موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
4 كانون الأول: القديس يوحنا الدمشقي، الكاهن ومعلم الكنيسة

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد باسم يوحنا منصور بن سرجون عام 676 في دمشق خلال حكم الدولة الأموية، من عائلة مسيحية نافذة إذ كان والده يعمل وزيرًا فى بلاط الخلافة الأموية، وكذلك كان يعمل جده رئيسًا لديوان الجباية المالية فيها. وقد شغل يوحنا الدمشقي نفسه هذه الوظيفة فترة من الزمن، ومن ثم دخل إلى دير القديس سابا، قرب القدس، في فلسطين، بعد بداية خلافة هشام بن عبد الملك، وقد جمعته صداقة معه ومع عدد من الخلفاء قبله.

 

تميّز القديس يوحنا الدمشقي بمؤلفاته اللاهوتية الفلسفية العديدة، ودفاعه الشديد عن العقائد المسيحية، وردّه على الهرطقات المختلفة خصوصًا فيما يتعلق بتكريم الأيقونات. وكان يؤلف باليونانية مع استخدامه السريانية في حياته اليومية وإتقانه اللغة العربية. وقد شكلت مؤلفاته مرجعًا مهمًا لجميع لاهوتي القرون الوسطى حتى أن القديس توما الأكويني يستشهد به في مؤلفاته، كما ألّف عددًا من الترانيم الكنسية التي لا تزال مستعملة في طقوس الكنيسة البيزنطية حتى اليوم. يوصف بالعالم اللاهوتي، والخطيب الديني، والمدافع الكنسي، والمجادل العقائدي، ومنظم الفن البيزنطي، والموسيقى البيزنطية.

 

 

الدفاع اللاهوتي عن الأيقونات

 

وضع القديس يوحنا الدمشقي الأسس اللاهوتية للدفاع عن إكرام الأيقونات، وهو ما تبنّته الكنيسة وبنت عليه عبر العصور. يستند لاهوت الأيقونة عنده إلى ثلاث قواعد أساسية:

 

‏1- لا نقدر أن نمثّل الله حسيًا لأنه روح محض لكننا نقدر أن نمثّل الرب يسوع المسيح ووالدة الإله والقدّيسين وحتى الملائكة الذين ظهروا على الأرض بأجساد. فالكتاب المقدس لا يمنع تكريم الصور بل عبادة الأوثان.

 

‏2- إن الإكرام الذي نقدمه للأيقونات إنما نقدمه لأصحابها المرسومين عليها، لا إلى الخشب والألوان، وهو يرجع في كل حال إلى الله الذي هو مصدر كل خير في القدّيسين. ونؤكد كلمة "إكرام" لأننا نميّز بين الإكرام والعبادة التي لا تليق إلا بالله وحده.

 

‏3- ثم إن لإكرام الأيقونات منافع جزيلة. فالصور ظاهرة إنسانيّة نذكر من خلالها نعم الله علينا، وهي بمنزلة كتاب للعامة تمدّ إليهم أسرار الله وإحساناته وحضوره، وتحرض على اقتفاء سير القدّيسين.

 

 

‏أمضى القديس يوحنا ثلاثين سنة من عمره في الدير. ولعله لم يعد إلى دمشق خلال ذلك إلا مرة واحدة. كان رقاده بسلام في الرب، في شيخوخة مخصبة بالصالحات، عام 749. وفي عام 1890 أعلنه البابا لاون الثالث عشر معلمًا للكنيسة الجامعة.

 

جمع في نفسه، على نحو متناغم، قداسة الراهب وعمق اللاهوتي وغيرة الرسول وإلهام المنشد وموهبة الموسيقى. ومن صلواته: "أنت يارب هيأت خلقي ووجودي ببركة الروح القدس، أنت تبنيتني فأخرجتني إلى النور.. غذيتني بالحليب الروحي، أي تعاليمك الإلهية، وبالغذاء المقدس الذي هو جسد ربنا يسوع المسيح. خفف يا رب حمل خطاياي الثقيل، طهر عقلي وقلبي، قدني في الطريق القويم، وكن لي مصباحًا مضيئًا".