موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأحد، ٨ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠
الاتحاد الأوروبي مضطر للعيش بلا قيادة أميركية رغم انتخاب بايدن
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال القمة الأوروبية في بروكسل، 18 تموز 2020

المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال القمة الأوروبية في بروكسل، 18 تموز 2020

أ ف ب :

 

يسترجع الاتحاد الاوروبي حليفا وشريكا مع انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، ولكن يفترض ألا تخالج الأوروبيين أوهام إذ إنّ واشنطن لن تعود شرطي العالم ولا الحامية الكبرى ضمن حلف شمال الأطلسي، وفق ما يرى مسؤولون ومحللون.

 

وأعلن وزير الخارجية الأوروبي جوزيف بوريل في رسالة تهنئة السبت، أنّه ينبغي "إعادة بناء شراكتنا".

 

في الواقع، بدأ الانسحاب السياسي والعسكري الأميركيين في أرجاء العالم في عهد الثنائي باراك اوباما-جو بايدن. وتابع دونالد ترامب المسار، ولو بأسلوب أكثر فظاظة، مثيراً توترات شديدة مع الاتحاد الأوروبي الذي نظر الرئيس الجمهوري إليه بعدائية.

 

هل سيكون بمقدور بايدن التراجع؟ يشكك رئيس المفوضية الأوروبية السابق جان كلود يونكر بذلك، إذ برأيه، الرئيس المقبل "لن يستطيع تغيير مقاربة واشنطن للمسائل الدولية".

 

علاوة على ذلك، في حال حافظ الجمهوريون على غالبية في مجلس الشيوخ، فإنّ إدارة جو بايدن ستكون "بطة عرجاء" وفق ناتالي توكي، مديرة معهد "آفاري انترناسيونالي" الإيطالي.

 

ويرى الباحث في العلوم السياسة الألماني ماركوس كاييم أنّ "الولايات المتحدة ستبقى متقوقعة على نفسها"، وكنتيجة لذلك "سيتحتم على الأوروبيين تعلّم العيش من دون قيادة اميركية"، وفق سيباستيان مايار، مدير معهد جاك ديلور.

 

"استفاقة عسيرة"

 

قد تكون الأمور أسهل من ذلك، وإنّما "لا ينبغي ترقب تغيير جذري"، كما يسري في أروقة رؤساء المؤسسات الأوروبية.

 

ويرى النائب الأوروبي المتخصص في الشؤون الدفاعية ارنو دونجون أنّ "الاعتقاد بعودةٍ إلى الزمن الذهبي المتخيل عن الروابط بين ضفتي الأطلسي، يعني تجاهل تغيّر الولايات المتحدة والبيئة الدولية". وهو يتوقع "استفاقة عسيرة" بعد نشوة قصيرة.

 

ويشدد جمعٌ من الدبلوماسيين والباحثين في العلوم السياسية على أنّه يتعين على الاتحاد الأوروبي استكمال "استقلاليته الاستراتيجية" وتعزيزها اقتصادياً وامنياً بهدف الدفاع عن مصالحه.

 

بيد أنّ الصورة ليست قاتمة في العموم. فالعلاقة "ستصير أكثر ثباتاً وإيجابية حول مسائل التجارة، حلف شمال الأطلسي، الشرق الأوسط ومكافحة التغيّر المناخي في حال عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس"، وفق مجتبى رحمن مدير "اوراسيا غروب يوروب".

 

وسبق للرئيس المقبل أن أكد رغبته في العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ، منظمة الصحة العالمية والاتفاق النووي مع إيران.

 

كما أنّ ثمة انفراجاً مرتقب على صعيد العلاقات التجارية حيث كانت واشنطن قد شرعت في اتخاذ قرارات عدائية.

 

نحو "الاستقلالية الاستراتيجية"؟

 

غير أنّ جو بايدن لن ينقلب على التحوّل الاستراتيجي لواشنطن وتركيزها على المحيط الهادئ والصين، ولا على رغبة وضع حد للحروب "التي لا تنتهي" وإعادة القوات الأميركية إلى البلاد، فذلك يحظى بشعبية لدى الرأي العام الأميركي، وفق نيكول كونيغ المتخصصة في مسائل الدفاع بمعهد ديلور الذي يتخذ من برلين مقراً.

 

وكانت القرارات الأحادية لدونالد ترامب وبغضه لبعض قادة حلف شمال الأطلسي، قد أثارت توترات وصدوعاً داخل هذه المنظمة. ويشير دبلوماسي إلى انّ الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بذل جهوداً كبيرة "للتهدئة".

 

وسارع ستولتنبرغ السبت إلى تهنئة جو بايدن "المؤيد القوي للحلف".

 

رغم ذلك، إذا كان الحلف الأطلسي يدعو إلى إعادة المياه لمجاريها، فمن المتوقع أن تعيد واشنطن التركيز على مصالحها، وفق ماركوس كاييم. ويقول "سيكون ذلك غير مريح للأوروبيين" إذ إنّ أعضاء هذا الحلف منقسمون بين مناصرين للاتجاه الأوروبي وآخرين مناصرين للبعد العابر للاطلسي.

 

وبالفعل، نشرت وزيرة الدفاع الألمانية آنيغريت كرامب-كارنباور ذات الميول الأطلسية، وهي عضو في حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل، مقالة في "بوليتيكو-أوروبا"، تقول فيها "إنّ أوهام الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي يجب أن تنتهي: لن يكون بمقدور الأوروبيين لعب الدور المحوري لأميركا بصفتها متعهدة الأمن".

 

وقد ردّ على ذلك وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، وهو مستشار قريب للرئيس إيمانويل ماكرون، بالقول "لن نعيش أبداً بعد اليوم في العالم الذي كان قائماً (والذي تميز ب) حماية ورعاية منهجيتين من قبل الولايات المتحدة".

 

في الأثناء، ثمة سيناريو وسطي قد يبرز: "سيقترح جو بايدن نوعاً من التقاسم الجغرافي للعمل، وسط تحميل الأوروبيين المزيد من المسؤوليات لضمان أمن واستقرار الجوار الأوروبي بهدف اتاحة المجال أمام انخراط أميركي أوسع في آسيا"، حسب ماركوس كايم.