موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٨ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
البابا فرنسيس لصحيفة إيطاليّة: الوباء يغيّر العالم وقد وضعنا في أزمة

وكالة آكي الإيطالية :

 

قال البابا فرنسيس "إن الوباء يغير العالم وقد وضعنا في أزمة". وفي مقابلة مع صحيفة (Il mio Papa)، أكّد الحبر الأعظم "أننا لا نخرج من الأزمة كما كنّا؛ إما أن نخرج أفضل أو نخرج أسوأ. والطريقة التي نخرج بها تعتمد على القرارات التي نتخذها خلال الأزمة".

 

ووفقًا لما نقله فاتيكان نيوز من المقابلة، فقد كرّر البابا السؤال للبشرية: "ما هو أسلوب الحياة الذي سنتركه لجيل المستقبل؟"، حيث رأى أن "الأمر يتعلق بالتوقف عن التفكير بأنفسنا أو حاضرنا فقط والتطلع إلى المستقبل من منظور الإنسانية التي تريد البقاء في الزمن كجزء من الخليقة".

 

وقال الحبر الأعظم، إنه "في هذا السياق علينا أن نتحمل مسؤولية المستقبل، ونُعدَّ الأرض للآخرين لكي يعملوها. وهذه هي الثقافة التي يجب أن نطورها خلال الوباء، وفقًا لهذا المبدأ العظيم القائل بأننا لا نخرج من الأزمة كما كنّا؛ إما أن نخرج أفضل أو نخرج أسوأ. ولكننا لن نخرج أبدًا كما كنا".

 

وإذ سُئل حول كيفية التعامل مع الحداد على ضحايا الوباء، فقد أبدى البابا "التقدير لجميع التصرفات الصغيرة والكبيرة التي قام بها كثير من البشر في العالم تجاه إخوتهم البشر"، وأكّد: "كيف تتم مواجهة هذا الحزن؟ من خلال محاولة الاقتراب من الآخرين، إنها لحظة الصمت والقرب والقيام بكل ما هو ممكن لكي نكون معًا".

 

وأشار بيرغوليو في هذا السياق إلى "القديسين الذين يعيشون بقربنا، أي جميع الأشخاص الذين ضحوا بحياتهم في خدمة المعوزين". وقال إن "هؤلاء الأشخاص لم يهربوا بل واجهوا المشاكل وبحثوا عن حلول عملية لها والله يفهم هذه اللغة، وهو يتبنّاها".

 

وهناك حقيقة أساسية بالنسبة للبابا فرنسيس وهي أن "التزامنا بالحياة لا يقتصر على الصحة، بل يستمر في الاهتمام بالمهمّشين والمقصيين، والذين يطردهم النظام، والذين ليس لديهم عمل". لهذا تحدث عن "حقيقة أننا نواجه التحدي الاجتماعي الكبير الذي يضع أمام أعيننا كيف أنَّ ثقافة الإقصاء قد طبعت أسلوبنا في التواصل مع الآخرين".

 

وأشار البابا إلى أنه "لهذا السبب، لا يمكننا الاستمرار في النظام الاقتصادي عينه الذي يعاني من الظلم في أساساته"، فقد "جعلنا الوباء نرى كيف اعتدنا على جوِّ التهميش هذا: تهميش المسنين، الفقراء، الأطفال والأطفال الذين لم يولدوا بعد"، لكنَّ الوباء يدعونا بشكل خاص لكي نتذكر أن "كل حياة هي ثمينة وتستحق أن ندافع عنها ونحترمها".


 

إن أردنا التأمل بالهجرة فيكفي التفكير بسورية

 

وجوابًا على سؤال حول موضوع الهجرة، قال البابا فرنسيس إنه "فيما يتعلق بالمهاجرين، علينا أن نتحمل المسؤولية. حيث يترك المهاجر وطنه بحثًا عن آفاق جديدة، لأنه يهرب بسبب الجوع أو الحرب. يكفي أن نفكّر في سورية". وأضاف أنه "إذا لم نعتنِ بالمهاجرين، فإننا نفقد جزءًا كبيرًا من البشريّة، ومن الثقافة التي يمثلونها".

 

وفي حديثه عن الموضوع عينه، دعا إلى "الصدق والإعتراف بالمساهمة التي قدمها أشخاص من دول أخرى خلال فترة الحجر الصحي والإغلاق هذه"، وقال: "خلال فترة الإغلاق، كشف العديد من المهاجرين عن أنفسهم من خلال العمل في الأرض والحفاظ على نظافة المدينة، وعملوا على استمرار خدمات متعددة".

 

وتابع "إنه لأمر مؤلم أن نرى كيف لا يتم الاعتراف بهم أو تقديرهم ويتم استغلال حدث بعيد أو ضائع لتشويه سمعة العديد من الأشخاص الذين دعموا شعبنا بعملهم". لا بل ذهب فرنسيس أبعد من ذلك في حديثه، ودعا إلى "الخوض في أسباب الهجرة، في حالة لبنان أو سورية".

 

وذكر البابا "إنها عائلات بأكملها تهرب من حرب غير مفهومة. فهل يمكن لبلادنا أن تبقى على الحياد إزاء هذا الوضع المؤلم؟" وفي هذا السياق سلط الضوء على "حقيقة أن هناك كهنة، مكرسين، مكرسات، علمانيون وأساقفة يضحّون بأرواحهم لتحقيق ذلك"، مبينًا أن "هناك أمثلة جميلة جدًا تفتح لنا المسيرة".

 

هذا وعبّر بيرغوليو عن رجائه بالبشريّة بأسرها وقال، إن "البشريّة قادرة على الرد، ولاسيما الضواحي، إذا نظّمت أمورها، وثقافة الشعوب. يطيب لي أن أفكر بروح الشعوب، في هذه المحميّة الروحيّة التي تسمح لهم بالمضي قدمًا على الدوام".

 

وذكّر البابا بـ"الشعوب المضطهدة مثل اليزيديين والروهينغا الذين أكد أنهم يعانون ويتألّمون"، وبالتالي "فعلينا أن نذهب إلى تلك الشعوب التي تتألّم، لأنّه إن لم تتحمّل البشرية كلها هذه المسؤولية، فلا أمل". ورأى أنه "لا يوجد فصل بين ما يحدث للبشر وما يحدث على الكوكب الذي نعيش فيه. نحن وحدة واحدة. إنَّ المناخ يتغير، ونحن نفقد الفرص". واختتم بالقول "لا يمكننا العبث بالبحر، والكون وإنما علينا أن نعتني بهما".