موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٠
البطريرك الرّاعي عشية مئوية لبنان الكبير: الآن هو وقت بناء الدولة فقط، لا الدويلات
البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي

البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي

أبونا ووكالات :

 

عشية الاحتفال بمئوية ولادة لبنان الكبير، قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي إنّ "مجاعة 1914 ولّدت لبنان الكبير، والأحداث التي نعيشها اليوم وصلت إلى ذروتها مع انفجار المرفأ، بالتالي فنحن أمام ولادة جديدة علينا جميعًا أن نلتزم بها، وعلينا أن نناضل من أجل الوصول إلى نظام الحياد الناشط".

 

وفي مقابلة مع محطة mtv اللبنانية، أضاف غبطته: "يجب تحرير الدولة من الفساد، وتصويب قيامتها يقتضي عودة بناءها بجمهورية واحدة لا بجمهوريات ودويلات. وأن نقوم بتنفيذ الدستور لأنه الطريق إلى بناء الدولة، الأمر الذي لا يحصل، وكذلك لم يتم الالتزام باتفاق الطائف لا نصًا ولا روحًا". واعتبر أن لا خلاص للدولة إلا بالعودة إلى كينونتها الأساسية، أي الحياد.

 

وأكد البطريرك الراعي أنّ البلد لا يحتمل، ونحن ننتظر أية حكومة ستُشكل، فإن كانت على نهج الحكومات السابقة، أي محاصصة بين الكتل النيابية، فهذا لا يبشّر بالخير. وأمل غبطته من رئيس الحكومة الجديد تشكيل حكومة طوارئ ومصغّرة، وأن تضم شخصيات لا تنتمي إلى أحد، وغير مقدّمة من قبل أحد. وقال: على الحكومة الجديدة أن تعمل بسرعة، وإلا سيكون وضعنا أسوأ ممّا كنّا.


 

أنا مع ثورة الشعب

 

وأضاف البطريرك الماروني في حديثه مع محطة التلفزة: "أنا مع ثورة الشعب، لأنني أرى فيها بارقة أمل، ويجب أن نعمل معها لتكون دومًا ثورة حضارية موجهّة، ونحن نعمل على لقاءات موسعة مع شبابنا وشاباتنا لجمعهم من أجل لبنان الجديد". وتابع: "من تسللوا إلى ثورة الخط الوطني الصريح والواضح هم دخلاء. أما جوهر ثورة تشرين الحضارية فهي لخير كل لبنان. فحين تحرّك الشعب استهابهم الحكّام وخافوا، لكنهم إلى الآن لم يسمعوهم للأسف لكننا نسمعهم ونعمل معهم".

 

وتساءل: "ما هي نسبة عمل المجلس النيابي والحكومة أمام حاجات الشعب ومع هكذا قوانين مهترئة؟ يجب أن نستعجل الإنتخابات المبكرة دون وضع حجة القانون على قياس أحد"، لافتًا إلى أنّ "معظم السياسيين ولاؤهم\ لشخصهم وحزبهم لا لوطنهم، وهذه هي المشكلة!". وأشار إلى أنّه لا "توتر بين بكركي وبعبدا، ولكن عند تواجد نقاط الإستفاهم أتوجه للرئيس مباشرة".


 

حياد لبنان الناشط والفاعل

 

وسأل البطريرك الراعي "ما هو العقد السياسي الجديد؟ إنّ المطلوب هو ميثاق الإستقرار من خلال نظام الحياد الناشط والفاعل، أما إذا كان المقصود المثالثة (+ هو تقسيم عملية صناعة القرار بين السُنة والشيعة والمسيحيين، بدلاً من "المناصفة" الحالية بين المسلمين والمسيحيين، القائمة منذ اتفاق الطائف عام 1989، بعد الحرب الأهلية اللبنانية (1975: 1990) ويُعمل عليها تحت الطاولة، فسنرفضها فوق الطاولة، وسنقوم بحرب معنوية ضده، ففيه موت لبنان وزواله، ولن يكون".

