موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٧ يوليو / تموز ٢٠٢٠
التنشئة المسيحية: قراءة في الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" (11)

البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي :

 

نواصل نقل مضمون الفصل الثاني من الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل". موضوع هذا الفصل يدور حول القضايا الأساسيّة المتعلّقة برسالة التبشير بالانجيل. فرأينا سابقًا عددًا من التحدّيات التي تواجهها هذه الرسالة. واليوم ننقل تحديات أخرى:

 

تحدّيات انثقاف الايمان (الفقرات 68-70)

 

1. الإيمان هو ثمرة السماع بالانجيل، على ما يقول بولس الرسول: "الإيمان من السماع. وكيف يسمعون إن لم يُبشَّروا" (روم 14:10). فيما الكنيسة تبشِّر بالانجيل من أجل إحياء الإيمان في قلوب السامعين، فإنها في الوقت عينه تُعلن الانجيل للثقافات، من أجل انثقاف الإيمان والقيم الانجيلية فيها.

 

إنّ الاساس المسيحيّ لبعض الشعوب، وبخاصة الغربية منها، هو واقع حيّ. فنجد لدى الأشخاص المحتاجين على الأخص مخزونًا خلقيًا يحافِظ على قيم أنسنة مسيحيّة حقيقيّة. مع ذلك إنّ الروح القدس يعمل في النفوس بحريّة وسخاء، ويثمر فيها قيمًا مسيحيّة أصيلة. هذه نجدها عند عدد كبير من الشعب الذي نال المعمودية، ويُعبِّر عن إيمانه وتضامنه الأخويّ بعدّة أساليب. إنّ "بذار الكلمة"، التي يزرعها الروح، تنبت في الثقافات، فتكون الثقافة المطبوعة ببشارة الإنجيل ثقافةً تحتوي قيم إيمان وتضامن، من شأنها أن تدفع إلى تطوّر جماعة أكثر عدالة وإيمانًا (الفقرة 68).

 

2. تبشير الثقافات بالانجيل من أجل انثقافه فيها هو حاجة ماسّة. في البلدان ذات التقليد الكاثوليكيّ، ينبغي تشجيع وتعزيز وتقوية الغنى الموجود فيها. أمّا في البلدان ذات التقاليد الدينية الأخرى أو في البلدان المتعلمنة بالعمق يقوم العمل على إيجاد مسارات جديدة لتبشير ثقافاتها، ولو تطلّب ذلك تصميمًا طويل الأمد.

 

يجب أن نتذكّر دائمًا أننا مدعوون للنموّ. فكلّ ثقافة وكلّ فريقٍ اجتماعيّ يحتاج إلى تنقية ونموّ. بالنسبة إلى الثقافات الشعبية لدى الشعوب الكاثوليكيّة، يمكننا أن نجد نواقص تحتاج إلى معالجة وشفاء بقوّة الانجيل. نذكر منها: الإدمان على الكحول، العنف المنزلي، قلّة المشاركة في القدّاس، العقائد القَدَريّة أو الخرافيّة التي تقود إلى الشعوذة السحريّة، وسواها. لكننا نجد في التقوى الشعبية نقطة الانطلاق الفضلى لشفائها وتحريرها.

 

3. من السلبيّات التي نجدها في مسار انثقاف الايمان: أشكال تقوية خارجيّة مقتسبة من تقاليد بعض الفئات؛ إيحاءات شخصيّة مشكوك فيها وتعتبر نفسها غير قابلة للجدل؛ شكل من عبادات تقوم تحديدًا على طريقة فرديّة وعاطفيّة لعيش الايمان، لا تتوافق في الواقع مع "تقوى شعبيّة" أصيلة. يشجّع البعض هذه التعابير الايمانيّة، من دون الاهتمام بترقية المؤمنين الاجتماعيّة وتنشئتهم؛ وفي بعض الحالات يقومون بذلك سعيًا وراء منافع اقتصادية أو ممارسة السلطان على الآخرين.

 

ومن السلبيات ايضًا: حصول انقطاع في تناقل الايمان المسيحيّ بين أجيال الشعب الكاثوليكي؛ شعور كثيرين بالخيبة والانقطاع عن التماثل بالتقليد الكاثوليكي؛ والدون لا يعمّدون أولادهم ولا يعلّمونهم الصلاة؛ نزوح نحو جماعات إيمانيّة أخرى.

 

4. من أسباب هذا الانقطاع على أنواعه: انعدام فسحات الحوار في الأسرة؛ تأثير وسائل التواصل الاجتماعيّ؛ روح الاستهلاكيّة الجامح؛ مذهب الذاتيّة النسبيّة؛ نقصان المرافقة الراعويّة للأكثر فقرًا؛ انعدام الاستقبال الفرديّ في مؤسّساتنا؛ الصعوبة في إعادة خلق انتماء إيمانيّ روحانيّ صوفيّ في إطار مشهد دينيّ جامع (الفقرة 70).