمسّها الشيطان حينما وُلِدت. ومنذ الأزل خطّط الله أن تكون أمًّا لكلمة الله المتجسّدة، فأرادها مسكنًا طاهرًا يليق به وهيكلاً مقدّسًا محفوظًا وبريئًا من دنس الخطيئة الأصليّة والفعليّة، وهي "الجنّة المقفلة والبئر المختومة" التي أشاد بها النشيد... وفي قديم الزمان سبق الأنبياء وتنبّأوا عنها أنّها عذراء حتّى بعد حملها: "ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا..." (أشعيا 8: 8 و10 و14). ولعلّ صيغة التعريف في لفظة "العذراء" تدلّ على وضعها النهائي وإلاّ لقال النبيّ: "ها إنّ عذراء تحبل وتلد...".

 

من فضائل العذراء أنّها تحلّت بالتواضع العميق والوداعة الكاملة. وهذه  سمة ظاهرة بوضوح في حياتها. خلال فترة خطوبتها حينما ظهر لها المَلَك (الملاك) جبرائيل وبشّرها بأنّها ستكون أمّ المسيح المنتظر بقوّة روح القدس ونعمته الفريدة (لوقا 1: 35 ، ثمّ متّى 1: 18-20). أجابت بتواضع: "ها أنا أمة الربّ" أي خادمته... وتابعت كلامها تُحاور الله في دالّة متواضعة: "لتكن مشيئتك يا رب وليكن لي بحسب قولك"... أدركت سيّدتنا مريم  صعوبة الموقف، لكنّها استسلمت لمشيئته تعالى في لحظة بشارة الملك جبرائيل، ولم يفسّر لها الملَك كيف ستواجه خطّيبها القديس يوسف أو كيف سيصدّقها خطّيبها حينما تخبره عن الحبَل المعجز غير الاعتياديّ! هكذا عاشت العذراء برضوخ كامل لارادته تعالى وهذا حسبها. لذلك تُعَدّ فضيلة التسليم لدى العذراء فضيلة عظيمة!

 

خاتمة

 

نسأله تعالى أن يرحمنا ويمنحنا نعمة الثبات والإيمان ويصوننا من كلّ شرّ ولديه لكلّ معضلة حلاًّ إنه السميع المجيب. آمين!