 

وشدد غبطته بأنّ "طرح الحياد لا يعود للبطريرك والبطريركية، إنما لكل لبنان، وهو عقد لبنان الجديد بدولته المدنيّة، وبرفض المحاصصة، فلا دين للدولة، وهذه هي ميزة لبنان، والذي حاولوا تكرارًا تشويه هويته...". وأردف "نحن مع القانون المدني الالزامي، واستكمال روحانية الميثاق الوطني باللامركزية الإدارية وبمجلس الشيوخ الذي هو ضمانة للجميع، وعدم خلق بعبع فهناك دستور".


 

السلاح وحزب الله

 

وحول مشكلة السلاح، أوضح البطريرك الراعي بأنّ "معنى السلاح المتفلّت هو كل سلاح بين يدي الناس يُستعمل بعشوائية قاتلة"، مشيرًا إلى أنّ "قضية سلاح حزب الله سبب خلاف داخلي لا محال، ويجب التمييز بين المقاومة وبين مشكلة السلاح، وعلى الدولة حلّ هذه المشكلة عوض اتهامي بالعمالة". وقال: "اجلسوا على طاولة حوار عوضًا من اللعب تحت الطاولة. ولنخلق النسيج اللبناني، فنحن لدينا طائفة واحدة هي لبنان".

 

وأردف: "حزب الله هو مشروع إيراني، وهذا المعروف عند الجميع. وانتظرت ردة فعل توضيحية بطريقة علمية على كلامي، فأتوني بالتخوين والعمالة". وتساءل: "لماذا يجب استثناءه عن حلّ كل الميليشيات؟ فهل المقاومة هي لطرف أو فئة؟ إنّ الجميع قدّموا شهداء، والآن هو وقت بناء الدولة فقط، لا الدويلات". وشدد على وجوب أن تكون كل الميليشيات بأُمرة الجيش اللبناني، وإعلان الحرب والسلم هو قرار يعود للحكومة فقط.

 

وأوضح البطريرك الراعي "كنتُ أنتظر جوابًا من حزب الله، وتوضيحًا بدلاً من اتهامي بالعمالة، فبالتخوين لا جواب. وكنتُ أتمنى أن يحصل لقاء مع حزب الله للحديث حول مختلف القضايا، وهذا ما بلّغته للسفير الإيراني عندما قام بزيارتي"، كاشفًا أنّ "العلاقة مقطوعة مع حزب الله منذ يوم زيارتي إلى القدس لاستقبال البابا (فرنسيس). ودعوتي لهم بالحوار مازالت قائمة بذهنية أنا وأنت، وليس أنا أو أنت".


 

تحرير كلّ الجمهورية

 

وتوجه البطريرك الراعي في حواره مع قناة mtv إلى رئيس الجمهورية، وقال: "يا فخامة الرئيس، حرّر كل الجمهورية من الجمهوريات كي نستعيد سيادتنا"، مشددًا على أنّ "الحياد هو أول خدمة لرئاسة الجمهورية، وكلّ لبناني يرفضه يكون من الراغبين بالعيش الدائم في دوامة الحرب، وهذا أمر مرفوض!".

 

وشدد على أنّ "لبنان هو حاجة لكل العالم العربي، وهذه حقيقة يُدركها الجميع، ولا يُمكن لأحد تفصيله على قياسه. ومشروعنا لإحياء الحياد اللبناني لا ضوء أخضر عليه لا من الفاتيكان ولا من أي دولة أخرى، إنه كياننا ومشروعنا، وليس مشروع مستورد".

 

وختم البطريرك الراعي مقابلته بالكشف عمّا سيقوله للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائهما، وقال: "سأعبّر له عن شكرنا وتقديرنا للزيارتين الأخيرتين له، وسنتحدّث بالهموم المشتركة، وبأننا لا نستطيع الاستمرار بالوضع كما هو، وسأثير معه موضوع الحياد، وما نسمعه أخيرًا عن المثالثة".