موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٦ يوليو / تموز ٢٠٢٠
البابا فرنسيس: أيها الشباب لا تتركوا أجدادكم.. عانقوهم لأنهم جذوركم!
"إبداع البحث" عن الملكوت، و"إبداع المحبة" مع المسنين

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس. وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها: يقدّم لنا إنجيل هذا الأحد الآيات الأخيرة من الفصل الذي يكرّسه الإنجيلي متى لأمثال ملكوت السماوات. يتضمّن النص ثلاثة أمثال مقتضبة: مثل الكنز الخفي، ومثل اللؤلؤة الثمينة ومثل الشبكة التي أُلقيت في البحر.

 

وأضاف البابا: ستوقّف عند المثلين الأوّلين اللذين يُشبّه فيهما ملكوت السماوات بواقعين ثمينين مختلفَين، الكنز المدفون في الحقل، واللؤلؤة الثمينة. إن ردّة فعل الذي وجد اللؤلؤة أو الكنز هي عينها: لقد باع الرجل والتاجر كلَّ شيء لكي يشتريا أكثر ما يهمّهما. بهذين التشبيهين يريد يسوع أن يشركنا في بناء ملكوت السماء مقدمًا لنا ميزة أساسيّة للحياة المسيحية وحياة ملكوت السماوات: ينتمي إلى ملكوت السماوات فقط جميع الذين يُظهرون استعدادهم للمخاطرة بكلِّ شيء. في الواقع باع كل من الرجل والتاجر، في المثلين، كل ما لديهما، وبالتالي تخلّيا عن ضماناتهما الماديّة. من هذا الأمر نفهم أن بناء ملكوت السماوات لا يتطلب نعمة الله فحسب، وإنما يتطلب أيضًا جهوزيّة الانسان الفاعلة.

 

تابع: إنّ تصرفات ذلك الرجل وذلك التاجر اللذان سعيا، إذ حرما نفسيهما من خيورهما، لكي يشتريا واقعًا أثمن، هي تصرفات حازمة وجذريّة، لا بل قاما بها بفرح لأنّ كليهما قد وجدا الكنز. نحن مدعوون لكي نتحلّى بموقف هاتين الشخصيّتين في الإنجيل وأن نصبح بدورنا نحن أيضًا باحثين قلقين عن ملكوت السماوات. فنترك الحمل الثقيل لضماناتنا الدنيوية التي تمنعنا من أن نبحث ونبني ملكوت السماوات: الشوق للامتلاك، والعطش للمكاسب والسلطة، والتفكير في أنفسنا فقط.

 

وقال: يمكن لحياة البعض، في أيامنا هذه، أن تبدو دون المستوى وباهتة لأنهم ربما لم يبحثوا عن الكنز الحقيقي: بل اكتفوا بأشياء جذابة ولكنها سريعة الزوال، وبتوهجات برّاقة ولكنها وهميّة لأنها تتركهم بعدها في الظلام. أما ملكوت السماوات فهو عكس الأمور الزائدة التي يقدمها العالم، إنه عكس الحياة السخيفة: إنه كنز يجدد الحياة يوميًّا ويفتحها على آفاق أوسع. في الواقع، إنَّ الذين قد وجدوا هذا الكنز يملكون قلوبًا مبدعة وباحثة، قلوب لا تكرر بل تخترع وترسم وتسير على مسارات جديدة تقودنا إلى محبة الله، ومحبة الآخرين، وإلى حب حقيقيٍّ لأنفسنا. إن علامة الذين يسيرون على درب الملكوت هي الإبداع. والإبداع يبحث على الدوام عن أساليب لبذل الحياة.

 

وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول: يسوع هو الكنز الخفي واللؤلؤة الثمينة الذي لا يمكنه إلا أن يولّد الفرح، فرح العالم كلّه: فرح اكتشاف معنى حياتنا وفرح أن نشعر بأنّها تلتزم في مغامرة القداسة. لتساعدنا العذراء مريم القديسة لكي نبحث مجدّدًا ويوميًّا عن كنز ملكوت السماوات ولكي تظهر من خلال كلماتنا وتصرّفاتنا المحبة التي وهبنا الله إياها بواسطة يسوع.


 

إبداع المحبة مع المسنين

 

بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس، وقال: في ذكرى القديسين يواكيم وحنّة، جدّي يسوع، أرغب في دعوة الشباب لكي يقوموا بتصرف حنان تجاه المسنين، ولاسيما الوحيدين في بيوت الراحة وأولئك الذين لا يرون أحباءهم منذ أشهر.

 

وقال: "أيها الشباب إن كل فرد من هؤلاء المسنّين هو جدّكم! لا تتركوهم وحدهم! استعملوا إبداع المحبة لكي تجروا مكالمة هاتفية أو عبر الفيديو، أرسلوا لهم رسائلاً واصغوا إليهم، وحيث هذا الأمر الممكن اذهبوا أيضًا لزيارتهم في الاحترام التام للقواعد الصحيّة. عانقوهم لأنهم جذوركم. والشجرة التي تُقلع من جذورها لا تنمو ولا تزهر ولا تثمر. لذلك من المهمّ أن تحافظوا على الوحدة والرابط مع جذوركم، لأن الأزهار التي نراها على الشجرة تأتي من الجذور المدفونة في الأرض كما يقول أحد الشعراء في بلادي".