موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٥ مايو / أيار ٢٠٢٠
البطريرك الراعي يشدد على ضرورة الأمانة والالتزام بالمحافظة على هوية لبنان ورسالته

أبونا :

 

قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي: "إنَّ حضارة المحبَّة كانت في أساس الكيان اللُّبنانيّ الذي أرساه المؤسِّسون على ميثاق العيش معًا بالتَّنوُّع الدِّينيّ والثَّقافيّ، ضمن وحدة وطنيَّة يشارك في بنائها كلُّ مكوّنات مجتمعنا. فكان نظامنا السِّياسيّ ديموقراطيًّا منفتحًا على جميع الحرِّيَّات العامَّة، ملتزمًا قضايا العدالة والسَّلام وحقوق الشُّعوب، كما فعل على الاخصّ، ولا يزال، لصالح القضيَّة الفلسطينيَّة ومدينة القدس والأماكن المقدَّسة. فكانت من ركائزه الأساسيَّة صداقات مع الشَّرق والغرب، من دون أن يسمح لا للشَّرق ولا للغرب بالهيمنة والسَّيطرة عليه، وتغيير وجهه وجوهره وخصوصيَّته التَّعدُّديَّة، الحضاريَّة والثَّقافية والانسانيَّة. هذا ما يجب أن نتمسّك به حفاظًا على هويّتنا، وطيب علاقاتنا مع الدول".

 

وأضاف في عظة قداس الأحد في كنيسة الصرح البطريركية الماروني: "لقد اعتُدِي على لبنان، وعلى شعبه وسلامة أراضيه أكثر من مرَّة. فكان تحريره من الاحتلال والاعتداءات، بتضامن وقوَّة أبنائه. فبات علينا واجب الالتزام بتحصين وحدتنا الدَّاخليَّة، وتحرير لبنان من أزماته السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والماليَّة والمعيشيَّة، وبتحرير شعبنا من حالة الفقر والعوز والحرمان، وتحرير صيغة وطننا وميثاقه من الولاءات الخارجيَّة، والالتزام بالعودة إلى كنف الشَّرعيَّة وسلطة الدَّولة، وتحرير تعدُّديَّته من الولاء للطَّائفة أو المذهب أو الحزب، على حساب الولاء له وحده".

 

وتابع البطريرك الراعي: "إنَّ الأوضاع الدَّقيقة في بيئتنا المشرقيَّة لا تسمح لأحد أن يورّط لبنان في صراعات خارجيَّة تقضي على سيادته واستقلاله، أو أن يحوِّله إلى ساحة حرب. وإلاَّ كيف نطرق أبواب العالم، دولاً ومؤسَّسات، طالبين إنقاذ لبنان إقتصاديًّا وماليًّا، فيما هو عديم الاستقرار أمنيًّا وسياسيًّا وحوكمةً وعدالةً حرَّة من أيّ تدخّل سياسي أو لون، ونزيهة، تقضي على الفساد، وتشكِّل الأساس للحكم بعدل؟".

 

وأضاف: "لا يمكن أن نغفل عمَّا يُحاك لدول الشَّرق الوسط، ومنها لبنان، بالدبلوماسيَّة السِّريَّة بين الدُّوَل الكبرى، بعد الحروب التي أنهكت دول هذا الشَّرق فلا يستطيع السِّياسيّون اللُّبنانيّون البقاء أسرى مصالحهم الخاصَّة ورؤيتهم العتيقة وعداواتهم القديمة والمتجدِّدة. فليدركوا أنَّ الدَّولة هي وحدها المرتجى، لكونها كيانًا تأسيسيًّا وجامعًا. فخارجًا عنها ضياعٌ وانهيار. إنَّ ذكرى المئويَّة الأولى لقيام دولة لبنان تقتضي من الجميع الأمانة لها والالتزام بالمحافظة على هويَّتها الحضاريَّة ورسالتها النَّبيلة".

 

وختم البطريرك الراعي في عظته إلى القول: "إنَّ حقيقة لبنان بأنَّه أكثر من بلد، بل رسالة حريَّة، ونموذج تعدديَّة للشَّرق كما للغرب، كما قال عنه القدِّيس البابا يوحنَّا بولس الثَّاني، تكوّن مجده الذي أنشده أشعيا عند انتصار أورشليم، إذ قال: "مجد لبنان أعطي لكِ" (أش 2:35). وعند استعادة بهائها وإعادة بناء هيكلها بخشب أرز لبنان، أنشدَ: "مجد لبنان يأتي إليكِ" (أش 13:60). نحن نرث هذا المجد، علينا أن نحافظ عليه، فلتكن سيرتنا وأعمالنا الشَّخصيَّة والجماعيَّة، والتزامنا وصيَّة المحبَّة الجديدة، أعمال تمجيدٍ للثَّالوث القدُّوس، الآب والابن والرُّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".