موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٩ فبراير / شباط ٢٠٢٣
البطريرك الراعي يطلق الحملة السنويّة لكاريتاس لبنان: ’مكملين بدعمكن‘

أبونا :

 

تراس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، اليوم الأحد 19 شباط 2023، القداس السنوي لرابطة كاريتاس لبنان على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، "كابيلا القيامة"، عاونه فيه المطارنة: سمير مظلوم، حنا علوان وانطوان ابي نجم، أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، رئيس كاريتاس لبنان الأب ميشال عبود، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور عائلة كاريتاس ومجلس الإدارة وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

 

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: "كان يسوع وأمّه وتلاميذه في العرس" (يو 2: 1-2)، قال فيها: "افتتح يسوع رسالته الخلاصيّة ومعه الكنيسة الناشئة، أي أمّه وتلاميذه، في عرس بشريّ، وكأنّه استباق لعرسه الخلاصي. ففي عرس قانا الجليل حوّل، بتشفّع أمّه مريم، الماء إلى خمرٍ فائق الجودة. وبذلك قدّس الحبّ البشريّ في الزواج. أمّا في عرسه الخلاصيّ، وبحضور رسله الإثني عشر، فحوّل الخمر إلى دمه لفداء خطايا البشر، في عهد حبّ جديد وأبديّ مع البشريّة جمعاء. وبهذا بدأ زمنُ التغيير الجديد في الإنسان والكون".

 

وأشار إلى أنّه في الأحد تبدأ رابطة كاريتاس لبنان حملتها السنويّة، وموضوعها العام ’مكملين بدعمكن‘، لافتًا إلى أن الرابطة هي جهاز الكنيسة الرسميّ المشترك الراعويّ-الإجتماعيّ، على غرار الشمامسة السبعة الذين أنشأهم الرسل لخدمة المحبّة تجاه الفقراء والأرامل، لكي يتفرّغوا هم لخدمة الكلمة وتوزيع نعمة الخلاص. وأوضح بأنّ حملة كاريتاس لبنان السنويّة تقتضي مساهمة الجميع، بحيث يقدّم كلّ واحد وواحدة منّا ما يجود به من قلبه وذات يده، كثيرًا كان أم قليلًا، للمساعدة في خدمة المحبّة، وتعزيز برامج كاريتاس المتنوّعة، والتي عملت جاهدة للإنفتاح على المجتمع الدولي من خلال اجتماعات مكثفة مع عدد كبير من السفراء والمنظمات الدوليّة والجهات المانحة، وستظل دائبة في دعمها للمحتاجين ليس فقط في لبنان، بل وفي البلدان المجاورة إذ وسّعت نطاق عملها لتصل إلى سورية عبر شبيبة كاريتاس بعد الزلزال الذي أصابها.

 

 

عرس قانا الجليل

 

وقال: عرس قانا صورة مصغّرة عن الكنيسة: يسوع رأسها والتلاميذ أركانها، ومريم أمّها، والجماعة الحاضرة نواة شعبها. الماء المحوّل خمرًا استباق للأفخارستيّا ولتحويل الخمر إلى دمه المراق لفداء البشر. العروسان أوّل كنيسة مصغّرة بيتيّة. العرس في قانا هو أوّل زواج كسرّ بعد زواج يوسف ومريم. الخمرة الجيّدة هي رمز محبّة الله ونعمته. مريم أمّ يسوع وأمّ الكنيسة تشفع من أجل أعضاء جسد ابنها، البشر المفتدين بدمه، تلتمس تدخّل ابنها، الوسيط الوحيد بين الله والناس، هي التي جعلت نفسها أمة الربّ، المستعدّة لخدمة عطاءاته المجّانيّة، النابعة من استحقاقات المسيح ابنها. بوساطتها وتشفّعها تدعم اتّحاد المؤمنين المباشر بالمسيح. إنّ وساطتها مرتبطة بأمومتها الحاضرة، بدون إنقطاع في الكنيسة، حضور الوسيط الذي يتشفّع. ولهذا تدعوها الكنيسة: المحامية والمعينة والمغيثة والوسيطة. مريم الحاضرة في الكنيسة هي مثال الإيمان والمحبّة في اتحادها الكامل بإرادة الآب وعمل الفداء الذي يتمّه ابنها، وإلهامات الروح القدس، بل هي التحقيق النموذجيّ لسرّ الكنيسة.

 

أضاف: في عرس قانا تظهر قدسيّة الزواج وكرامته. لقد قدّسه يسوع بحضوره وأصبح "كنيسة بيتيّة مصغّرة". هذه القُدسيّة والكرامة تأتيه من حضور يسوع وأمّه وتلاميذه في العرس فكانوا مع العروسين والمدعوّين الكنيسة الناشئة. "استبقاء الخمرة الجيّدة إلى الأخير"، وهي عطيّة يسوع بتشفّع أمّه، إنّما يرمز إلى خمرة النعمة النعمة والمحبة الإلهيّة التي تقدّس حبّ العروسين، وتعضدهما في مسيرة حياتهما الزوجيّة والعائليّة، وتشكّل ينبوع سعادتهما. هذا هو "المجد الإلهيّ الذي أظهره يسوع، وآمن به تلاميذه" (يو 2: 11). العرس هو فرحة العمر في حياة الإنسان والمجتمع. كم كنّا نودّ مع الشعب اللبنانيّ أن نعيش فرحة عرس العيش معًا في وطنٍ لبنانيّ يؤمّن فيه المسؤولون السياسيّون ولا سيما نوّاب الأمّة طيب الحياة للجميع، بانتخاب رئيس للجمهوريّة، لكي تعود الحياة الدستوريّة المنتظمة بمجلس نوّاب يعود ليكون هيئة تشريعيّة، وبحكومة شرعيّة كاملة الصلاحيّات كسلطة إجرائيّة".

 

وختم البطريرك الراعي: "فيا أيّها المسؤولون السياسيّون والنوّاب والنافذون والمعطّلون بوجه أو بآخر، لقد حوّلتم عرس لبنان وشعبه، وجمال طبيعتِه، وغنى موارده إلى مأتم كبير. ووشحتموه برداء أسود من الفقر والجوع والحرمان والتهجير. تهجّرونه من وطنه، وتفتحون أبوابه لمليونين وثلاث مئة ألف نازح سوريّ، ما بدأ يفوق نصف الشعب اللبنانيّ. ترفضون أيّ نصيحة من الدول الصديقة والحريصة على استقرار لبنان واستعادة قواه، وكلّ دعوة ملحّة لإنتخاب رئيس للجمهوريّة، فتدعون ذلك تدخّلًا ومسًّا بكرامتكم. إنّهم يريدون حمايةَ لبنان منكم، من كلّ عدوّ له يأتيه من الداخل، وانتشال الشعب من براثن أنانيّانكم وكبريائكم ومشاريعكم الهدّامة. فلا لبنان خاصّتكم، بل خاصّة شعبه! ولا الشعب غنيمة بين أيديكم، بل غنى لوطنه لبنان. فارفعوا أيديكم عن لبنان وشعبه. هذه الصرخة نستودعها رحمة الله وأبوّته للجميع، الإله العادل ماقت الشرّ والظلم. له المجد والتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين".