موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٥ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
إلى بيت الرب ننطلق!

رافي سايغ - القامشلي :

<p dir="RTL">بفرح ورجاء نستقبل من كل عام في هذه الأيام ذكرى ميلاد فادينا، إن إحياء هذه الذكرى المباركة يحتم علينا أن نتعمق أكثر في معنى الميلاد، ونبتعد أيضًا عن كل ما يبعدنا عن عيش رسالة الميلاد.</p><p dir="RTL"><strong>مريم والدة الإله</strong></p><p dir="RTL">ملك الملوك وابن الله يولد من فتاة متواضعة، وأين؟ في مغارة ومذود بسيط!</p><p dir="RTL">كم يحب الله أن يصدمنا في حياتنا: لقد كانت بداية الفداء من عند مريم العذراء وعندما حياها الملاك قائلاً<strong>:&nbsp;</strong><strong>&laquo;السلام عَلَيْكِ، يَا مَمْلُوءَةً نِعْمَة، الرَبُّ مَعَكِ!&raquo;</strong></p><p dir="RTL">لا يمكننا أن نتصور كيف كانت مشاعر مريم حينها بعد هذه الكلمات الغريبة!</p><p dir="RTL">ولكن الإنجيل يعطينا الجواب: <strong>&laquo;</strong>فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ<strong>&raquo;.</strong> اضطربت مريم الفتاة التي كانت تعيش حياتها بشكل طبيعي، وفكرت في هذه الكلمات والملاك أيضًا قال لها: <strong>&laquo;</strong>لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ<strong>&raquo;.</strong></p><p dir="RTL"><strong>لا تخافي يا مريم! </strong>دعوة تتكرر لنا ولمراتٍ كثيرة وحتى في أيامنا العادية &quot;لا تخافوا أنا معكم طول الأيام&quot;.</p><p dir="RTL">من بشارة العذراء نتعلم الثقة في مواعيد الله لنا, ونردد مع مريم <strong>&laquo;</strong>هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ<strong>&raquo;.</strong></p><p dir="RTL">تدخل الله في حياة مريم وقلبها كلها لتحصل المعجزة التي لم تكن تتوقعها مريم وتصبح أم الإله <strong>&laquo;</strong>هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ<strong>&raquo;.</strong></p><p dir="RTL">يا لها من صدمة تستحق أن نقف عندها نحن الذين نتذمر من كل أوقاتنا ونضطرب وندع الخوف يملك قلوبنا وننسى أن نسمع كلمة الله في أيامنا.</p><p dir="RTL"><strong>أين هو الملك؟</strong></p><p dir="RTL"><strong>&laquo;</strong>وبَينَما هُما في بَيتَ لَحمَ، جاءَ وَقتُها لِتَلِدَ، فولَدَتِ اَبنَها البِكرَ وقَمَّطَتْهُ وأضجَعَتهُ في مِذْودٍ، لأنَّهُ كانَ لا مَحَلَّ لهُما في الفُندُقِ<strong>&raquo;</strong></p><p dir="RTL">يولد الملك في مغارة وهو سيد العالم؟ كيف يحصل هذا ابن الله يولد في برد! يولد في مذود! في مكان بسيط.</p><p dir="RTL">يا لها من صدمة جديدة، كيف ولد المسيح وكيف نجعله نحن اليوم يولد؟</p><p dir="RTL">المسيح يقول لنا انه ملك المحبة والتواضع فهل نتعلم نحن بدورنا التواضع؟</p><p dir="RTL">هل نعيش هذا التواضع في أيام الميلاد؟</p><p dir="RTL"><strong>من يقلق الرعاة؟</strong></p><p dir="RTL">حتى <em>هؤلاء</em>&nbsp;الرعاة البسطاء الذين يسهرون في البرية، ويتابعون حياتهم بشكل عادي كل يوم، قلب الله حياتهم وكانوا علامة نتذكرها في الميلاد ففجأة يظهر لهم الملاك ومجد الرب يضيء حولهم ويخافون من كل هذا الذي يحدث بدون إذن ويسرع الملاك ليطمئنهم ويقول لهم: <strong>&laquo;</strong>لا تَخافوا! ها أنا أُبَشِّرُكُم بِخَبرٍ عظيمٍ يَفرَحُ لَه جميعُ الشَّعبِ: وُلِدَ لكُمُ اليومَ في مدينةِ داودَ مُخلِّصٌ هوَ المَسيحُ الرَّبّ<strong>&raquo;.</strong></p><p dir="RTL">ولبى الرعاة النداء وذهبوا مسرعين إلى بيت لحم ليروا طفل المغارة وراؤه وعندما رجعوا مجدوا الله والفرح يلمس قلوبهم.</p><p dir="RTL">كم من النداءات التي نتلقها من الله في حياتنا ولكن نحن غالبًا ما لا ننتبه لهذه العلامات، نفكر كم كان الرعاة سعداء بعدما أن سمعوا نداء الملاك رغم بساطتهم اختارهم الله وخصهم بهذه البشرى، إنها صدمة جديدة.</p><p dir="RTL"><strong>نَجْمَهُ في المَشْرِقِ</strong><strong>!</strong></p><p dir="RTL"><strong>&laquo;</strong>أينَ هوَ المَولودُ، مَلِكُ اليَهودِ؟ رَأَيْنا نَجْمَهُ في المَشْرِقِ، فَجِئْنا لِنَسْجُدَ لَه<strong>&raquo;.</strong></p><p dir="RTL">حتى المجوس الذين قدموا من المشرق كان هنالك من في السماء يدلهم على حدث عظيم ودفعهم هذا لاقتفاء اثر هذا الدليل وكانت المفاجأة! إنه الملك الذي ولد جديدًا.</p><p dir="RTL">فرَكَعوا وسَجَدوا لَه، وقدموا له الهدايا عربون محبة للملك.</p><p dir="RTL">والله أيضًا يتدخل وينذر المجوس من العودة لهيرودس ويظهر لهم في حلم قبل عودتهم ويغيروا طريقهم ولا يلتقوه.</p><p dir="RTL">صدمات كثيرة، وهذه هي حياتنا مثل رسالة المسيح، ثورات تتجدد ولا استقرار، ولكن إيمان كبير بمواعيد الله رغم كل الظروف من مريم البسيطة والرعاة والمجوس، كل هؤلاك لقوا سلامهم الداخلي في الله فهل نتعلم.</p><p dir="RTL">هذا هو إذًا ميلادنا، سلامُ ورجاء والأهم من كل هذا هو التواضع!</p><p dir="RTL">فأين نحن اليوم من كل هذا؟ ربما أضعنا البوصلة والنجمة التي تدلنا، وجعلنا الميلاد يوم للبذخ والترف والله قدم إلينا وولد في مذود.</p><p dir="RTL">وابتعدنا عن كل معاني العيد من بلسمة جراح المتألمين وعزاء الحزانى ومحبة أخينا الإنسان.</p><p dir="RTL">مع كل هذا، اليوم يمكننا أن نحدث الصدمة ونصنع فرح الميلاد الحقيقي الذي هو فرح نتشاركه مع الآخرين، ففرحنا يبقى ناقصًا إن لم نشارك البقية في كل شيء نمتلكه.</p><p dir="RTL">لقد غرقنا في المظاهر الخارجية البالية وهممنا باقتناء افخر الملبوسات وعشنا منفردين، ونحن يلزمنا أن نلبس التواضع مثل مريم ونلتقي القريب بالرغم من كل الفوقية التي لا نتعب من لبسها، مريم أم الله، أم ملك الملوك، تذهب وتزور نسيبتها اليصابات وتفرح بهذه الزيارة &quot;فَمِنْ أَيْنَ&nbsp;<em><strong>لِي</strong></em>&nbsp;هذَا&nbsp;<em><strong>أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي</strong></em>&nbsp;إِلَيَّ؟<span dir="LTR"> &quot;</span>أما نحن فنرفض لقاء الاخر ولا نمل من التصرف بكبرياء.</p><p dir="RTL">إن الميلاد يعني أن نصنع الفرح من خلال تنظيف قلوبنا من الداخل، أن نتهيأ لاستقبال يسوع ونحن نعيش رسالتنا وننشر المحبة ونزيل الأحقاد ونقوم بالخدمة والعطاء.</p><p dir="RTL">مع كل الآلام في بلداننا والحروب التي نعاني منها حزنًا وألمًا، من الجميل والمعزي أن نتذكر كيف أن يسوع كان هو أيضًا لاجئ وهرب من شر هيرودس تاركًا مدينته!</p><p dir="RTL">طفل المغارة يعلمنا أن نجد السلام فيه ومن خلاله فهو يولد فقيرًا، وهاربًا وهو سيد الزمان، هو من يعطينا كل هذه الإشارات في حياتنا لنصل إليه بطرق مختلفة ونجد سلامنا.</p><p dir="RTL"><strong>&quot;لأنَّ ابنَ الإنسانِ أيضًا لَمْ يأتِ ليُخدَمَ بل ليَخدِمَ وليَبذِلَ نَفسَهُ فِديَةً عن كثيرينَ&quot;</strong></p><p dir="RTL">الكنيسة هي بدورها مدعوة لتكون كنيسة حية وتشهد على ميلاد المسيح بالالتصاق بالمؤمنين خاصةً هؤلاء البعيدون الذين يشعرون بالوحدة والتعب من هموم الحياة.</p><p dir="RTL">على بضع الكنائس أن تشرع الأبواب وتجعل الكنيسة بيت دافئ خاصة للفقراء الذين لا يملكون شيء سوى قلوبهم النقية.</p><p dir="RTL">الكنيسة هي عروس المسيح وهي وارثة التعاليم المقدسة وأيضًا عليها أن تتسم في هذه الأيام بالتواضع وتبتعد عن الإسراف، وتسخر كل الامكانيات لإيصال الفرح للفقراء الذي يتجلى لهم ربما في مساعدة لتدبير أمورهم في الاعياد فماذا ينفع ان تتزين كنائسنا وهي فارغة من الناس؟</p><p dir="RTL">الميلاد مناسبة لننطلق من خلالها برجاء في حياتنا بالسهر والصلاة أيضًا، وتذكر محبة الله لنا لأنه تواضع وأرسل لنا ابنه الوحيد ليولد بيننا نحن الخطأة، ويكون فرحنا الحقيقي الذي به ننتصر على كل الصعوبات.</p><p dir="RTL"><strong>إلى بيت الرب ننطلق!</strong></p><p dir="RTL">ننطلق اليوم ونقول يا طفل المغارة نحن ننتظرك وبمثل ثقة مريم بمشروع الله نثق بمشروعك لكل واحد منا، رغم مخاوفنا، فسيكون فرحنا كبيرًا وعظيمًا.</p><p dir="RTL">فساعدنا لنكون رسل سلامك في بلادنا ومجتمعاتنا ونكون الفرح لأخوتنا ونكون النجمة التي تدل عليك. يا طفل المغارة هلم وتعال وجدد حياتنا... فنحن ساهرون ومصابيحنا مشتعلة.</p><p dir="RTL">تعال وبارك عائلاتنا.. ولتكن عائلتك مثال لنا.</p><p dir="RTL">تعال وعلمنا.. كيف نكتشف فرح الميلاد في مساعدة أخينا الإنسان.</p><p dir="RTL">تعال وأحفظ.. أطفال بلادنا المتألمون من الحروب.</p><p dir="RTL">تعال واغسل.. قلوبنا ونقيها من الأحقاد والشر.</p><p dir="RTL">تعال وجدد.. فينا المحبة.</p><p dir="RTL">تعال وانشر.. فينا السلام.</p><p dir="RTL"><strong>ولد المسيح.. وسيولد سلامًا في بلادنا.. هللويا</strong></p>